نشر موقع "التلفزيون العربي" تقريراً مثيراً تحدث فيه عن تاريخ الرمز العربي "عز الدين القسام" الذي يعتبر شخصية بارزة في العالمين العربي والإسلامي، فيما من رسخه في سجلات التاريخ الحديث هي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والتي أطلقت على جناحها العسكري إسم "عز الدين القسام"، وخاضت حرباً كبيرة ضد إسرائيل بدأت يوم 7 تشرين الأول 2023 واستمرت لغاية شهر تشرين الأول 2025.
التقرير كشف معلومات تاريخية كثيرة وقيّمة ومهّمة عن القسام، فقال إن "كثيرين كانوا يعتقدون أن القسام فلسطيني الجنسية، نظراً لارتباط اسمه بحركة "حماس" في غزة، لكن الحقيقة أنه سوريّ من مواليد بلدة جبلة – قضاء اللاذقية"، وأضاف: "تشير مراجع تاريخية إلى أنه وُلد عام 1883، إذ تُظهر السجلات المدنية الرسمية في جبلة أن مولده كان سنة 1301 هجرية، أي ما يوافق 1883 ميلادية".
تقرير "التلفزيون العربي" يوضح أنّ "القسام غادر
سوريا إلى القاهرة عام 1896 ليدرس الشريعة الإسلامية في الأزهر الشريف، حيث مكث نحو ثماني سنوات نال خلالها الشهادة الأهلية، وقد تزامنت دراسته مع مرحلة التجديد الفكري التي قادها الشيخ محمد عبده، ويُقال إن القسام تتلمذ على يده".
ويضيف: "خلال دراسته، برز القسام بذكائه وتأثره بأفكار التحرر ومقاومة الاستعمار. وفي عام 1904 عاد إلى جبلة، قبل أن ينتقل إلى تركيا لتدريس العقيدة في المساجد، ثم عاد مجددًا إلى بلدته ليدرّس الأطفال نهارًا ويعلّم الكبار ليلًا. كذلك، أصبح القسام إماماً لمسجد المنصوري في جبلة، حيث أثّر في الناس بخطبه الحماسية التي كانت تُلقى في جو من الإصغاء الكامل".
يلفت التقرير إلى أن "الحدث الذي شكّل منعطفاً حاسماً في مسيرة القسام كان في 30 تشرين الثاني 1911، حين حاصر الأسطول الإيطالي مدينة
طرابلس الغرب في ليبيا، وهذا العدوان أشعل لدى القسام روح الثورة، فقرر القتال في ليبيا ضد الاستعمار الإيطالي لكن هدفه لم يتحقق.
التقرير يقول إنه مع بدء الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان، شاء القسام المواجهة، فحمل السلاح في
الشمال السوري ضد الانتداب، وقد باع منزله واشترى بثمنه 24 بندقية، وانتقل مع عائلته إلى قرية الحفة، حيث بدأ بإشعال روح الثورة في نفوس السكان.
وفق التقرير، فإنه في أواخر عام 1918 اندلعت ثورة جبال صهيون نتيجة دعواته، واتخذ من قرية زنقوفة قاعدة له، وشارك في قيادتها إلى جانب عمر البيطارـ وهو أحد الأعيان السوريين البارزين في جبال صهيون. لكن مع سقوط حكومة الأمير فيصل في تموز 1920، تراجعت الثورات في سوريا، فشنّ الفرنسيون حملة عسكرية لإخمادها.
وقبيل سقوط الحكومة العربية في دمشق، طلب القسام دعم الأمير فيصل، فوافق الأخير، لكن سقوط دمشق وضع حدًا لتلك الجهود، ووجد القسام نفسه ملاحقاً ومحكوماً بالإعدام.
وعام 1920، وبعد سقوط الحكومة العربية، قرر القسام مغادرة سوريا سراً نحو فلسطين، وتقول المراجع إنه وصل إليها في شهر آب من العام المذكور، أي سنة 1920.
ووفق التقرير، فقد عبر القسام من جسر الشغور سيراً على الأقدام إلى
بيروت برفقة مجموعة من رفاقه، هم الشيخ أحمد إدريس،
الحاج علي عبيد، الشيخ محمد الحنفي، الحاج خالد وظافر القسام، عبد الملك القسام. مع هذا، لم يبقَ القسام طويلاً في بيروت، حيث انتقل إلى صيدا في جنوب
لبنان ، ومنها بحراً إلى عكا، قبل أن يستقر في حيفا، بينما التحقت به عائلته لاحقاً.
ويقول التقرير إن القسام نشط في حيفا، فعلم في مدارسها وقد تعززت شعبيته من خلال مسجد الاستقلال الذي تم تعيينه إماماً له، وفي عام 1928، أسّس القسام جمعية "الشبّان المسلمين" في حيفا وتولّى رئاستها، وسرعان ما توسّعت الجمعية في مختلف المدن
الفلسطينية .
وعام 1925، أسّس الشيخ عز الدين القسام في حيفا تنظيماً سرّياً اعتبر أن الجهاد هو السبيل الأوحد لتحرير فلسطين. حمل التنظيم اسم "المنظمة الجهادية"، واتخذ شعارًا له عبارة "هذا جهاد.. نصر أو استشهاد".
وتشكّلت القيادة الأولى للتنظيم عام 1928، وضمت القسام رئيساً، إلى جانب القادة: العبد قاسم، محمود زعرورة، محمد الصالح الحمد، وخليل العيسى. ولاحقًا، أُعيد تشكيل القيادة لتضمّ القسام، وخليل محمد عيسى، وسليمان عبد
القادر حمام، وسرور برهم العودة، وعطية أحمد عوض، ومحمود زعرورة، وتوفيق الإبراهيم، وحسن حمادة، ومحمود غزلان.
وحرص القسام على بناء تنظيمه بسرّية تامّة بعيداً عن أعين السلطات
البريطانية والعصابات الصهيونية المنتشرة في فلسطين. مع هذا، فقد كان التنظيم يرى في الانتداب
البريطاني ومشروع "الوطن القومي اليهودي" اعتداءً على أرض المسلمين المقدّسة.
وبحلول عام 1935، بلغ عدد المجاهدين المنضوين في التنظيم نحو 200 مقاتل منظَّم، إضافة إلى 800 آخرين من الأنصار والمؤيدين. وفي العام ذاته، أعلنت جماعة القسام "الجهاد"، إثر تصاعد الاستيطان وازدياد عمليات تهريب السلاح إلى اليهود.
وقبيل هذا التاريخ، توارى القسام عن الأنظار في أواخر تشرين الأول، بعدما باع منزله الوحيد في حيفا، بينما باع أصحابه حليّ زوجاتهم وبعض أثاث منازلهم لتوفير ثمن الرصاص والسلاح.
وفي تشرين الثاني 1935، وقع اشتباك بين جماعة القسام وقوة كبيرة من القوات البريطانية، فاستشهد خلال المعركة مع عدد من رجاله، فيما تمّ أسرُ آخرين.
وأحدثت الواقعة صدمة كبرى في فلسطين، وخرجت جنازة القسام ورفاقه في 21 تشرين الثاني 1935 بعد ضغط شعبي كبير على سلطات الانتداب لتسليم الجثامين.
وشارك في التشييع نحو 30 ألف فلسطيني في حيفا، وفي اليوم التالي، نعته مساجد فلسطين كافة وأقيمت صلاة الغائب عليه وعلى رفاقه في 22 تشرين الثاني 1935، وفق ما ذكر تقرير "العربي".