آخر الأخبار

سد النهضة: ما هي خيارات مصر المستقبلية بعد اكتمال ملء خزان الجزء الإثيوبي من السد؟

شارك الخبر

جلس المزارع المصري عوض أبو سليمان (اسم مستعار) على رأس أرضه يراجع حسابات المكسب والخسارة بعد موسم زراعي لم يكن على يُرام، بسبب قرار حكومي سابق بحظر زراعة الأرز في محافظة المنوفية، التي تقع أرضه في نطاقها، وذلك بسبب مشاكل توفير المياه اللازمة للزراعة.

وأضُطر أبو سليمان وجيرانه من المزارعين الآخرين إلى التحول لزراعة الذرة بدلا عن زراعة الأرز كثيف الاستخدام للمياه.

في السابق، كان المزارع المصري ينفق نحو 8 آلاف جنيه مصري (165دولار أمريكي) على زراعة فدان الأرز الواحد، بعائد يصل بعد جني المحصول إلى نحو 15 ألف جنيه (309 دولار أمريكي)، لكنه الآن ينفق قرابة 7 آلاف جنيه (144 دولار أمريكي) على زراعة فدان الذرة الواحد، وفي المقابل لا يحصل إلا على أقل من 6 آلاف جنيه (123 دولار أمريكي) في الفدان الواحد، لصعوبات تتعلق بضعف الطلب على الذرة، وصعوبة تسويقه، حيث إنه محصول غير تعاقدي، كما تُكَلِفُ زراعتُه الكثير من الجُهْدِ البدني والتكاليف الخاصة بالسماد ومكافحة الآفات والمبيدات والمخصبات الزراعية.

تقليص مساحة الأرز

لم يكن أبو سليمان وجيرانه في محافظة الغربية من بين سعداء الحظ الذين سمحت لهم الحكومة المصرية بزراعة الأرز ضمن مساحة لا تتجاوز 725 ألف فدان على مستوى الجمهورية، بعد أن كانت المساحة المزروعة في السابق تتجاوز مليوني فدان.

واتخذت الحكومة في عام 2015 قرارًا بتحديد المساحات المزروعة بمحصول الأرز وحظر زراعته في بعض محافظات الجمهورية، بسبب عدم توفر كميات المياه اللازمة لزراعته، نتيجة نقص حصة مصر من مياه النيل، بسبب إقامة إثيوبيا سد النهضة على فرع النيل الأزرق، والذي أدى - وفق مسؤولين مصريين – إلى نقص حصة مصر من مياه النيل المُقَدَرة سنويًا ب 55.5 مليار متر مكعب من المياه إلى أقل من ذلك بكثير، مع استمرار إثيوبيا في حجز المزيد من المياه داخل بحيرة السد.

وتشكو مصر شحّا مائيا، وتتصدر قائمة الدول الأكثر جفافا بأقل معدل لهطول الأمطار في العالم، وتعتمد بشكل أساسي على مياه النيل بنسبة 98% من مواردها المائية.

وأعلنت إثيوبيا مؤخرا قرب انتهاء الملء الخامس لسد النهضة بوصول المياه في بحيرة السد إلى أكثر من 62 مليار متر مكعب من المياه، وبدء التشغيل التجاري للسد لتوليد الطاقة الكهرومائية.

وأعلنت مصر رفضها القاطع لما وصفه بيان للخارجية المصرية في الأول من سبتمبر/أيلول الجاري "بالسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي، والتي تُشكل خرقاً صريحاً لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015 ".

ووجه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خطاباً إلى مجلس الأمن الدولي، أوضح خلاله أن انتهاء مسار المفاوضات بشأن سد النهضة، والتي ظلت نحو 13 عاماً دون التوصل لاتفاق، جاء بسبب ما وصفه الجانب المصري بغياب الإرادة السياسية لدي إثيوبيا، وسعيها لإضفاء الشرعية على سياساتها الأحادية المناقضة للقانون الدولي، مشيرا إلى أن تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد حول استمرار الملء والتشييد بالسد غير مقبولة من الجانب المصري.

ومع إعلان الجانب الإثيوبي مرارا عن مشاريع جديدة على فرع النيل الأزرق تتضمن بناء سدود مساعدة لسد النهضة الكبير، تُثَارُ العديد من التساؤلات حول خيارات مصر المستقبلية للتغلب على مشاكل نقص حصة مياه النيل، المصدر الرئيسي للمياه العذبة في البلاد.

سدود جديدة مساعدة

ضياء الدين القوصي مستشار وزير الري المصري السابق يقول في حديثه لبي بي سي إن هناك نية لدى الحكومة الإثيوبية لبناء ثلاثة سدود جديدة على فرع النيل الأزرق في مناطق "كاردوبي، ميندايا، وبيكوابو" لتخفيف الضغط على جسم السد وبحيرته، وضمان استمرار تدفق المياه عبر توربينات توليد الكهرباء.

ويطالب القوصي بأن يكون لدى الحكومة المصرية خلال المرحلة القادمة نوعًا من "الخشونة" في التعامل مع الجانب الإثيوبي بشأن سد النهضة.

ويضيف أن التعامل بطريقة الدبلوماسية الناعمة نتيجة عدم وصول ضرر سد النهضة مباشرة للمواطنين خلال سنوات الملء الأولى، لا يجب أن يكون نهجًا دائمًا لمصر، التي يجب أن تلوح بأي أوراق ضغط متاحة لديها لإجبار الجانب الإثيوبي على عدم الاستمرار في حجز المياه خلف سد النهضة وبناء المزيد من السدود الأخرى.

لم يحدث ضرر !

ويشير خبير المياه المصري ضياء القوصي إلى أن الأمر ربما يتطور خلال السنوات المقبلة لبيع المياه إلى مصر والسودان.

ويعقب على هذا الأمر الكاتب الصحفي الإثيوبي زاهد زيدان قائلًا إن الجانب الإثيوبي لم يتسبب حتى الآن في أي ضرر لمصر والسودان بسبب إقامة السد، حيث التزام الجانب الإثيوبي بسنوات طويلة للملء، تعدت الآن سبع سنوات.

ويقول زيدان في حديثه لبي بي سي إن إثيوبيا أخذت في الاعتبار مخاوف السودان وتقوم باطلاعه دوريًا على تطورات الملء والتخزين وفتح البوابات، لتجهيز سد "الروصيرص" السوداني، الذي يبعد نحو 40 كم فقط عن سد النهضة لاستقبال المياه العابرة عبر البوابات أو مفيض الطوارئ الخاص بالسد.

ويؤكد زيدان أن بناء أي سدود جديدة على النيل الأزرق لن يتم إلا بالاتفاق مع دول حوض نهر النيل ودولتي المعبر والمصب في السودان ومصر، وذلك بموجب اتفاقية "عنتيبي".

وصادقت ست دول على هذه اتفاقية عنتيبي، كان آخرهم جنوب السودان، هذا العام، الأمر الذي يمهد الطريق لبدء تنفيذها بعد 14 عاما من الجمود.

وتفرض اتفاقية "عنتيبي" إطارا قانونيا جديدا لحل النزاعات، وإعادة تقسيم المياه، وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية دوت توافق مع دول المصب.

ولم توقع مصر ولا السودان على اتفاقية "عنتيبي"، ولا تعترفان بها، لأنها لا تُقِرُ بما تدعيانه الدولتان من حقوق تاريخية في مياه النيل، بموجب اتفاقيات تم توقيعها خلال الحقبة الاستعمارية السابقة.

من التفاوض الدبلوماسي إلى الفني

وفيما بتعلق بالنيل الأزرق ونهر النيل يقول الكاتب الصحفي الإثيوبي زاهد زيدان إن هناك خططا مبدئية لإقامة سدين مساعدين يبلغ أقصى حد لحجز المياه فيها 11 مليار متر مكعب من المياه، للمحافظة على بنية سد النهضة واستمرارية المياه في بحيرته.

ويطلب زيدان بأن يتغير مسار المفاوضات من "الإطار السياسي والدبلوماسي والعسكري إلى الإطار الفني" المبني على المصالح المشتركة التي يوفرها السد للدول الثلاثة.

وعقدت الدول الثلاث إثيوبيا ومصر والسودان جولات عديدة من المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي ولكن دون التوصل إلى اتفاق.

واتخذت الحكومة المصرية العديد من القرارات والتدابير لتوفير المياه وترشيد استخدامها في إطار الحرص على عدم وصول أضرار سد النهضة إلى المواطن العادي، كما يقول خبير السدود والمياه المصري عباس شراقي.

ويضيف شراقي أن هذه الإجراءات كلفت خزينة الدولة المصرية مئات المليارات من الجنيهات، استُخدمت في إقامة محطات إعادة تدوير مياه الصرف الزراعي وتوفير قدر كبير من مياه الري للأراضي الزراعية.

كما تم إعادة تشكيل التركيب المحصولي بمنع أو تقليل زراعة بعض الأصناف كثيفة الاستهلاك للمياه، ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك الخبر

إقرأ أيضا