آخر الأخبار

مصر ترفع أسعار الوقود 13% للمرة الثانية في 2025

شارك
مصدر الصورة

قررت مصر رفع أسعار الوقود بنسبة تصل إلى 13% في ثاني زيادة تشهدها البلاد هذا العام، على أن تُثبت الأسعار في السوق المحلية لمدة عام على الأقل، وفقاً لبيان صادر عن وزارة البترول والثروة المعدنية.

شملت الزيادة جميع أنواع البنزين والسولار، وبلغت قيمتها جنيهين للتر الواحد. وحسب الأسعار الجديدة، ارتفع سعر بنزين 95 من 19 جنيهاً إلى 21 جنيهاً للتر، وبنزين 92 من 17.25 إلى 19.25 جنيهاً، وبنزين 80 من 15.75 إلى 17.75 جنيهاً، كما زاد سعر السولار من 15.5 إلى 17.5 جنيهاً للتر. أما غاز السيارات فارتفع سعره من 7 جنيهات إلى 10 جنيهات للمتر المكعب، بحسب البيان.

محتوى خارجي
شاهد على فيسبوك

الحكومة تطبق الزيادة بشكل مدروس

بررت الحكومة القرار بأنه يأتي "نتيجة لما تشهده الساحة المحلية والإقليمية والعالمية من أحداث"، مشيرةً إلى استمرار جهود قطاع البترول في تشغيل معامل التكرير بكامل طاقتها وسداد متأخرات الشركاء الأجانب.

وسبق لمصر أن رفعت أسعار الوقود في أبريل/نيسان الماضي بنحو جنيهين للتر، أي ما يعادل زيادة تقارب 15%، متوقعةً أن تحقق وفراً قدره 35 مليار جنيه (نحو 700 مليون دولار) في ميزانية السنة المالية 2025-2026.

وتؤكد الحكومة أن استمرار تطبيق زيادات الوقود "بشكل مدروس" يهدف إلى تقليص عجز الموازنة وتوجيه الموارد إلى مشروعات البنية التحتية.

وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، أشار رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي إلى أن زيادة أسعار البنزين في أكتوبر/تشرين الأول الجاري قد تكون "الزيادة الجوهرية الأخيرة"، مع الإبقاء على دعم السولار، على أن يتم لاحقاً الاستناد الكامل إلى آلية التسعير التلقائي التي تربط الأسعار المحلية بسعر خام "برنت" وسعر صرف الدولار.

محتوى خارجي
شاهد على فيسبوك

كان مدبولي قد ألمح في وقت سابق إلى أن الحكومة تعتزم تنفيذ خطة لرفع دعم الوقود تدريجياً بحلول نهاية عام 2025، مع الاستمرار في تقديم دعم جزئي لمنتجات محددة، أبرزها السولار وأسطوانات غاز الطهي.

لماذا ارتفعت الأسعار محلياً رغم استقرارها عالمياً؟

أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور مدحت نافع أن الزيادة تأتي في إطار مسعى الحكومة لمعالجة ما وصفه بـ"التشوهات في التكاليف"، مشيراً إلى الفجوة الكبيرة بين تكلفة الوقود الفعلية وسعر بيعه للمستهلك. وأكد أن القرار جزء من خطة مسبقة لتعويض الخسائر المالية، محذراً من تداعيات تضخمية واسعة على الاقتصاد المصري.

وقال نافع "عملية رفع أسعار الوقود مرتبطة بمسألة علاج التشوهات في التكاليف، أي أن هناك فرقاً بين التكلفة والسعر، ومن ثم هناك محاولة دائمة لتعويض الخسائر."

وأضاف عضو لجنة الاقتصاد الكلي بالمجالس الاستشارية لرئاسة مجلس الوزراء أن هذه العملية تتم عبر آلية متدرجة، حيث تجتمع لجنة التسعير التلقائي دورياً لاتخاذ القرار المناسب بناءً على معطيات الموازنة العامة.

وأوضح أن التعديل لا يعتمد فقط على الأسعار العالمية الراهنة، بل على فجوة مالية سابقة تم احتسابها ضمن موازنة الدولة لعام 2025-2026، قائلاً"هذه الزيادة مخططة لتعويض خسائر سابقة، وبالتالي أي انخفاض حالي أو قادم في أسعار النفط العالمية لن ينعكس سريعاً على التسعير المحلي."

مصدر الصورة

تُراجع مصر أسعار الوقود كل ثلاثة أشهر عبر لجنة التسعير التلقائي، التي أُنشئت عام 2019 بهدف ربط الأسعار المحلية بالتغيرات العالمية.

ويأتي القرار ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي، في وقت تترقب فيه القاهرة صرف شريحة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار عقب المراجعتين الخامسة والسادسة المقررتين خلال أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.

وقال صندوق النقد الدولي في مارس آذار الماضي إن مصر لا تزال ملتزمة بخفض دعم الطاقة وجعل الأسعار المحلية متماشية مع التكلفة الفعلية بحلول ديسمبر كانون الأول المقبل، في الوقت الذي تعمل فيه على خفض العجز الكبير في ميزان المعاملات الجارية.

وقالت الحكومة إنها ستواصل دعم السولار حتى لو تطلب ذلك رفع أسعار أنواع الوقود الأخرى فوق التكلفة لتغطية الدعم.

وفي الربع الثاني، بلغ العجز في ميزان المعاملات الجارية 2.2 مليار دولار، مع ارتفاع الواردات من المنتجات النفطية إلى 500 مليون دولار من 400 مليون دولار في العام السابق، وفقا لبيانات البنك المركزي المصري.

قرار غير مفهوم بالنسبة للبعض

ورغم تفهمه مبررات الحكومة، انتقد مدحت نافع القرار، معتبراً أنه كان بالإمكان امتصاص جزء من الخسائر عبر الاستفادة من تراجع أسعار النفط عالمياً.

وأوضح أن الأزمة تتعمق بسبب ما وصفه بـ"الثمن المزدوج"، إذ لم ترتفع أسعار الكهرباء بعد، ما يجعلها مديناً رئيسياً لقطاع البترول الذي يسعى لتعويض خسائره وتأخر مستحقاته.

وأشار إلى أن الفجوة بين التكلفة والسعر لا تعود بالكامل إلى الدعم، بل إلى انخفاض كفاءة بعض المرافق نتيجة مشكلات في التعاقدات وتخطيط الطاقة والهدر، خاصة في قطاع الكهرباء.

وأكد أن الحل لا يكمن فقط في تحريك الأسعار، بل في خفض التكاليف وتحسين كفاءة الإدارة والإنتاج المحلي للمحروقات، معتبراً أن التحرير الكامل لأسعار الوقود "غير عملي" في ظل استمرار فجوة التكلفة.

وشدد على أن تأثير سعر الصرف وتكاليف الاستيراد سيظل يُمرَّر إلى الأسعار مهما حاولت الدولة امتصاصه.

من جانبه، ينفي محمد رمضان، الباحث الاقتصادي بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن تسهم الزيادة الأخيرة في معالجة أزمة الديون، موضحاً أن المديونية ليست ناتجة عن الدعم.

وقال إن الفترة بين 2022 و2024 شهدت إجراءات تقشفية ورفعاً تدريجياً للدعم عن الوقود، ورغم ذلك استمرت الديون في الارتفاع.

وأضاف أن الحكومة حققت حينها فائضاً أولياً عبر خفض الإنفاق الاجتماعي، لكنه لا يعكس الواقع المالي لأن خدمة الدين تستهلك الجزء الأكبر من الموازنة العامة.

ارتفع الدين الخارجي لمصر بنحو 6 مليارات دولار منذ بداية 2025، ليصل إلى 161.2 مليار دولار في نهاية الربع الثاني، وفق ما أظهرت بيانات البنك المركزي ووزارة التخطيط.

كان الدين الخارجي قد سجل 155.1 مليار دولار في الربع الرابع من 2024، قبل أن يواصل مساره التصاعدي خلال 2025.

المعطيات تعكس عودة الارتفاع بعد فترة من التراجع النسبي في 2024 حين هبط إلى 152.9 مليار دولار بالربع الثاني من العام.

ووصف رمضان الباحث الاقتصادي توقيت القرار بأنه "غريب"، خاصة مع تراجع أسعار النفط العالمية، معتبراً أنه استجابة لمطالب صندوق النقد الدولي ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي الهادف لتحقيق مؤشرات مالية تتيح الاقتراض مجدداً من الخارج.

وأشار إلى أن آلية تسعير الوقود الحالية "لا نهائية"، لأنها تربط الأسعار المحلية بسعر خام "برنت" العالمي وبمحاولة تعويض الدعم السابق، ما يضع السوق أمام خيارين فقط: تثبيت الأسعار أو زيادتها كل ثلاثة أشهر.

توقعات بتأثيرات على التضخم

وحول التأثير المتوقع لهذه الزيادة على التضخم، قال الدكتور مدحت نافع إن "الزيادة الأخيرة كبيرة، وبالتالي ستُمرر إلى الأسواق"، موضحاً أن الوقود يدخل في كل مراحل الإنتاج من النقل والتخزين والتعبئة وحتى الزراعة، ما سيرفع من التكلفة الإجمالية لكافة المنتجات، لينعكس على المستوى العام للأسعار ومن ثم على معدلات التضخم العام والأساسي.

ومن المتوقع أن تؤدي زيادة أسعار الوقود إلى عودة معدلات التضخم للارتفاع بعد تباطؤها لأربعة أشهر متتالية حتى سبتمبر/أيلول الماضي، وهو ما كان قد سمح لـ البنك المركزي المصري بخفض أسعار الفائدة أربع مرات منذ بداية العام.

ويستهدف البنك المركزي الوصول بمتوسط معدل التضخم إلى نطاق 5%-9% في الربع الأخير من عام 2026، و3%-7% في الربع الأخير من عام 2028.

لكن المركزي حذر هذا الشهر من أن توقعات التضخم تواجه مخاطر صعودية محلية وأجنبية، منها "تحريك الأسعار المحددة إدارياً بما يتجاوز التوقعات، وتصاعد التوترات الجيوسياسية الإقليمية".

واستند البنك المركزي المصري في البيان المرافق للقرار إلى تراجع ضغوط الأسعار، مشيراً إلى أن التراجع الشهري "واسع النطاق" في التضخم خلال الأشهر الثلاثة الماضية يعود إلى "تحسن توقعات التضخم والانحسار التدريجي لآثار الصدمات السابقة".

مصدر الصورة

ويرى الباحث الاقتصادي محمد رمضان أن زيادة أسعار الوقود، خصوصاً السولار، سيكون لها أثر مباشر على التضخم لأنها ترفع تكلفة النقل والطاقة والزراعة، قائلاً "تقريباً كل شيء سيتأثر."

وتوقع أن "يعود التضخم إلى مسار الارتفاع مرة أخرى"، ما قد يدفع البنك المركزي إلى تأجيل مسار خفض الفائدة الذي بدأه مؤخراً.

وفيما يتعلق بحركة الإنتاج، حذر من أن استمرار التضخم المرتفع مع أسعار فائدة مرتفعة يمثل "أسهل طريق نحو الركود الاقتصادي".

تحريك أسعار المواصلات

عقب إعلان لجنة التسعير التلقائي قرارها، عقد المحافظون اجتماعات عاجلة مع مسؤولي المرور والتموين والمواقف لتحديد نسب الزيادة الجديدة في تعريفة المواصلات، والتي تراوحت بين 10% و15% في أغلب الخطوط.

وأكد المحافظون أن الهدف من هذه الخطوة هو تحقيق التوازن بين مصلحة المواطن والسائق، وضمان استمرار الخدمة دون مغالاة في الأجرة، مع التشديد على إلزام السائقين بوضع الملصقات الرسمية التي توضح خطوط السير والتسعيرة الجديدة.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا