كتبت" نداء الوطن": برز أمس بيان حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، الذي حدّد فيه آلية عمل المجلس المركزي للمصرف، والمكوّن من الحاكم ونوّابه ومديرَي المالية والاقتصاد. ورغم أن البيان جاء أساسًا لنفي الشائعات حول خلاف بين الحاكم ونائبه الأول وسيم منصوري، إلّا أن مصدرًا متابعًا، اعتبر أنه أصاب عصفورين بحجر واحد: أولًا، تبديد الحديث عن أي انقسام داخلي؛ وثانيًا، تأكيد أن قرارات مصرف لبنان تُتخذ جماعيًا داخل المجلس، حيث لا يملك أي عضو حق النقض، بمن فيهم الحاكم. وبالتالي، فإن الحملة التي شنها "حزب اللّه" والجبهات الإعلامية المساندة له ضد الحاكم، على خلفية قرارات يصفونها بالرضوخ للإملاءات الأميركية، تتجاهل أن هذه القرارات صوّت عليها أيضًا عضوان شيعيان محسوبان على "الثنائي" الشيعي، ما ينزع عنها صفة الانفراد أو التسييس.
وكتبت سابين عويس في" النهار": لم يعد أمام لبنان الكثير من الوقت للتحرّك في اتجاه تطبيق معايير الامتثال المطلوبة دولياً وأميركياً لمواجهة آفة تبييض الأموال والتهريب عبر شركات تحويل وصرافة تنفذ أعمالاً غير شرعية متفلتة من الضوابط، ما يثير الشبهات حول أنشطتها، خصوصاً تلك المرتبطة بتمويل "حزب الله".
ومع مبادرة مصرف لبنان إلى إصدار تعميمه الرقم ١٧٠ الرامي إلى تحديث نماذج "اعرف عميلك" المتعلق بالعمليات النقدية والتحاويل الجارية عبر شركات التحويل والصرافة، يدخل لبنان في مرحلة حرجة ودقيقة على الصعيد المالي في المواجهة مع قرار تجفيف منابع الحزب، اعتباراً من مطلع الشهر المقبل، أي بعد أقل من أسبوع، موعد بدء سريان مفاعيل تنفيذ التعميم.
وبدا واضحاً حجم الانعكاسات التي سيخلفها تطبيق التعميم على الحزب وقد برز ذلك بوضوح في الحملة التي شنّها أمينه العام الشيخ نعيم قاسم على الحاكم غداة صدور التعميم، فضلاً عن الحملات التي بلغت مشارف طهران التي لم تتوانَ عن نشر مقالات تتدخل فيها مباشرة في هذا الموضوع.
مصادر رفيعة في المركزي تذكّر بالتحذيرات العالية اللهجة التي سمعها المسؤولون اللبنانيون من وفد الخزانة الأميركية الذي زار لبنان أخيراً وضغط في اتجاه اتخاذ البلد الإجراءات الآيلة للجم عمليات تبييض الأموال التي تجري عبر الشبكة اللبنانية. وقد أمهل السلطات اللبنانية ٦٠ يوماً لاتخاذ إجراءات ملموسة على هذا الصعيد، وإلا فإن الأمور ستتفاقم نحو إدراج لبنان على اللائحة السوداء. وهذا أمر لا يعني كما حاول البعض في انتقاداته قوله إن لبنان يخضع للإملاءات أو الوصاية الأميركية، من خلال التعميم الصادر عن المصرف المركزي، بل يعني باللغة العلمية أن لبنان ملزم بالامتثال من أجل تفادي خروجه من النظام المالي العالمي!
وتعتقد المصادر أن التعميم سيساعد في مرحلة أولى في تنظيم السوق ومسح الشركات الشرعية الراغبة في الاستمرار في العمل أو تلك التي تنفذ عمليات غير مشروعة، ما سيساعد على إجراء إحصاء لحجم هذه السوق المقدرة من دون حسابات دقيقة بما بين مليارين إلى ٣ مليارات دولار سنوياً يذهب منها في الحد الأدنى ثلثها لمصلحة الحزب.