كتب ابراهيم حيدر في" النهار": مع المهلة الأميركية للبنان، أو الفرصة المتاحة لشهرين لإنجاز الدولة خطتها لحصر السلاح، تشتد الضغوط
الإسرائيلية . تريد واشنطن توظيف الفرصة أولًا للانتهاء من جنوب الليطاني، ثم احتواء السلاح في شماله لإنهاء نفوذ "
حزب الله ". وبالتوازي، يأتي التفاوض في لجنة الميكانيزم ليفتح مسارات جديدة تسعى واشنطن من خلالها إلى التوصل إلى اتفاق بين
لبنان وإسرائيل يحسم مسألة الحدود وفق رؤية منطقة اقتصادية، مع ترتيبات أمنية تؤمن لإسرائيل حماية مستوطناتها الشمالية. "حزب الله" بات شبه مقتنع بأنه لا يستطيع المناورة في جنوب الليطاني، ولم يعد في إمكانه استخدام سلاحه أو توظيفه في المنطقة.
في الواقع، بات "حزب الله" خارج منطقة جنوب الليطاني، على الرغم من الترويج
الإسرائيلي وزعمه أنه يعيد بناء قوته. لكن الوقائع تشير إلى أن الجيش اللبناني يتولى المسؤولية فيها، وهو يتحضر لإعلان انتهاء المرحلة الأولى من حصر السلاح جنوبًا.
وانطلاقًا من ذلك، تتحضر الدولة لإعلان مجموعة استحقاقات مرتبطة باتفاق وقف النار، أولًا للتأكيد أمام
الأميركيين أنها تتقدم في تنفيذ خطتها لسحب السلاح التزامًا بالتعهدات التي قطعتها، وبالرهان على أن
الولايات المتحدة ستضغط على
إسرائيل للانسحاب تماهيًا مع التفاوض في الميكانيزم، وثانيًا لتجنب أي حرب إسرائيلية وسحب الذرائع من أمام الاحتلال.
هذه التطورات لا تعني إلغاء احتمالات الحرب الإسرائيلية، إذ إن الأميركيين لا يرفضونها بالمطلق، لكنهم يستمهلون بما يتناسب مع خطتهم للمنطقة، ولا سيما بين
سوريا ولبنان وإسرائيل. وتُحاط المفاوضات المرتبطة بهذه الملفات بتكتم، وتكشف عملية التفاوض الخلل في موازين القوى، واستمرار التهديدات الإسرائيلية بالحرب. إذ إن الوجهة المقبلة التي بدأت تتكرس في الميكانيزم من خلال التفاوض، تقوم على أن يتولى الجيش مهمات التحقق، إضافة إلى الطلب الفرنسي من الجيش توثيق إجراءاته، وهو ما عكسه تقرير قائد الجيش في اجتماع باريس الرباعي. أصبح تجنب التصعيد الإسرائيلي عنوانًا للمرحلة المقبلة، أما "حزب الله"، فسيكون محرجًا أمام إعلان الجيش في جنوب الليطاني الانتهاء من عملية سحب السلاح، وهو يدرك أن المفاوضات بين لبنان وإسرائيل لن تتوقف عند الجانب الأمني، على الأقل وفق ما يخطط له الأميركيون لمستقبل المنطقة.
وكتب رضوان عقيل في" النهار": وضع لقاء باريس حجر الأساس لمؤتمر دعم الجيش اللبناني في شباط المقبل، حيث يتم التعويل عليه، ولا سيما أن فرنسا والسعودية تبذلان جهودًا كبيرة لتحصين المؤسسة العسكرية، إذ تنتظرها جملة من المهمات في الجنوب، وصولًا إلى الحدود مع سوريا. ومن أولى خلاصات اللقاء الذي عقد في باريس، تأكيد حيازة الجيش على «ثقة عالية» نتيجة ما تقوم به ألويته في الجنوب ومختلف المناطق، وصولًا إلى الحدود مع سوريا، برعاية خاصة من الرئيس جوزاف عون.وإلى جانب هذه الثقة، لا يتم إخفاء جملة من الحواجز أمام الجيش، إذ لا يمكن القفز فوقها، بحسب الدول المعنية، قبل تحقيق سحب سلاح «حزب الله» ليس في جنوب الليطاني فحسب، بل مع امتداد العملية في المرحلة الثانية إلى شمال النهر، وصولًا إلى بقية المناطق التي يملك الحزب سلاحًا فيها، وخصوصًا في البقاع.
وأمام هذه اللوحة العسكرية المعقدة، التي قد تعترضها أخطار أمنية، ومع كل هذا الدفع، «تبقى الأخطار عالية» في حال لم يتم، بحسب جهات ديبلوماسية، مواكبة سحب سلاح الحزب، ومن دون التفرج في الوقت نفسه على احتلال إسرائيل لمساحات في الجنوب، وعدم التسليم باعتداءاتها المفتوحة.
في غضون ذلك، تؤكد مصادر ديبلوماسية مواكبة أن الأمير بن فرحان أبدى استعداد المملكة لدعم الجيش وتطوير قدراته العسكرية واللوجستية، وأن يكون كل السلاح في لبنان تحت مظلته. وهذا المطلب لا يغيب عن أجندة السعوديين في أي مباحثات تتعلق بلبنان، وأصبح هذا المعطى من الثوابت لديهم. في غضون ذلك، يبقى رابط قائم بين اجتماع لجنة «الميكانيزم» في الناقورة والتحضير لمؤتمر دعم الجيش في شباط المقبل، سواء في باريس أو الرياض. إذ إن القيادتين في العاصمتين تدعمان المؤسسة العسكرية وتعولان عليها في قيامها بمهمات أكبر، وخصوصًا في الجنوب، في انتظار ما يمكن تحقيقه في المفاوضات المفتوحة وبإشراف مباشر من الأميركيين، حيث لا يمكن حصول أي تطور على الأرض، أو في ما يتعلق بدعم الجيش، من دون تدخل مباشر من إدارتهم.