في أواخر آذار/ مارس الماضي، رأت وكالة الأدوية الأوروبية أن مخاطر دواء "دونانيماب" (Donanemab) تتجاوز فوائده، إذ يمكن أن يبطئ تطور مرض الزهايمر في مراحله المبكرة، لكنه في المقابل يرفع من احتمال الإصابة بتورم في الدماغ ونزيف قد يكون مميتًا.
ولكن أعلنت وكالة الأدوية الأوروبية عبر موقعها الإلكتروني، يوم الجمعة، أنه يمكن إعطاء دواء "دونانيماب" لمجموعة فرعية محددة من مرضى الزهايمر، شرط أن يكون ذلك في مراكز خاضعة لرقابة صارمة.
دواء "دونانيماب"، الذي تسوّقه شركة "إيلي ليلي" تحت الاسم التجاري "كيسونلا"، هو جسم مضاد أحادي النسيلة يُعطى من خلال الحقن الوريدي مرة واحدة شهريًا. وقد حصل الدواء على موافقة في كل من المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، اليابان، والصين.
في إحدى التجارب السريرية، ساهم دواء "كيسونلا" في إبطاء أعراض الخرف بنسبة وصلت إلى 35 في المائة خلال فترة امتدت لـ18 شهرًا. إلا أن ثلاثة أشخاص توفوا بسبب مضاعفات خطيرة ظهرت في صور الأشعة المرتبطة بالأميلويد (ARIA)، وهو أحد الآثار الجانبية الشائعة للدواء، وقد يؤدي إلى تورم أو نزيف في الدماغ.
وكان اثنان من بين هؤلاء المرضى يحملان نوعًا من الجينات يزيد من خطر الإصابة بمرض الزهايمر، ما دفع شركة "إيلي ليلي" إلى اقتراح حصر تقديم الدواء بالأشخاص الذين لا يحملون هذا الجين.
وفي آذار/ مارس، أشارت لجنة الوكالة الأوروبية للأدوية (EMA) إلى أن الأشخاص الذين لا يحملون هذا الجين لا يزالون معرّضين لخطر الإصابة بمضاعفات قاتلة ناجمة عن ARIA.
ويوم الجمعة، أعلنت وكالة الأدوية الأوروبية أنه يمكن إعطاء الدواء لمرضى الزهايمر في مراحله المبكرة ممّن لديهم نسخة واحدة على الأكثر من الجين المعني، وذلك ضمن برنامج خاضع للمراقبة، تشرف عليه فرق طبية مدرّبة على اكتشاف وعلاج مضاعفات ARIA. وأوصت الوكالة بأن يبدأ المرضى العلاج بجرعة منخفضة.
وأكدت الوكالة الأوروبية للأدوية أنه مع اعتماد هذه التدابير، توصّلت مجموعتها الاستشارية إلى أن فوائد دواء "كيسونلا" تفوق مخاطره لدى المرضى غير الحاملين للجين المعني، وكذلك أولئك الذين يحملون نسخة واحدة فقط منه.
ويُشار إلى أن المفوضية الأوروبية تملك القرار النهائي في ما يتعلق بالموافقة على أي دواء أو لقاح جديد، إلا أنها غالبًا ما تعتمد توصيات الوكالة الأوروبية للأدوية.
ولهذا السبب، طلبت شركة "إيلي ليلي" من وكالة الأدوية الأوروبية إعادة النظر في موقفها السلبي من دواء "كيسونلا"، مجادلةً بأن مرض الزهايمر غالبًا ما يكون مؤقتًا ولا يؤدي إلى ظهور أعراض لدى معظم الحالات.
كما عبّرت جمعيات معنية بمرض الزهايمر عن خيبة أملها من القرار الأولي. من ضمنها منظمة "ألزهايمر أوروبا" التي شدّدت على أن سلامة المرضى تظل أولوية، لكنها رأت أن وضع قواعد صارمة لوصف الدواء ومراقبة آثاره يمكن أن يضمن حصول المرضى على العلاج الجديد، مع حماية الفئات الأكثر عرضة للآثار الجانبية الخطيرة.
وتجدر الإشارة إلى أن الوكالة الأوروبية للأدوية والمفوضية الأوروبية منحتا مؤخرًا الضوء الأخضر لعقار آخر مخصّص لعلاج الزهايمر، وهو "ليكيمبي"، رغم أنه يسبب آثارًا جانبية مماثلة لدى الأشخاص الذين يحملون الجين ذاته.
وفي سياق مماثل، كانت وكالة الأدوية الأوروبية قد رفضت في البداية عقار "ليكيمبي"، لكنها لاحقًا أوصت بالموافقة على استخدامه لدى الأشخاص الذين يحملون نسخة واحدة فقط من الجين أو لا يحملونه إطلاقًا، ليصبح بذلك أول دواء من نوعه يُرخّص له في الاتحاد الأوروبي.
ومن المرتقب أن تصدر المفوضية الأوروبية قرارها النهائي بشأن دواء "كيسونلا" خلال الأشهر المقبلة.