آخر الأخبار

خبر زائف و"موقع غامض".. ما دور روسيا بإشعال الاحتجاجات العارمة في بريطانيا؟

شارك الخبر





في أعقاب أسبوع من الاحتجاجات العنيفة في بريطانيا، وجه ناشطون ومراقبون وسياسيون أصابع الاتهام إلى روسيا بتدبير حملة تضليل واسعة كانت وراء إطلاق معلومة مغلوطة على موقع إلكتروني غامض، مما أدى إلى أعمال شغب واسعة النطاق.

ونقلت صحيفة "إندبندنت" البريطانية عن عضو في البرلمان عن ساوثبورت، حيث انطلقت الاحتجاجات التي أعقبت طعن 3 فتيات، إن الاضطرابات نشأت من "أكاذيب وسائل التواصل الاجتماعي".

وقال رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية السابق، ستيفن ماكبارتلاند، لصحيفة التليغراف، إن الموقع المشبوه الذي نشر إدعاء كاذبا عن هوية الجاني كان مثالا على "الحرب الرمادية" التي يشنها فلاديمير بوتين.

ويتوافق أسلوب هذا الموقع الغامض مع نسق الدعاية الروسية في بلدان أخرى.

وفي إيطاليا، انتشرت على نطاق واسع منصة غامضة تدعى "إذاعة جنوة" وهي ليست محطة إذاعية بل منصة رقمية موجودة في كل مكان تقريبا على الإنترنت، على "تيك توك" و"إكس" و"يوتويب" وإنستغرام" ويضم حسابها على إأكس" حاليا نحو 800 ألف متابع.

وتنشر هذه المنصة مقاطع فيديو مضللة معادية للمهاجرين، ويزعم مديروها أن أوروبا على وشك الانهيار، وأن الأحزاب السياسية الشعبوية اليمينية هي الحل. وتقول بعض التقارير إن شبكة تضليل مؤيدة لروسيا تقف وراء هذه المنصة.

وفي واحدة من أحدث القصص المنشورة على حساب "إكس"، أعيد نشر قصة تقول إن "رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يحاول عمداً تأجيج الوضع حتى يتمكن ربما من اتخاذ إجراءات صارمة من خلال فرض المزيد من القوانين الشمولية":

 

وفي بريطانيا، وعلى مدى الأيام السبعة الماضية، شهدت مدن وبلدات أعمال عنف، لم تشهدها البلاد منذ سنوات عدة، بعد عملية طعن ثلاث فتيات في ساوثبورت في شمال غرب إنكلترا.

واستغلت جماعات معادية للمهاجرين والمسلمين هذه الواقعة بعد انتشار معلومات مضللة عبر الإنترنت، وتضخيمها من قبل شخصيات يمينية بارزة، لإشاعة الفوضى في المدن والبلدات.

وخرج العديد من مثيري الشغب من أنصار اليمين ليشعلوا النيران، ويقتحموا فنادق مخصصة لإيواء طالبي اللجوء في شمال إنكلترا.

واندلعت تلك الأحداث على وقع معلومات مغلوطة بعضها يقول إن عملية الطعن وراءها طالب لجوء، وصل عبر قوارب الهجرة غير الشرعية، بينما قال آخرون إنه إسلامي متشدد معروف لدى أجهزة الاستخبارات، كان قد وصل إلى بريطانيا قبل أيام قليلة.

وتنقل صحيفة إندبندنت البريطانية عن وزير الأمن السابق، ستيفن ماكبارتلاند، إن روسيا قد تكون وراء حملة تضليل على وسائل التواصل الاجتماعي أدت إلى "المشاهد المروعة في ساوثبورت، حيث قام المتظاهرون بأعمال شغب".

وقالت مصادر في وزارة الداخلية للصحيفة إن تحقيقا يجري بشأن أصل منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي غذت الاضطرابات. وأشارت مصادر أمنية إلى أن الصين وروسيا لديها فرق وشبكات كبيرة تعمل على حملات التضليل التي تغذي الانقسام الاجتماعي والعنف في المملكة المتحدة والديمقراطيات الغربية الأخرى.

وتشير صحيفة التليغرف البريطانية إلى أنه من المعتقد أن وراء الحملة الأخيرة منفذ إخباري غامض مرتبط بروسيا يسمى Channel3 Now.

وهذا الموقع نشر معلومات مفادها أن وراء عملية الطعن طالب لجوء يُدعى "علي الشكاتي"، ليتبين لاحقا أن الجاني الحقيق مراهق بعمر 17 عاما وقد ولد في بريطانيا.

هذه الصورة لا تظهر الرجل المتهم بطعن 3 أطفال في إنكلترا
أكدت رويترز أن صورة يتم تداولها لشخص على أنه المشتبه به بتنفيذ هجوم طعن بحق ثلاث فتيات يافعات بإنكلترا مطلع الأسبوع، هي في الواقع مرتبطة بواقعة تعود للعام الماضي، في وقت أكدت فيه فرانس برس إصابة عناصر من الشرطة وتوقيف أشخاص في أعمال شغب شهدتها البلاد في ظل الواقعة.

وكان موقع Channel3 Now في الأصل قناة انشأت على يوتيوب قبل 11 عاما، وظلت تنشر مقاطع لسيارات رالي روسية، قبل أن تتحول إلى موقع إخباري، في صيف عام 2023، وبدأت تبث مقاطع فيديو تشبه المقاطع التي تنشرها القنوات الإخبارية المحترفة. 

ويستخدم الموقع شركة، مقرها الولايات المتحدة، تخفي عناوين IP وهو تكتيك شائع تستخدمه الجهات الفاعلة عبر الإنترنت في محاولة لإخفاء هوياتها.

وتقول التليغراف إن الشائعة أدت إلى رواج نظرية المؤامرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ونشرت آلاف الحسابات المرتبطة بروسيا هذه الشائعة، وكررتها وسائل الإعلام الحكومية الروسية، التي استشهدت بـ Channel3 Now في تقاريرها.

وفي الوقت نفسه، تبنت شخصيات من أقصى اليمين هذه الأنباء، مثل تومي روبنسون، مؤسس رابطة الدفاع الإنكليزية المناهضة للهجرة، التي لعبت دورا رئيسيا في التحريض على أعمال الشغب في ساوثبورت وأماكن أخرى هذا الأسبوع، والمؤثر أندرو تيت، الذي حصدت منشوراته عن الشكاتي ملايين المشاهدات ومئات الآلاف من الإعجابات.

وأدى انتشار المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى تأجيج أعمال الشغب في جميع أنحاء إنكلترا، واضطرت الشرطة لاحقا إلى تأكيد أن المتهم يدعى، أكسل روداكوبانا، وقد ولد في كارديف لأبوين روانديين، عام 2006.

لكن "مركز الصحافة الاستقصائية" وهو منظمة بريطانية غير هادفة للربح، قالت إنه ليس هناك ما يؤكد تماما أن روسيا تقف وراء هذا الموقع، وقال إنه بينما روج الموقع لمعلومات مضللة، فإن الروابط مع روسيا ليست واضحة. وأشار إلى أن وسائل الإعلام الحكومية الروسية نشرت المعلومات المضللة تماما مثلما فعل العديد من المعلقين البريطانيين.

ومع ذلك، يقول ستيفن هاتشينغز، أستاذ الدراسات الروسية في جامعة مانشستر، لصحيفة التليغراف إن الطريقة التي وجد بها هذا الموقع الإلكتروني غير المعروف نفسه في قلب سلسلة الأحداث "فوضوية للغاية".

ويوضح هاتشينغز أن هناك الكثير من المواقع من أمثال هذا الموقع، التي تنشر مئات القصص بتوجهات مؤيدة لروسيا أو معادية للغرب، بهدف بث الارتباك وزعزعة استقرار المجتمع في بريطانيا وأماكن أخرى.

وقال خبير التضليل، مارك أوين جونز، الأستاذ في جامعة نورث وسترن في الدوحة، إن التغيير المفاجئ في المحتوى الذي نشره الحساب يشير إلى أنه "اختُطف وأُعيد استخدامه".

ويتفق هاتشينغز مع ذلك، ويعتقد أن عملية الاستحواذ دعمتها جهات مرتبطة بروسيا.

وتضمن المحتوى، الذي تمت مشاركته على الموقع في الفترة التي سبقت عملية الطعن في ساوثبورت، قصصا إخبارية بدت وكأنها مأخوذة مباشرة من وكالات الأنباء البريطانية والأميركية، ولكنه أيضا نشر قصصا ذات محتوى غريب.

ويقول هاتشينغز إن هذا الموقع واحد من عدة "وكلاء" وليس الأكثر نجاحا، مضيفا أن الكرملين كان منذ فترة طويلة "منخرطا بشكل نشط" في تأجيج المعارضة في بريطانيا وأماكن أخرى عبر مثل هذه المشروعات.

ويضيف أن مثل هذه المواقع غالبا ما تعمل على تضخيم المنشورات التي تنشرها حسابات معادية للمهاجرين، أو تدعم نظريات المؤامرة، بدلا من نشر أكاذيبها الأصلية.

ويشير إلى أنه كان واضحا في الأنباء الزائفة الأخيرة حجم التأثير، فحساب الموقع على "إكس" لديه 3 آلاف متابع فقط ومع ذلك، خلقت المنشورات "التي تتكهن بأن مهاجم ساوثبورت كان مسلما أو مهاجرا أو لاجئا أو أجنبيا" ما لا يقل عن 27 مليون تفاعل.

وفي حين وصلت القصة المزيفة بلا شك إلى أعداد هائلة من الأشخاص الحقيقيين، فإن العدد المرتفع من التفاعلات ربما حدث لأن "العديد من متابعي Channel3 Now ليسوا أشخاصا حقيقيين ولكن روبوتات تعيد مشاركة الأشياء التي يبدو أنها تكتسب قوة جذب عبر الإنترنت"، وفق هاتشينغز.

وتشير عملية بحث بالموقع إلى أنه يحاول أن يظهر نفسه باعتباره منفذا إعلاميا عاديا، في سعيه إلى ما يبدو إلى اكتساب المصداقية.

ويبدو أن بعض المقالات المنشورة على Channel3 Now مأخوذة من مواقع إخبارية ووكالات مرموقة وذات أهمية دولية، مثل وكالة أسوشيتد برس، لكن البعض الآخر "مُعاد تعبئته باستخدام الذكاء الاصطناعي" لجعله جديرا بالثقة.

الحرة المصدر: الحرة
شارك الخبر

إقرأ أيضا