آخر الأخبار

حزب الله يلوح بـ"مواجهة كربلائية".. هل يمهد لحرب جديدة؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

حزب الله يجدد رفضه تسليم السلاح ويوجه انتقادات لاذعة للحكومة

بينما كان لبنان غارقًا في أزماته الاقتصادية والسياسية، عاد ملف السلاح ليشعل النقاش من جديد، وهذه المرة عبر تهديد صريح من حزب الله بما وصفه بـ"مواجهة كربلائية".

مشهد متداخل يربط الداخل اللبناني بتجاذبات الخارج، ويضع البلاد على خط تماس دائم بين خطاب الدولة وخطاب المقاومة، وبين مصالح واشنطن ورهانات طهران.

صورة على صخرة الروشة.. أم صفعة للدولة؟

إضاءة صورة الأمين العام الراحل لحزب الله حسن نصر الله على صخرة الروشة شكّلت رمزًا لافتًا. بالنسبة للبعض، خطوة عاطفية في ذكرى اغتياله، لكن بالنسبة لمعارضي الحزب كانت "صفعة" مباشرة لهيبة الدولة.

التوقيت كان لافتًا: بالتوازي مع تصعيد خطاب نعيم قاسم، نائب الأمين العام للحزب، الذي رفض بشكل قاطع أي نقاش حول نزع السلاح، واعتبر أن أي مشروع في هذا الاتجاه "تلبية لمطلب إسرائيلي".

هذه الإشارات تعيد إنتاج سؤال مركزي: من يملك قرار الحرب والسلم في لبنان؟ هل هي الدولة التي تدعو إلى الوحدة تحت سقف المؤسسات، أم الحزب الذي يصر على تكريس نفسه حاميًا وحيدًا في مواجهة إسرائيل؟

لاريجاني في بيروت.. إيران تُجدّد أوراقها

زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، إلى بيروت لم تمر مرور الكرام.

من العاصمة اللبنانية، أطلق اتهامات مباشرة للولايات المتحدة بالسعي إلى بث الفرقة بين اللبنانيين. لكن السؤال المضاد برز سريعًا: إذا كان الأميركيون يتهمون بالتفرقة، فماذا عن السياسات الإيرانية نفسها؟

المفارقة أن لاريجاني تحدث وكأنه صاحب وصاية، رافضًا أي "هيمنة أمريكية على لبنان"، ومؤكدًا دعم طهران الكامل للحزب. لقاءاته مع رئيس البرلمان اللبناني، ثم مع نعيم قاسم، حملت رسالة واضحة: الدعم الإيراني ليس فقط سياسياً، بل ماليًا وعسكريًا ومعنويًا، وبناءً على توجيهات مباشرة من المرشد علي خامنئي.

وهنا يظهر التوتر بين خطاب "الدعم" وخطاب "التبعية". الباحث السياسي فيصل عبد الساتر حاول تبديد هذا الالتباس بالقول: "السلاح إيراني والدعم إيراني والمال إيراني، لكن القرار لبناني، ويمارسه حزب الله باستقلالية".

بين الواقع والتبرير

في حديثه إلى برنامج "التاسعة" على سكاي نيوز عربية، دافع عبد الساتر بقوة عن استقلالية حزب الله في قراراته، رافضًا الربط المباشر بين أي زيارة إيرانية وقرارات الميدان.

بالنسبة له، تصريحات لاريجاني أو أي مسؤول أجنبي أمر طبيعي، طالما أن الأميركيين وغيرهم يتحدثون من لبنان، فمن حق الإيرانيين أن يفعلوا الشيء نفسه.

لكن كلامه انطوى على مفارقة: الاعتراف بأن السلاح والمال والدعم إيراني، مع نفي أن يكون القرار كذلك. توازن صعب يحاول عبد الساتر رسمه بين إثبات ولاء المقاومة لـ"المصلحة اللبنانية" من جهة، ونفي اتهامات التبعية المطلقة لطهران من جهة أخرى.

معركة السلاح

أكثر النقاط حساسية كانت في تمييز عبد الساتر بين "حصرية السلاح" و"نزع السلاح". فالأولى تعني التفاهم بين الدولة والحزب حول طبيعة وظيفة السلاح، أما الثانية فهي مطلب إسرائيلي صريح.

بلهجة حادة قال: "حتى لو طالب رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو أي زعيم عربي بنزع السلاح، فهو ينفذ أمرًا إسرائيليًا". بالنسبة لبيئة حزب الله، هذا الأمر لا لبس فيه: نزع السلاح يساوي خيانة، ويستدعي المواجهة.

وبذلك، يقطع الحزب الطريق على أي مبادرة داخلية لإعادة السلاح إلى الدولة، متمسكًا بمعادلة الردع مع إسرائيل كذريعة لاستمراره في حمله.

إسرائيل على الخط

الحديث عن "مواجهة كربلائية" جاء متزامنًا مع تصريحات المبعوث الأميركي، الذي بدا وكأنه ينطق بلسان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. فبحسب ما نقل، قال إن نتنياهو "سيتكفل بإنهاء المهمة"، وأن الحدود اللبنانية ليست سوى "عملة تفاوضية" على مسرح الخرائط الجديدة.

تصريحات كهذه عززت شكوك الحزب وحلفائه في نوايا واشنطن. عبد الساتر ذهب أبعد من ذلك، متسائلًا: "هل وظيفة المبعوث الأميركي أن يفسر لنا ما يجول في رأس نتنياهو، أم أن يمارس وساطة حقيقية؟".

هنا يتضح المأزق: لبنان بين خطاب أميركي أقرب إلى التهديد، وخطاب إيراني يقدّم نفسه داعمًا، وخطاب داخلي عاجز عن صياغة رؤية موحّدة.

الاقتصاد كبندقية إضافية

لم يغب الملف الاقتصادي عن النقاش. عبد الساتر حمّل السياسات الحريرية منذ التسعينات مسؤولية الانهيار الحالي، معتبرًا أن الأزمة لا علاقة لها بسلاح حزب الله، بل بالديون والهندسات المالية، ثم بالحصار الأميركي بعد احتجاجات 2019.

بالنسبة له، تحميل الحزب مسؤولية انهيار الاقتصاد "اتهام سياسي"، بينما الواقع أن واشنطن فرضت عزلة خانقة، منعت الغاز والكهرباء، وحمت حاكم مصرف لبنان السابق. صورة على صخرة الروشة اعتُبرت في الإعلام "كسرت هيبة الدولة"، لكن عبد الساتر يرد: "هيبة الدولة تُكسر بالانتهاكات الإسرائيلية اليومية، لا بصورة مضاءة على صخرة".

حرب لم تنتهِ بعد

رغم اتفاقات معلنة في السنوات الأخيرة، يصرّ عبد الساتر أن "الحرب لم تنتهِ"، بل هي قائمة من طرف واحد، تقودها إسرائيل بعمليات عسكرية في غزة، واعتداءات بحرية في البحر الأحمر، وحتى استهداف سفن غاز باكستانية. بالنسبة له، إسرائيل لا تحتاج إلى ذريعة لتبرير اعتداءاتها، ومن يحمّل حزب الله المسؤولية إنما يتجاهل عدوانًا مستمرًا.

المعادلة التي يرسمها الحزب واضحة: سلاحه ليس مشروعًا داخليًا قابلًا للنقاش، بل خط دفاع أول ضد إسرائيل. أي محاولة للمساس به تعني السير نحو مواجهة.

على مفترق طرق

المشهد اللبناني اليوم معلّق بين 3 خطوط:


* خطاب الدولة الداعي للوحدة تحت سقف المؤسسات.
* خطاب المقاومة الذي يتمسك بالسلاح باعتباره خطًا أحمر.
* خطاب الخارج المتوزع بين واشنطن المنحازة لإسرائيل وطهران الداعمة للحزب.

في هذا التشابك، تصبح أي إشارة إلى "مواجهة كربلائية" أكثر من مجرد بلاغة سياسية، بل تهديدًا واقعيًا قد يفتح الباب أمام حرب جديدة مع إسرائيل.

ويبقى السؤال مفتوحًا: هل ما يجري مجرد تصعيد كلامي لتحسين شروط التفاوض، أم أننا أمام بداية فصل جديد من المواجهة الإقليمية على الأرض اللبنانية؟

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا