أولمبياد 2024 وقيود السياسة.. من أوكرانيا إلى غزة فأفغانستان

تسعى اللجنة الأولمبية الدولية إلى "جمع العالم" على هامش دورة الألعاب الأولمبية، التي ستجري في باريس هذا الصيف، لكن هل ستنجح في جعل الألعاب حدثاً "سلمياً" يقرّب بين الدول والشعوب؟

يحظر الميثاق الأولمبي أي "دعاية سياسية" على أرض الملعب أو منصات التتويج، لكن يسمح بها في القرية الأولمبية أو خلال المؤتمرات الصحافية. فكيف ستتجلّى النزاعات المستمرة لا سيّما حربي غزة وأوكرانيا في الألعاب الأولمبية التي تنطلق في 26 يوليو

روسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا

بسبب اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في فبراير 2022 ودعم بيلاروسيا لموسكو، بدا مستبعداً إمكان جمع رياضيين من الجنسيات الثلاث في ألعاب باريس 2024. فمُنع الروس والبيلاروس من الألعاب الأولمبية حتى مارس 2023 فيما كان الأوكرانيون يهددون بمقاطعة الألعاب الأولمبية في حال مشاركة هؤلاء.

لكن منذ تخلّي كييف عن هذا الموقف في صيف 2023، عملت اللجنة الأولمبية الدولية على إعادة إشراك الروس والبيلاروس تدريجياً في المسابقات الدولية في ظلّ شروط صارمة تمثلت في أن يشاركوا بصفتهم الشخصية وتحت راية محايدة وألّا يكونوا "داعمين بشكل نشط للحرب في أوكرانيا" ولا متعاقدين مع الجيش أو وكالات أمنية.

ومنعت الهيئة حاملي هاتين الجنسيتين من المشاركة في المسيرة الافتتاحية على نهر السين في باريس.

ووافقت على تأهّل 28 روسياً و19 بيلاروسياً تحت راية محايدة، وذلك في إطار يقتصر حالياً على تسعة مجالات هي المصارعة والترامبولين والدراجات على الطرق ورفع الأثقال والرماية وكرة المضرب والتجديف والجودو وركوب الكنو. ومن المتوقع إكمال القائمة.

ويُعدّ هذا العدد ضئيلاً جداً بالمقارنة مع أعداد الروس (330) والبيلاروس (104) الذين شاركوا عام 2020 في الألعاب الأولمبية في طوكيو.

وسيخضع هؤلاء "الرياضيون المحايدون" لمراقبة دائمة، بحيث سيؤدي أي إظهار دعم للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، مثل إبراز رمز Z، إلى إجراء يمكن أن يصل إلى "الاستبعاد الفوري من الألعاب الأولمبية"، حسبما قال رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ لوكالة "فرانس برس" في نهاية أبريل.

الفلسطينيون والإسرائيليون

تحاول اللجنة الأولمبية الدولية منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس أن تلتزم الحياد، مؤكدةً دعمها "لحلّ الدولتين" ومعترفة باللجنة الأولمبية الفلسطينية ونظيرتها الإسرائيلية منذ 1995.

لذلك لم تعمل أبداً على تقديم الرياضيين الإسرائيليين تحت راية محايدة، مع أن القصف الإسرائيلي بلا هوادة لغزة منذ السابع من أكتوبر دمّر المؤسسات الرياضية الأساسية في القطاع وقتل شخصيات بارزة في الوسط الرياضي الفلسطيني، بحسب اللجنة الأولمبية الفلسطينية.

وفي منتصف يونيو، أعرب رئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية جبريل الرجوب عن أمله في أن تستقطب الألعاب الأولمبية مزيداً من الاهتمام بالحرب في غزة والوضع في الضفة الغربية، قائلاً إن "باريس هي لحظة تاريخية، ولحظة عظيمة للذهاب إلى هناك وإخبار العالم أن الوقت قد حان لنقول توقفوا، كفى".

وبحسب اللجنة الأولمبية الدولية، ينبغي على الهيئة الفلسطينية المشاركة في الأولمبياد أن تضمّ "ستة إلى ثمانية ممثلين" في باريس في ظلّ نظام الدعوات.

ويسمح النظام الأولمبي لعدد محدود من الرجال والنساء بالمشاركة، حتى لو لم يستوفوا المعايير اللازمة.

من الجانب الإسرائيلي، يبقى توفير الأمن على رأس الأولويات كما كانت الحال في كلّ نسخة من الألعاب الأولمبية منذ دورة ألعاب ميونيخ في العام 1972 والتي أسفرت عن مقتل 11 رياضياً إسرائيلياً.

حتى اللحظة، تعتزم البعثة "المشاركة في الحفل الافتتاحي مثل أي فريق آخر"، بحسب اللجنة الأولمبية الإسرائيلية.

أفغانستان

تسببت عودة حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان في صيف العام 2021، بمعضلة للسلطات الرياضية هي الموازنة بين الحوار والضغط لمساعدة الرياضيين ومرافقيهم أكانوا في المنفى أم في بلدهم، بدون الموافقة على حظر ممارسة النساء الرياضة.

في منتصف يونيو، قالت اللجنة الأولمبية الدولية إنها حصلت على تأكيد مشاركة فريق مؤلف من ثلاثة رياضيين أفغان (ألعاب القوى والسباحة والجودو) وثلاث رياضيات (ألعاب القوى وركوب الدراجات)، بدون الكشف عن هوياتهم.

ويقيمون جميعاً في الخارج باستثناء لاعب الجودو، حسبما قال المدير العام للجنة الأولمبية الأفغانية داد محمد بايندا أختاري.

وأوضح "بما أن الرياضة للنساء محظورة في أفغانستان، لم تُرسل (الرياضيات الثلاث) من داخل البلد".

وسيكون لأفغانستان التي تُعدّ ثالث أكبر بلد في العالم من حيث عدد المنفيين، خمسة ممثلين في الفريق الأولمبي للاجئين بينهم قائدة الفريق معصومة علي زاده. وقالت مؤخراً لوكالة "فرانس برس": "أنا سعيدة للغاية بوجود ثلاث نساء أفغانيات في الألعاب الأولمبية وأنهن متساويات مع الرجال".


إقرأ أيضا