يبدو
لبنان محاصَراً بين مسارين الاول يسعى إلى نزع فتيل التوتر عبر الدبلوماسية التي تقودها مصر وبعض الدول العربية، ومسار آخر يدفع باتجاه التصعيد العسكري بقيادة
إسرائيل وبعض الأصوات في
الولايات المتحدة . ومع ضيق هامش المناورة وتعدد الضغوط، تبدو الخيارات أمام الدولة
اللبنانية محدودة
وفي تصريح لافت من البيت الأبيض، أشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تطوّر في مقاربة بلاده للملف اللبناني، مؤكدًا أن هناك دولًا تبدي استعدادها للتدخل في مسألة التعامل مع
حزب الله . هذا الموقف، الذي جاء في سياق حديث غير رسمي مع الصحافيين، يعكس تصعيدًا سياسيًا محسوبًا ويعطي إشارة واضحة إلى أن ملف حزب الله لم يعد محصورًا داخل الساحة اللبنانية، بل أصبح جزءًا من نقاشات أوسع تتعلق بأمن المنطقة وترتيباتها المستقبلية. كلام ترامب تضمّن رسالة مزدوجة: فمن جهة يشير إلى أن التدخل الخارجي ليس مطروحا في اللحظة الراهنة، ومن جهة أخرى يلمّح إلى إمكانية حصوله لاحقًا إذا بقي الوضع على حاله.
وما بين التحذير وفتح باب الخيارات، تبدو واشنطن، بحسب مصادر سياسية، كأنها ترسم إطارا سياسيا جديدا للتعامل مع لبنان، بحيث يطلب من الدولة اللبنانية إعادة تثبيت سلطتها الكاملة وضبط السلاح خارج الشرعية، وإلّا فإن الملف قد ينتقل إلى مستويات إقليمية ودولية. وفي موازاة هذا الموقف، تحدّث ترامب عن “سلام عظيم في الشرق الأوسط”، معتبرًا أن المنطقة تشهد تحوّلاً غير مسبوق، وكأنّ هذه الرسائل تأتي، بحسب المصادر، ضمن مناخ سياسي أوسع تتداخل فيه ملفات النفوذ والأمن والاستقرار.
بهذه العبارات، يرفع الرئيس الأميركي سقف النقاش، ويضع لبنان أمام مرحلة جديدة عنوانها الفرصة الضيقة والخيارات المعقّدة.
وكانت نقلت القناة 12
الإسرائيلية عن مصادر قولها إن المستوى الأمني يضغط باتجاه شن عملية تستهدف حزب الله في لبنان بهدف منع انضمامه إلى مواجهة محتملة مع إيران. واكدت المصادر ألّا مفر من عملية لاستهداف حزب الله لمنعه من استعادة قدراته العسكرية
في المقابل، تعمل مصر على تخفيف التوتر في لبنان ومنع أي تصعيد عسكري إسرائيلي، ضمن مساعٍ دبلوماسية يقودها
وزير الخارجية المصري منذ زيارته لبيروت قبل أسبوعين، وستستكمل بزيارة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي الأسبوع المقبل.
وفي السياق عرض السفير المصري في لبنان علاء موسى على الرئيس جوزاف عون الجهود المصرية واتصالات القاهرة مع أطراف إقليمية ودولية، خصوصاً الولايات المتحدة، مؤكداً وجود مؤشرات إيجابية وبوادر انفراج رغم أن الطريق لا يزال طويلاً.
وشدد موسى على أن الهدف
الرئيسي هو تجنيب لبنان شبح الحرب واعطاء زخم للحوار وإيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف، مشيراً إلى أن استمرار العمل الدبلوماسي هو الخيار الوحيد في ظل التصعيد
الإسرائيلي .
وعلى صعيد آخر، أكد رئيس الجمهوريّة جوزاف عون أنّ "في المفهوم العسكريّ الصّرف، عندما يخوض أيّ جيشٍ معركةً ويصل فيها إلى طريقٍ مسدود، يتمّ بعد ذلك الاتّجاه إلى خيار التّفاوض"، متسائلًا: "هل لبنان قادرٌ بعد على تحمّل حربٍ جديدة؟ وما هي خياراتنا أمام عدوٍّ يحتلّ أرضنا ويستهدفنا كلّ يومٍ ولديه أسرى من أبنائنا؟".
وردًّا على سؤالٍ حول التّصريحات الأخيرة للموفد الأميركيّ توم برّاك، قال الرئيس عون إنّها "مرفوضةٌ من كافّة اللّبنانيّين"، مضيفًا: "لا تضيّعوا وقتكم بها.
وقال الرئيس عون، في مقابلةٍ مع "تلفزيون
سوريا "، إنّ علاقات لبنان مع سوريا "جيّدةٌ"، مشيرًا إلى أنّه سيزور دمشق "عندما يتمّ إبرام اتّفاقٍ يتعلّق بالحدود اللّبنانيّة السّوريّة، أو أيّ اتّفاقٍ آخر بين البلدين".
وفي ملفّ الموقوفين، أوضح عون أنّ "الجانب القضائيّ اللّبنانيّ عرض مسوّدةً تتعلّق بالموقوفين السّوريّين"، لافتًا إلى أنّ "الجانب السّوريّ وضع ملاحظاتٍ عليها"، مؤكدا أنّ "الجانب اللّبنانيّ لا يستطيع تسليم متّهمين سوريّين بقتال الجيش اللّبنانيّ".
وكشف وزير الخارجيّة والمغتربين يوسف رجّي عن تلقي لبنان تحذيرات بضربة إسرائيلية واسعة ضد لبنان وقال: "وصلتنا تحذيرات من جهات عربيّة ودوليّة أنّ إسرائيل تحضّر لعمليّة عسكريّة واسعة ضدّ لبنان". وقال: "نكثّف اتصالاتنا الدبلوماسية حتى نحيد لبنان ومرافقه عن أي ضربة إسرائيلية"، مشدّداً على أنّ "سلاح حزب الله أثبت عدم فعاليته بإسناد غزة والدفاع عن لبنان وجلب الاحتلال الإسرائيلي". وتابع: "الدولة اللبنانية تحاور حزب الله لإقناعه بتسليم سلاحه، لكنه يرفض ذلك".