آخر الأخبار

الأسد وأردوغان: هل يمكن تجاوز سنوات القطيعة؟

شارك الخبر

سوريا وتركيا: دولتان طوتا عقوداً من الحرب الباردة بفتح الحدود، ورفعتا التعرفة الجمركية بينهما، وعقدتا شراكات سياسية واقتصادية وثقافية، وسيّرتا رحلات طيران يومية بين العاصمتين، وجمعت رأسي الدولة فيهما صداقة فريدة في العقد الأول من القرن الحالي. لكن سرعان ما تحولت الدولتان إلى عدوتين عصفت بهما شرارة التظاهرات المناوئة للحكومة السورية عام 2011، والتي دعمتها أنقرة في وجه دمشق، في ما بدا للرئيس السوري بشار الأسد كـ"طعنة في الظهر.”

تدفق اللاجئون السوريون عبر الحدود التي سرعان ما أعيد إغلاقها.

تشتتت عائلات وانهارت مشاريع تجارية وأعمال مشتركة، وتجاوزت التصريحات السياسية بين ممثلي الدولتين كل الخطوط الحمراء والاعتبارات الدبلوماسية.

بعد 13 سنة من القطيعة، تكثف النشاط الدبلوماسي في الفترة الأخيرة لدعم خطوات الانفتاح وكسر الجليد بين البلدين برعاية روسية بالدرجة الأولى، كما لعب العراق دوراً في الوساطة. ومن المتوقع أن يستضيف لقاءً رباعياً على مستوى نواب وزراء الخارجية لسوريا و تركيا والعراق وإيران في الأيام القليلة القادمة، قد يليه اجتماع آخر على مستوى الوزراء، بحسب ما علمت "بي بي سي".

كما أصدرت وزارة الخارجية والمغتربين السورية بياناً يوم السبت قالت فيه أن سوريا تؤكد على أن عودة العلاقة الطبيعية مع تركيا تقوم على عودة الوضع الذي كان سائداً قبل عام 2011، وأضاف البيان الذي نشرته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن أي مبادرة في هذا الصدد يجب "أن تبنى على أسسٍ واضحة،" وفي مقدمتها "انسحاب القوات الموجودة بشكل غير شرعي من الأراضي السورية، ومكافحة المجموعات الإرهابية التي لا تهدّد أمن سورية فقط، بل أمن تركيا أيضاً."

ما المصالح التي يمكن أن تساعد الدولتين على تجاوز خلافاتهما، وما الذي يمكن أن يعيق تقاربهما؟

هاجس الكيان الكردي المستقل

من أكثر الأمور التي تشهد توافقاً بين البلدين ملف الأكراد، فكلاهما يصنف "وحدات حماية الشعب" الكردية كجهة إرهابية، ولا يعرب أي منهما عن ارتياحه لنشاطها العسكري المدعوم أمريكياً ولا لإمكانية قيام كيان مستقل لها على جانبي الحدود التي تفصل بينهما.

بحسب السفير التركي السابق في سوريا عمر أونهون، فإن "أنقرة لن تقبل بأي كيان تابع لقوات حماية الشعب على حدودها، كما أن “وحدات حماية الشعب المدعومة أمريكياً باتت لديها مؤسسات مدنية خاصة بها وتسيطر على نحو 25 بالمائة من الأراضي السورية، بما في ذلك آبار النفط الذي تبيعه بسعر مخفض لتمويل نشاطاتها." بالتالي هم يعتقدون أنهم على الطريق لتحقيق "هدفهم بكيان مستقل دون استشارة الشعب السوري، بل بطريقتهم الخاصة، وتركيا لن تقبل بذلك."

ويضيف أونهون الذي مثّل دولته خلال ما يوصف بالعصر الذهبي للعلاقات بين البلدين، وشهد انهيارها أن "دمشق ستكون سعيدة بهذا الموقف الذي يدافع عن سلامتها الإقليمية، ورغم أنها التزمت الصمت حول هذه القضية، لكن لا أعتقد أنهم مستاؤون من أن تركيا تتصبب عرقا بسببها."

توسيع اتفاق أضنة

الإعلامي نضال قبلان، الذي كان آخر سفير لسوريا في تركيا قبل انقطاع العلاقات، يصف التعامل مع هذا الملف بأنه هناك دائما "عصا وجزرة،" مضيفاً أنه "من مصلحة الطرفين الحفاظ على الأمن وعودة الجيش التركي والسوري والقوى المختصة لضبط كامل الحدود" التي تمتد على طول أكثر من 900 كم.

لكن بحسب الباحث في جامعة ميلبورن توماس ماكجي، والمتخصص في ديناميات الصراع السوري، فإن الدافع الرئيسي لفتح العلاقات مع دمشق برأيه "سيكون البحث عن منطقة عازلة من نوع ما بين الأراضي التركية ومشروع الإدارة الذاتية الذي يقوده الأكراد في سوريا." ويضيف ماكجي أن الناس في تلك المناطق يشعرون بالقلق في حالة وجود نوع من الاتفاق بين سوريا وتركيا لإنشاء منطقة عازلة لـ"طرد الأكراد."

من جانبه، يتوقع قبلان أن يُعاد إحياء اتفاقية أضنة التي وقعها الجانبان عام 1998 وصنفت "حزب العمال الكردستاني" منظمة إرهابية ومنعت كامل نشاطاته على الأراضي السورية، بحيث تشمل النسخة الجديدة للاتفاقية "كل الفصائل الإرهابية التي تهدد الأمن والسلم بين البلدين بشكل عام."

وهذا ما قد يخلق نقطة خلاف جديدة بين الجانبين. فبحسب غالب دالاي، الزميل الاستشاري الأول في تشاتام هاوس، فإن مسألة مكافحة "الإرهاب" لن تكون واضحة بالنسبة لكلا الجانبين، وخاصة بالنسبة لتركيا، التي ينصب تركيزها الأساسي على وحدات حماية الشعب الكردي والاتحاد الديمقراطي الكردستاني.” ولكن بالنسبة لسوريا، فمن المرجح أن ترغب في إضافة مجموعات أخرى إلى "المزيج، مثل هيئة تحرير الشام، وجبهة النصرة، وغيرهما". ويستبعد دالاي تورط تركيا في القتال ضد الجماعات المسلحة التي دعمتها ضد الحكومة السورية.

مستقبل “قاتم” للمعارضة المسلحة

ليس من الواضح إن كان توسيع اتفاق أضنة، إن حدث، سيعد كافياً لتعاون البلدين في هذا الشأن الشائك والمعقد، خاصة مع تصاعد أصوات معارضة للتقارب السوري-التركي، إذ خرجت مظاهرات مطلع الشهر الحالي ضد توجهات الحكومة التركية في مناطق سيطرتها في درع الفرات ونبع السلام وغصن الزيتون داخل الأراضي السورية.

بحسب قبلان فإن إحدى الحلول المطروحة للتعامل مع هذا الملف هو ضم بعض الفصائل المسلحة تحت ما يسمى "الفيلق الخامس للجيش السوري وتصبح جزءاً من القوات السورية التي تدافع عن الحدود،" مضيفاً أنه "تمت مناقشة هذه الفكرة بين ممثلين عن قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وممثلي بعض الفصائل الكردية والأجهزة الأمنية والجيش السوري في دمشق."

القوات العسكرية التركية حاضرة في سوريا منذ عام 2016 عندما أطلقت تركيا أول عملية عسكرية رسمية باسم "درع الفرات" قالت حينها أنها تهدف إلى طرد تنظيم الدولة الإسلامية من المناطق الحدودية وتأمين الحدود التركية من تهديدات وحدات حماية الشعب الكردية، وذلك بالقتال جنباً الى جنب مع فصائل الجيش السوري الحر المعارض.

تصف دمشق ما حصل باحتلال لأراضيها، وعندما بدأت محاولات التقارب بين البلدين بعدها بسنوات عدة، كانت سوريا تشترط باستمرار الانسحاب الكامل للقوات التركية من أراضيها قبل البدء بأي محادثات، ما لم يحصل حتى الآن. إلا أن دمشق خففت في الفترة الأخيرة حدة نبرتها تجاه هذا الشرط، وأعرب الرئيس الأسد عن "انفتاحه على كل المبادرات، المرتبطة بالعلاقة بين سوريا وتركيا، والمستندة إلى سيادة الدولة السورية، على كامل أراضيها ومحاربة الإرهاب وتنظيماته”، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).

وبحسب قبلان فإن "تليين المواقف يتعلق بعدم إصرار دمشق على الانسحاب التركي كاملا كشرط مسبق وإنما بالتزام تركي أمام روسيا بالدرجة الأولى، وثم إيران والعراق ودول أخرى بجدول زمني للانسحاب مع تقديم ضمانات للالتزام بهذا الجدول."

وفيما تطرح على الطاولة هذه الخيارات المختلفة تتوالى أصوات عدة من ممثلي المعارضة السورية في تركيا والخارج يشوبها القلق والترقب حيال ما يمكن أن تنطوي عليه هذه التطورات بالنسبة لمستقبلها، واحتمال خروجها من الحضن التركي.

ويعلق الباحث في تشاتام هاوس دالاي أنه "بطبيعة ال ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك الخبر

إقرأ أيضا