في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بعد سنوات من الحرب المدمرة، تتجه سوريا نحو مرحلة جديدة من إعادة البناء والتنمية المستدامة. في هذا السياق، جاء إطلاق "صندوق التنمية السوري" كمبادرة وطنية لتوحيد الجهود المحلية والدولية لإعادة بناء البنية التحتية، ودعم العائدين، ووضع الأسس لمستقبل مزدهر.
في 4 سبتمبر/أيلول 2025، شهدت قلعة دمشق حدثا وُصف بالتاريخي مع الإعلان عن تأسيس "صندوق التنمية السوري"، وهو كيان وطني سيادي ومالي أُنشئ بموجب المرسوم الرئاسي رقم 112 لعام 2025.
ويهدف الصندوق إلى جمع الموارد المادية والبشرية لدعم إعادة البناء والتنمية المستدامة.
وحضر الإعلان الرئيس أحمد الشرع إلى جانب رجال أعمال ومسؤولين وأكاديميين، وسط متابعة جماهيرية واسعة عبر شاشات عملاقة في مختلف المحافظات.
وفي خطوة رمزية، خُصصت عائدات مزاد علني لبيع سيارات فارهة بقيمة 20 مليون دولار لدعم أهداف الصندوق.
وقال الرئيس الشرع في كلمته "اليوم نقف على أعتاب مرحلة جديدة، مرحلة البناء والإعمار التي نكتب فيها تاريخ سوريا الجديد بأيدينا وجهدنا. النظام السابق دمّر اقتصادنا ونهب ثرواتنا وحطّم بيوتنا، لكننا نجتمع اليوم لنداوي جراح سوريا ونعيدها أقوى بسواعد أبنائها، مع ضمان عودة النازحين والمهجرين إلى أرضهم".
وتعاني سوريا من تداعيات صراع طويل طال البنية التحتية والاقتصاد.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة والبنك الدولي إلى:
يقول عبيدة دندوش، مدير برامج الإغاثة في صندوق التنمية السوري، في حديث للجزيرة نت، إن "سوريا تواجه أكبر أزمة نزوح في العالم، مع ملايين المهاجرين واللاجئين، منهم كفاءات علمية ومهنية هائلة. وعودة مليون ونصف سوري منذ ديسمبر/كانون الأول 2024 تضيف ضغطا كبيرا على الخدمات الأساسية المتهالكة.
ويضيف "يهدف الصندوق إلى وضع خطط قصيرة وطويلة الأمد لاستيعاب هذه العودة وتوفير بيئة تنموية مستدامة".
وقد حقق الصندوق استجابة لافتة من رجال الأعمال السوريين في الداخل والخارج، حيث تجاوزت التبرعات الأولية 60 مليون دولار خلال ساعات من الإطلاق، مع توقعات باستمرار تدفق المساهمات خلال الفترة المقبلة.
يؤكد محمد صفوت رسلان، المدير العام لصندوق التنمية السوري، في تصريح للجزيرة نت، أن "هذا التمويل ليس سوى البداية. نحن نراهن على التمويل الوطني من الحكومة والأفراد والمؤسسات".
ويضيف "الصندوق ليس مبادرة إسعافية، بل مشروع طويل الأمد يستهدف التنمية المستدامة، وربط السوريين في الخارج بمشاريع التعمير في الداخل. النجاح مرهون بالشفافية والحوكمة الرشيدة".
ويشدد رسلان على أن النجاح يقاس بالأثر المباشر، ويقول "المعيار الحقيقي هو أن يلمس المواطن تحسنا في الكهرباء والمياه والطرقات، وأن يجد فرصة عمل كريمة".
ويضيف "نريد لهذا الصندوق أن يكون رمزا للشفافية ومحركا للنمو".
توزعت أولويات الصندوق على 4 مسارات رئيسية:
1- استعادة الاستقرار وإدارة العودة
2- إعادة تأهيل البنية التحتية
3- دعم القطاعات الحيوية
4- الاستثمار في الإنسان
ويعتبر محمد الفيصل، إعلامي سوري ومنسق في الصندوق، هذه المبادرة فرصة وطنية لإعادة الثقة بين الدولة والمجتمع.
ويقول في حديث للجزيرة نت "الصندوق منصة جامعة لكل السوريين، والأرقام الضخمة التي نعمل عليها قابلة للتحقيق بتعاون الجميع. نحن نتحدث عن إصلاح آلاف المدارس والمستشفيات، ومشاريع زراعية وصناعية تعيد سوريا إلى الخريطة الاقتصادية".
ويتفق القائمون على الصندوق على أن استعادة الثقة بين الدولة والمواطن هي العقبة الأبرز.
ويقول عبيدة دندوش مدير برامج الإغاثة في صندوق التنمية السوري "رهاننا الأساسي هو بناء الثقة عبر الشفافية وإشراك المجتمع المدني والقطاع الخاص في صُنع القرار والتنفيذ. فإعادة بناء سوريا تتطلب شراكة حقيقية بين الجميع".
وعلى الرغم من الحماس الوطني، يواجه الصندوق تحديات مثل نقص التمويل الدولي والاستقرار السياسي، مما يستدعي تعاونا واسعا.
ومع تقديرات إعادة البناء التي تصل إلى 800 مليار دولار، يرى الكثير من السوريين أن "صندوق التنمية السوري" يمثل اختبارا حقيقيا لقدرة السوريين على التعاون والالتزام بالمصلحة العامة عبر مواصلة التبرع له وتحقيق أكبر قدر من المساعدة للمتضررين.