الجزائر- تحدّث مرشح جبهة القوى الاشتراكية للانتخابات الرئاسية في الجزائر يوسف أوشيش عن استمرار مظاهر سلبية تخدش مسار العملية الانتخابية، على رأسها عدم التزام ممثلين للدولة بالحياد، وتحيز مؤسسات إعلامية عمومية، والزج بمؤسسات دستورية في الحملة.
مقابل ذلك، يعترف المرشح الرئاسي بجهود أخرى لافتة لتحسين نزاهة الاستحقاق، وهو ما يدفعه للانخراط في تعزيز المبادئ السياسية، وتحقيق تطلعات الشعب الجزائري، على حد تعبيره.
وفي حوار مع "الجزيرة نت"، أعرب يوسف أوشيش عن تطلعه لمحافظة الجيش على حياده في الانتخابات، بما ينعكس إيجابا على احترام إرادة الشعب، ودعم التوجه السلمي نحو الديمقراطية.
وفي سياق آخر، أكد المترشح دعم برنامجه للصيرفة الإسلامية ضمن مجموعة حلول لمعالجة السوق الموازية، متعهدا كذلك بحماية المستثمرين وحرية التجارة.
وقال أوشيش إن بلاده تواجه تحديات كبيرة في مجال مناخ الأعمال، حيث وضعها تصنيف البنك الدولي عام 2021 في المرتبة 157 من بين 190 دولة.
وفي مجال الهوية الوطنية، أبدى المتحدث أسفه على ما اعتبره "تأخرا كبيرا في تطبيق أحكام الدستور المكرسة للطابع الوطني والرسمي للغة الأمازيغية"، مُبديا التزامه الصارم بتعميمها في مختلف أطوار النظام التعليمي، بالتوازي مع فرضها تدريجيا في مؤسسات الدولة ومرافقها العمومية.
وفي الجانب الدولي، يعلن المترشح سعيه الواضح إلى بناء علاقات متوازنة مع فرنسا، ترتكز على الندية والمصالح المشتركة، رافضا منطق الاحتكار والميل الى الوصاية.
كما صرّح بالعمل على تكريس العلاقات مع القوى الصاعدة، لكن من دون التضحية بمصالح الجزائر مع الدول الغربية أو أقطاب أخرى.
وفيما يلي نص الحوار:
دخلنا هذه الانتخابات من منطلق أن الجزائر تواجه مخاطر وتحديات كبيرة من الناحيتين الأمنية والإستراتيجية، مما يستدعي تجنّد كل القوى الفاعلة في المجتمع للدفاع عن أمن البلاد ووحدتها ومصالحها الإستراتيجية.
الحالة العويصة في الساحل وعلى كل حدودنا فرضت علينا إعطاء الأولوية للبعد الإستراتيجي في خيارنا، عوض السقوط في حسابات تكتيكية لا ترقى إلى مستوى اللحظة التاريخية.
ناهيك عن الرهانات المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية وباستعادة السياسة والنشاط السياسي مكانتهما في البلاد.
بدخولنا في الانتخابات، نعمل على إعادة الاعتبار للعمل السياسي والحفاظ على مساحات التعبير الديمقراطي المستهدفة من كل الجهات.
لهذا، نرى أن الانتخابات الرئاسية تشكّل محطة وفرصة لتحقيق الأمن من جهة، والتنمية التي ستسمح باستعادة الأمل لدى المواطنين من جهة أخرى، كما ستحرر الطاقات للخروج من حالة العزوف والإحباط.
رغم استمرار بعض المظاهر السلبية، مثل عدم التزام بعض ممثلي الدولة بالحياد، وتحيز بعض المؤسسات الإعلامية العمومية، والزج بمؤسسات دستورية في الحملة الانتخابية، لاحظنا أيضا جهودا نحو تحسين نزاهة العملية الانتخابية، وبانخراطنا نسعى للمشاركة في تعزيز هذه المبادئ وتحقيق تطلعات الشعب الجزائري.
الجيش الوطني الشعبي مؤسسة وطنية، والعاملون فيه من جنود وضباط ومسؤولين كبار كغيرهم من الجزائريين والجزائريات ينتمون إلى مختلف الطبقات والفئات الشعبية الموجودة في المجتمع، ونحن نتطلع إلى أن يُحافظ الجيش على حياده في الانتخابات، مما سينعكس إيجابا على احترام إرادة الشعب ودعم التوجه السلمي نحو الديمقراطية.
نحن نؤمن بإعطاء صلاحيات أكبر للإدارات المحلية لتعزيز الفاعلية والشفافية، ونناضل من أجل ذلك منذ عقود، وما نسعى إليه لا يتحقق بالضرورة من خلال إقرار نظام فدرالي، وإنما نسعى لتحقيق حكم محلي قوي ومسؤول يساهم في التنمية المتوازنة في مختلف مناطق البلاد.
التخطيط الإستراتيجي سيتكفل بخلق آفاق التكامل والعدالة في الفرص.
للأسف، سجلنا تأخرا كبيرا في تطبيق أحكام الدستور المكرسة للطابع الوطني والرسمي للغة الأمازيغية، وحتى اليوم لم يصدر القانون العضوي الذي يحدد كيفيات وآليات تطبيق المادة الرابعة من الدستور، كما لم تبدأ أكاديمية اللغة الأمازيغية عملها.
وحيث إن اللغة الرسمية في أي دولة تعني حتما تعميم تدريسها واستعمالها في المرافق العمومية وعلى مستوى مؤسسات الدولة وكذا في الإعلام وكل مجالات الفضاء العام، سنسعى لتعميم الأمازيغية في مختلف أطوار النظام التعليمي بالموازاة مع تعميمها تدريجيا على مستوى مؤسسات الدولة ومرافقها العمومية.
ويمكن أن يتم ذلك من خلال تطوير المناهج الدراسية، وتدريب المدرسين، وتشجيع وسائل الإعلام على استخدام اللغة الأمازيغية. كما أن الاعتراف بالأمازيغية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية يفرض على الدولة تبني سياسة لغوية تكرس التعددية، وتجعل منها عاملا للوحدة والنهوض بالأمة.
نعتقد أن الخلل يكمن في جودة المناهج وطرق التدريس، وسنسعى لإصلاح النظام التربوي بتحديث المناهج واعتماد أفضلها وأنجعها، والتركيز على الكفاءات العملية، والاستثمار في تدريب المعلمين والأساتذة، مع تسيير أفضل للموارد المالية المرصودة للقطاع.
سنعمل على أن تقوم المدرسة بدورها في بناء مواطن جزائري محب لبلده وعامل من أجل نهضتها. كما ستقوم بدورها في الحفاظ على الأمن الفكري والثقافي لشبابنا المعرّض لكل أنواع الاختراقات.
في تصوري، مصطلح المدرسة المنكوبة هو مصطلح سوداوي لا يفي حق المربين والأستاذة في كل الأطوار. وهناك حقا نقائص يجب تصحيحها ونحن أشرنا إليها، ولكن يجب أن لا تفوتنا حقيقة أن المدرسة والجامعة الجزائرية تتسابق البلدان على خريجيها.
عموما، سنعمل على خلق فرص عمل عبر دعم ريادة الأعمال، وتحفيز الاستثمار في القطاعات الواعدة، وسنسعى لإنشاء برامج تدريبية للشباب تلائم احتياجات السوق.
ومع وجود كثافة سكانية شبابية، ديناميكية، يجب أن تلعب هذه الفئة دورا رائدا في بناء مستقبل أمتنا.
لتعزيز مكانتها وجعلها محركا للتنمية الاقتصادية، يعتزم مرشح جبهة القوى الاشتراكية جعل الشباب أولوية مطلقة خلال رئاسته، وذلك من خلال تنفيذ سلسلة من الإجراءات الإستراتيجية التالية:
سندعم الصيرفة الإسلامية كجزء من مجموعة حلول لمعالجة السوق الموازية التي تعيق ظهور اقتصاد قوي وسوق منظم، وسنعمل على تعزيز الشفافية في النظام المالي، وإطلاق حملات توعية لدمج الأموال غير الرسمية في الاقتصاد الرسمي.
كما سنعمل على إشراك المعنيين لإيجاد مخارج تحفظ مصالحهم وتقوي مكانة الدولة مع إعطاء الأهمية القصوى لصيانة كرامة المواطن عبر الاهتمام بمستواه المعيشي.