آخر الأخبار

دراسة حديثة تعيد تعريف قصور القلب

شارك

كشفت دراسة جديدة أن السبب الرئيسي للنوع الأكثر شيوعا من قصور القلب ليس في القلب نفسه، بل في الدهون الحشوية التي تحيط بالأعضاء الداخلية، وما تفرزه من رسائل كيميائية تؤثر سلبا على صحة القلب.

يمثل هذا الاكتشاف ثورة في فهم فشل القلب، إذ يسلط الضوء على جذوره البيولوجية، ويمهّد الطريق لعلاجات أكثر دقة تستهدف السبب الحقيقي، وليس الأعراض فقط.

ومع إمكانية رصد هذه التغيرات الكيميائية مبكرا، فإن التشخيص المبكر، وتبني أسلوب حياة صحي، وتقديم العلاج المناسب للمرضى قد يمنح ملايين الأشخاص فرصة لتجنب هذا المرض الصامت ومضاعفاته الخطيرة.

أجرى الدراسة باحثون من جامعة بايلور في دالاس بالولايات المتحدة، ونُشرت نتائجها في مجلة "جيه إيه سي سي" (JACC)، في 31 أغسطس/آب الماضي، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.

كان يُعتقد سابقا أن الأمراض المزمنة -كارتفاع ضغط الدم- هي المحرك الرئيسي لنوع شائع من قصور القلب، مما أدى إلى سوء فهم كبير ونقص في التوجيه في مرحلتي التشخيص والعلاج.

وقد لوحظ سابقا أن معظم المرضى المصابين بالقصور القلبي لديهم كمية دهون حشوية كبيرة محيطة بالأعضاء بما في ذلك القلب، غير أن الطريقة التي تسبب بها هذه الدهون فشل القلب لم تكن مفهومة.

قال الدكتور ميلتون باكر، الباحث المشارك في هذه الدراسة: "حتى الآن لم تكن هناك فرضية موحدة تفسر حدوث القصور القلبي، ما أدى إلى سوء فهم كبير ونقص في التوجيه في كل من التشخيص والعلاج. هذا الإطار الجريء الجديد يساعد على تحديد السبب الحقيقي للقصور القلبي لدى معظم المرضى، وهو ما سيُحدث فارقا هائلا في توجيه العلاجات الفعالة".

مصدر الصورة

كيف تسبب الدهون الحشوية مشاكل في القلب؟

يُعد مرض قصور القلب مع المحافظة على الكسر القذفي Preserved Ejection Fraction (HFpEF) النوع الأكثر شيوعا من قصور القلب، حيث يؤثر على أكثر من 32 مليون شخص حول العالم. وفي هذا النوع من القصور تكون قوة ضخ القلب طبيعية، لكن حجرات القلب، خصوصا البطين الأيسر، تصبح متصلبة وغير قادرة على التمدد لاستقبال الدم بشكل كاف، مما يؤدي إلى امتلاء القلب بشكل مفرط وزيادة الضغط الداخلي فيه.

إعلان

وينتج عن ذلك ضيق التنفس عند المشي أو بذل مجهود، وقد يسبب تورما في الساقين أو البطن وتجمع السوائل في الرئتين، وهو النوع المقصود في الدراسة.

لا تقتصر وظيفة الأنسجة الدهنية على أنها مجرد مخزن للطاقة، بل هي نسيج نشط يفرز بروتينات ومركبات كيميائية تسمى الأديبوكاينات (Adipokines)، وهي بمثابة رسائل كيميائية تتواصل مع أعضاء الجسم، بما فيها القلب.

تلعب الأديبوكاينات دورا هاما، فهي تحمي القلب والكلى، وتساعد على تقليل الإجهاد والالتهاب، مع الحفاظ على توازن الصوديوم والسوائل في الحالة الطبيعية.

ولكن عندما يكون هناك فائض من الدهون الحشوية، تتحول بيولوجيا الأنسجة الدهنية، حيث تبدأ في إنتاج وإفراز مجموعة مختلفة من الأديبوكاينات تعمل على زيادة الالتهابات، بالإضافة إلى تليف القلب وتضخمه، وهو ما يؤدي إلى قصور القلب.

تشير الدراسة إلى أن مؤشر كتلة الجسم (BMI Body Mass index)- الذي يحسب عبر قسمة وزن الشخص بالكيلوغرام على مربع طوله بالمتر- ليس أفضل وسيلة لمعرفة خطر تراكم الدهون الحشوية، الطريقة الأدق هي نسبة محيط الخصر (بالسنتيمتر) إلى الطول (بالسنتيمتر).

ويجب أن تكون النسبة أقل من 0.5 (أي أن محيط خصرك يجب أن يكون أقل من نصف طولك)، إذا كانت النتيجة أعلى من 0.5 (وخاصة إذا كانت 0.6 أو أكثر)، فهذا يدل على وجود كمية خطرة من الدهون الحشوية.

و تشير الأبحاث أن أكثر من 95% من مرضى القصور القلبي لديهم سمنة مركزية (أي دهون حشوية عالية)، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بشدة المرض.

تشير الدراسة إلى أن استهداف الدهون الحشوية قد يكون المفتاح لفهم وعلاج قصور القلب، إذ تبيّن أن الأدوية الحديثة مثل سيماغلوتيد (semaglutide) وتيرزيباتيد (tirzepatide)، المعروفة بعلاج السمنة والسكري، يمكن أن تساعد في إعادة التوازن الكيميائي في الجسم وتقليل الالتهابات المرتبطة بالقلب.

كما أثبتت جراحات علاج السمنة فعاليتها في تقليص الدهون الحشوية، ما ينعكس إيجابا على صحة القلب ووظيفته، والأهم من ذلك أن التغيرات الكيميائية في الدم، مثل مستويات الأديبوكاينات، يمكن رصدها قبل سنوات من ظهور المرض، مما يمهّد الطريق للتشخيص المبكر والوقاية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار