آخر الأخبار

حزب الله يواكب ضرورات المرحلة: لا كشف لقواعد الاشتباك

شارك
كتب محمد برجاوي في" الاخبار": لا يمكن ات السلوك الراهن لحزب الله عن الإشارات السياسية التي صدرت مؤخراً عن قيادته. فقد قال الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إنّه «منذ اتفاق وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني 2024، أصبحنا في مرحلة جديدة تجبّ ما سبقها، وتفترض أداءً مختلفاً». هذه العبارة، بما تحمله من دلالة زمنية ومفهومية، لا تعبّر عن تبدّل في جوهر الصراع، بقدر ما تعكس إدراكاً واعياً لتغيّر شروط المرحلة وحدودها. فهي تؤشر إلى انتقال من منطق إدارة الاشتباك المفتوح إلى منطق إدارة ما بعد الاشتباك، حيث تُعاد صياغة أدوات الفعل وسقوفه وفق معطيات جديدة، من دون أن يعني ذلك تخلياً عن عناصر القوة أو عن قرار المقاومة بإعادة ترميم قدراتها.
من هذا المنظور، يصبح السؤال الحقيقي ليس: لماذا لم يرد الحزب فوراً؟ بل: لماذا يُفترض أصلاً أن يكون الرد الفوري هو الخيار العقلاني الوحيد؟ فاختيار التوقيت، وطبيعة الرد، ومكانه، كلها عناصر تدخل ضمن حسابات الردع والاستقرار، لا ضمن منطق الثأر أو الإشباع العاطفي. الامتناع عن الرد في لحظة معينة قد يكون جزءاً من إدارة الصراع، لا مؤشراً على العجز عن خوضه، ولا دليلاً على تغيّر في جوهر المشروع.
هنا تظهر بوضوح طبيعة الحسابات التي تحكم سلوك الحزب اليوم: الحفاظ على الغموض، عدم كشف قواعد الاشتباك، تجنّب العمل ضمن السيناريو الذي يرسمه الخصم، وعدم تحويل كل حادثة إلى نقطة لا عودة. هذه الضرورات تتقاطع مع قيود أخرى لا تقل أهمية، من بينها الواقع اللبناني الهش، والتشابك الإقليمي، واحتمالات توسع أي مواجهة إلى ما يتجاوز الساحة اللبنانية ، في لحظة إقليمية شديدة الحساسية والدقة.
إنّ قراءة سلوك حزب الله خارج هذه الشبكة من القيود تقود حتماً إلى استنتاجات مضلِّلة. فالفارق كبير بين منطق الجمهور، الذي تحكمه اللحظة والانفعال، ومنطق الفاعلين السياسيين والعسكريين، الذي تحكمه حسابات الاستمرارية وتوازن المخاطر. في هذا السياق، لا يعود ضبط النفس نقيضاً للقوة، بل أحد أشكال ممارستها الأكثر تعقيداً، حيث تُستخدم القدرة لا لإثبات الذات، بل للحفاظ على شروط الفعل في المستقبل .
لبنان ٢٤ المصدر: لبنان ٢٤
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا