آخر الأخبار

ليلة أضاءت الفوانيس الكهربائية الشوارع لأول مرة في التاريخ!

شارك

شهدت مدينة سان بطرسبورغ حدثين هامين في شهر سبتمبر في عامين مختلفين في حقبة الإمبراطورية الروسية. الأول، كان إنجازا غير مسبوق على مستوى العالم وجرى في 23 سبتمبر 1873.

الحدث الثاني جرى في 29 سبتمبر 1907 وتمثل في انطلاق أول ترام كهربائي في المدينة. عربة الترام الأولى في روسيا بدأت حينها في التحرك بشكل منتظم من "فاسيلوستروفسكي"، وهو مجمع مبان كان شيد أوائل القرن العشرين في إطار المرحلة الأولى من نظام الترام الكهربائي في سان بطرسبورغ.

عربة الترام الروسية الأولى كانت عبارة عن منصة شبه مفتوحة بها قسمان لفئتين من الركاب، الأولى والثانية. في العربة كانت توجد مقاعد على الجانبين تستوعب 12 شخصا.

بعد انطلاق حركة المرور ونقل الركاب في خط الترام الأول، بدأ هذا النوع من وسائل المواصلات في الانتشار في أنحاء شوارع سان بطرسبورغ.

تضاعفت بالتدريج خطوط شبكة الترام في المدينة وبحلول عام 1914 أصبح الترام وسيلة النقل الأكثر انتشارا وراحة ورخصا.

مصدر الصورة

منطقة مجمع "فاسيلوستروفسكي"، التي انطلق منها الترام الأول، تغير اسمها في عام 1926 وأصبحت تدعى "ألكسندر ليونوف"، وفي تسعينيات القرن العشرين أطلق عليها اسم "رقم 2".

الحدث الأبرز جرى في 23 سبتمبر 1873، حين أضاءت أول فوانيس كهربائية في العالم "شارع أوديسكايا" في مدينة سان بطرسبورغ. حلت هذه الفوانيس محل مصابيح الكيروسين المعتادة، وأصبحت بذلك علامة بارزة في تاريخ الهندسة الكهربائية وإضاءة المدن على المستوى العالمي، واعتبرت أيضا بداية حقبة جديدة من التحضر والتقدم التكنولوجي.

قبل ظهور الفوانيس الكهربائية، كانت شوارع سان بطرسبرغ، مثل معظم المدن في أوروبا والعالم، تُضاء باستخدام مصابيح الكيروسين والغاز.

هذا النوع من الإضاءة كان يتسم بعدد من العيوب، حيث تتطلب مصابيح الكيروسين صيانة مستمرة، وهي قابلة للاحتراق ولم توفر إضاءة قوية مناسبة. جاءت بعدها فوانيس الغاز وكانت خطوة إلى الأمام، إلا أنها لم تكن على مستوى الإضاءة الكهربائية.

عصر استخدام الكهرباء للإضاءة بدأ يزداد زخمه نهاية القرن التاسع عشر بفضل نشاطات علماء ومهندسين مثل توماس أديسون، الذي طرح مصباحه الوهاج الشهير في عام 1879.

لكن الخطوات الأولى في طريق استخدام الإضاءة الكهربائية قطعت قبل ذلك. وقد أصبحت روسيا، ولا سيما مدينة سان بطرسبرغ، واحدة من مدن العالم الرائدة في هذا المجال.

مصدر الصورة

رُكبت أول أضواء كهربائية في سان بطرسبرغ في عام 1873 على أراضي الإمبراطورية الروسية. فكرة الإضاءة الكهربائية يعود الفضل فيها إلى المهندس الروسي بافيل يابلوشكوف، الذي قدم مساهمة كبيرة في تطوير الهندسة الكهربائية واشتهر فيما بعد باختراع "شمعة يابلوشكوف" أو مصباح القوس. مع ذلك جرى في سبتمبر 1873 استخدام وسائل أخرى للإضاءة، مصابيح صُنعت باستخدام تقنيات ذلك الوقت، شُغلت بواسطة مولدات كهربائية لإضاءة الشوارع.

الإضاءة الكهربائية الدائمة أصبحت ممكنة بفضل أول مولد كهربائي في العالم يعتمد على دينامو متقدم. وفرت هذه المولدات إمدادات كهربائية ثابتة، ما سمح لأضواء الشوارع بالتوهج بضوء ساطع وثابت.

على عكس مصابيح الكيروسين، لم تتطلب الفوانيس الكهربائية مراقبة مستمرة، وكانت أكثر أمانا ويمكن أن تضيء الشوارع بكفاءة أكبر.

يشار إلى أن الاستخدام الواسع النطاق للكهرباء في إنارة الشوارع بدأ في جميع أنحاء العالم بعد سنوات قليلة من تجربة إنارة الشوارع في سانت بطرسبرغ. المصابيح الكهربائية على سبيل المثال لم تظهر في أوروبا إلا بعد أربع سنوات. أضاءت هذه المصابيح متاجر اللوفر في باريس ثم ساحة دار الأوبرا.

بعد بضعة عقود من إضاءة الشوارع الأولى في سان بطرسبورغ، أصبحت الإضاءة الكهربائية هي القاعدة لجميع المدن الرئيسة في أوروبا وأمريكا. بحلول نهاية القرن التاسع عشر، كانت سان بطرسبورغ ولندن وباريس ونيويورك تستخدم الفوانيس الكهربائية بصورة رئيسة في عملية إنارة الشوارع والأماكن العامة.

وصف شهود عيان ما جرى في ذلك الحدث التاريخي على النحو التالي: "فجأة وسط الظلام، وجدنا أنفسنا في شارع مضاء بنور ساطع. في الشارع، استُبدلت مصابيح الكيروسين بمصابيح متوهجة، تُصدر ضوءا أبيض ساطعا. أُعجب الحشد بهذه النار السماوية. نور بلا نار، كما أسماها سكان سانت بطرسبرغ على الفور ببهجة ودهشة".

هذا الحدث الأول في مجال إنارة الشوارع بفوانيس كهربائية يظهر أن روسيا كانت في طليعة الابتكار التكنولوجي وأنها قدمت مساهمات هامة في التاريخ العالمي للهندسة الكهربائية.

الآن بعد مرور 152 على الحدث، تبقى الكهرباء وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها في الحياة اليومية، وتظل فوانيس سان بطرسبرغ، الأولى في التاريخ.

المصدر: RT

شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار