آخر الأخبار

تمنوا لو كانوا أصحابها.. أجمل الروايات في عيون روائيين عرب عام 2025

شارك

لم تعد الرواية اليوم مجرد فعل قراءة، بل تحولت إلى مساحة تأمل، وسؤال مفتوح عن الإنسان وهمومه وأسئلته الحياتية. وسألت الجزيرة نت عددا من الروائيين والروائيات: ما العمل الروائي الذي قرأتموه في 2025 وشعرتم بانجذاب نحوه إلى التمني أن تكونوا أصحاب هذا النص؟

وكشفت إجاباتهم عن ذائقة أدبية متنوعة، من السرد إلى اللغة، العمق الإنساني، إضافة إلى طبيعة العلاقة بين شخصيات العمل وجذورها النفسية.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 "أعيدوا النظر في تلك المقبرة".. رحلة شعرية بين سراديب الموت والحياة
* list 2 of 2 رواية "مقعد أخير في الحافلة" لأسامة زيد: هشاشة الإنسان أمام مآسي الواقع end of list

هنا مجموعة من الروائيين، تتنوع جغرافيتهم، لكنهم ينتمون إلى الكتابة التي تصنع عالما واحدا، عالم يسلط الضوء على الهامش من الحياة، يبرزه، ويدعو إلى الكتابة كأسلوب نجاة.

وتمنى هؤلاء الروائيون أن تكون هذه الأعمال لهم، لأنها لم تحقق لهم المتعة فقط، بل ذهبت إلى ملامسة جوهر تجاربهم الإنسانية.

التقاط تفاصيل غير مرئية

في البداية، ترى الروائية المصرية نورا ناجي أن رواية "في نهاية الزمان" للكاتب عادل عصمت كانت من أكثر الأعمال التي أثرت فيها خلال عام 2025، لما تحمله كتاباته من عمق نفسي لافت، وبناء مدهش للشخصيات، وتأمل شديد في دوافعها.

وتقول إن قوة أعمال عادل عصمت تكمن في قدرته على التقاط التفاصيل الصغيرة جدًا، تلك التي قد تبدو عابرة أو غير مرئية، لكنها قادرة على إحداث تحولات مصيرية في حياة الشخصيات. تفاصيل دقيقة، لكنها كفيلة بإعادة تشكيل المصير، وهو ما يمنح نصوصه ثقلها الإنساني وفرادتها.

مصدر الصورة رواية "في نهاية الزمان" من أكثر الأعمال التي أثرت في الروائية المصرية نورا ناجي خلال عام 2025 (الجزيرة)

لعبة بناء ذكية

في المقابل، اختارت الروائية المصرية دينا شحاتة رواية "أصل الأنواع" للكاتب أحمد عبد اللطيف، معتبرة إياها واحدة من أفضل ما قرأت في 2025، ليس لسبب واحد، بل لجملة من العناصر التي تجعلها رواية بديعة.

وتضيف: الرواية طبقًا لترتيب حروف الأبجدية في اللغة العربية قديمًا: "أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ"، ولأن اللغة تنهار أيضا مع فقدان الأصابع والشعر والرغبة والمشاعر، فيلي ذلك التقسيم فصول بالأرقام، ولأن "أبجد هوز حطي كلمن" جزء من نظام حساب الجُمل الذي عرفه العرب قديمًا، وهذا الحساب يجعل لكل حرف من الحروف الأبجدية عددا من الواحد إلى الألف على ترتيب خاص، لذا يتبع التقسيم ذلك الأمر من "1 إلى 10" ثم يضاعف "20 إلى 100" ثم يضاعف "200، 300، 400" وبالتوازي مع ذلك التقسيم لفصول الرواية، يرادفه تقسيم لأسبوع الآلام، بداية من أحد الزعف حتى أحد القيامة.

إعلان

وتؤكد دينا شحاتة على براعة تقسيم فصول رواية "أصل الأنواع" الذي يحمل 3 هويات دينية، وتلفت ترتيب الفصول بتلك الأبجدية وهي في الأساس أبجدية عبرية، وأسبوع الآلام في المسيحية، وإن قلنا إن العرب عُرفوا باستخدام حساب الجمل قبل الإسلام واستمروا فيه لما بعده، بل استخدموه في تأريخ بناء الأبنية، مثلا إن كان هناك مسجد بني عام 1250 للهجرة، يصمم المهندس أو الشاعر جملة تتوافق مع تاريخ بناء المسجد وفقًا لحساب الجمل، ونرى ما في ذلك من دلالة في المقابر الأثرية الإسلامية في القاهرة.

مصدر الصورة الروائية المصرية دينا شحاتة اعتبرت رواية "أصل الأنواع" واحدة من أفضل ما قرأت في 2025 (الجزيرة)

وتشير إلى أن هناك أشياء كثيرة تستحق الإعجاب في الرواية منها اللغة. وهنا توضح: يأتي هدم المدينة وتخريبها بدعوى التطوير مرادفا حرفيا لهدم ساكنيها كنوع من التطوير، غضب الموتى وسيرهم بين الأحياء وتحول الأحياء لروبوتات بلا مشاعر، هنا كيف تكون اللغة؟ متدفقة، براو عليم فيلسوف شديد القرب، يتحدث بلسان الشخصيات كأنهم جيرانه أو أصدقائه القدامى، يقول مثلا "كما أنهم في معظم الأحيان أبناء طبقة فقيرة مثل أغلبنا"، " نشعر بالبرد"،" ثمة حزن ينتابنا".

وتستدرك "لا أركز غالبا على صوت الراوي العليم، لكن انتبهت له في هذه الرواية، وأحببت لغته وقربه. وبالحديث عن تدفق اللغة غابت معها علامات الترقيم إلا من فاصلة كآخر علامة في الرواية. وكأن كل ما جاء في الرواية لم يكن سوى جملة واحدة، نهر كبير، غرقت فيه المدينة القديمة وصُلب فيها رام الذي يحمل جوامعها ومقابرها في عينيه، لتبقي هناك مساحة ربما لجملة أخرى.. رواية أخرى، عن مدينة جديدة لا نعرفها".

إنذار أخلاقي

من جانبها، ترى الروائية التونسية نجاة إدهان أن اختيار الأفضل أمر صعب، لكن تظل رواية "العمى" للبرتغالي جوزيه ساراماغو العمل الذي يعود كلما عاد العالم إلى فوضاه الأولى.

وتضيف: "قرأتها لأول مرة عام 2009، ثم بت أعيد قراءتها كلما عاش العالم حالة من الفوضى كشفت حقيقة ما يسكن عقول الناس، ولأن سنة 2025 لم تجد هي الأخرى سبيلها إلى السلام والطمأنينة والأمان أعدت مطالعة "العمى". الرواية ليست مبشرة بعوالم جميلة، فإنها بدقة وصفها وشخصياتها التي لم تمنح اسما دون أن تتداخل، وبمتانة بنائها وقوة فكرتها كانت رواية آسرة بالنسبة إلي".

وتتابع: "إنها رواية لا يمكن أن تمر مجانبة أو تُنسى بمجرد الفراغ منها لأنها نجحت في تفصيل فظاعات البشر تفصيلا مفزعا، حتى أنني كلما قرأتها لعنت توحش البشر وتمنيت لو تُدرج هذه الرواية في كل مدارس العالم".

تضيف: "أربكتني هذه الرواية في قراءتها الأولى، ثم جعلتني أفكر فيما يمكن أن يكون إذا ما عاش العالم وباء كالذي في "العمى". عام 2020، أعلنت تونس رسميا خبر بداية ظهور وباء كورونا، وبدأ الفزع يتجلى. لم تكن كارثة يحق فيها التضامن، كانت خطرا يهدد الجميع بلا استثناء، تماما كما في الرواية. بانتشار الوباء، أصبح الموت معركة فردية، وصار على كل واحد أن ينجو بنفسه وتجلت فظاعات كثيرة من بينها رفض أن يدفن الموتى الذين أصيبوا بالكورونا في المقابر".

مصدر الصورة الروائية التونسية نجاة إدهان أعادت قراءة رواية "العمى" لما رأته من عودة العالم إلى فوضاه الأولى (الجزيرة)

وتربط نجاة بين أحداث الرواية وما عاشه العالم خلال جائحة كورونا، وكيف أن الكثير من الناس كانوا صورا "وفية" لشخصيات الرواية وإن تنوعت السلوكات. وتستطرد: عدت إلى قراءتها في ذلك الحين، وأنا مسكونة بسؤال واحد: كيف يمكن أن يكون المبدع رائيا بهذه الدقة؟ لاحقا، كانت الحرب على غزة وكان "العمى الأبيض" مرة أخرى، العمى عن الحق، وتردد في ذهني قول زوجة الطبيب، في خاتمة الرواية: (لا أعتقد أننا عمينا، بل أعتقد أننا عميان، عميان يرون، بشر عميان يستطيعون أن يروا، لكنهم لا يرون)".

إعلان

وتختم نجاة إدهان "في 2025، أعدت قراءة العمى لكثير من الأسباب، من أهمها تضخم أزمة القيم في بلدي والعمى عن كل ما يدفعنا بسرعة مجنونة إلى القاع".

مفتاح الدهشة

بالنسبة للروائي اليمني الغربي عمران، يرى أن دهشة القراءة لا يمكن اختزالها في عمل واحد، فكل رواية تحمل عالمها الخاص. ويشير إلى رواية "متاهة مريم" لمنصورة عز الدين، بما تتميز به من أسلوب سلس، ولغة قريبة من النفس، والخيال الواسع.

مصدر الصورة الروائي اليمني الغربي عمران يرى أن رواية "متاهة مريم" تتميز بأسلوب سلس ولغة قريبة من النفس (الجزيرة)

كما يتوقف عند رواية "هند أو أجمل امرأة في العالم" لهدى بركات التي غاصت بجرأة في متاهات الروح البشرية، وقدمت رؤية نادرة لمعاناة الجسد وتحولاته، وكيف يرى المريض العالم ومن حوله. وأيضا ما يعتمل في أعماقه.

مصدر الصورة رواية "حدث في شارعي المفضل" تأليف محمد الفخراني (الجزيرة)

حين تغني فيروز "أسامينا"

ووقع اختيار الروائية اللبنانية عزة طويل على رواية من خارج العالم العربي، وهي "الأسماء" للكاتبة البريطانية فلورانس ناب، بوصفها أجمل ما قرأت هذا العام. وهي تجلب إلى رأسها مباشرة أغنية فيروز "أسامينا" ويجعلها تفكر، كيف يُعقل أن هذه الرواية لم تكتب من قبل، بالعربية تحديدا؟

تنطلق الرواية من فكرة بسيطة عن ارتباط الأسماء بالقدر، عما تكتبه لنا أسماؤنا، وعن ذاك السؤال "ماذا لو"؟، وتستطرد: فكرة الرواية بسيطة للغاية، لكننا جميعنا فكرنا فيها يوما، فمن لم يفكر إن كان مصيره سيختلف لو اختلف اسمه؟

الروائية اللبنانية عزة طويل تصف رواية "الأسماء" للكاتبة البريطانية فلورانس ناب بأجمل ما قرأت هذا العام (الجزيرة)

وتلفت طويل إلى أن هذه الرواية هي الأولى للكاتبة فلورانس ناب صاحبة اللغة السلسة والصادقة والمؤثرة، ومن المؤكد أنها من أفضل الروايات التي قرأتُها هذا العام، ليس بسبب فكرتها فحسب، ولا لغتها، بل لأنها تجمع بين حساسية أدبية عالية وعمقٍ نابع من البساطة، و"أنتظر بشغف صدورها بالعربية قريباً، بترجمة جميلة وحساسة لنورا ناجي".

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار