أميركا والصين تستعدان لحرب كبرى تستمر لسنوات.. فلمن ستكون الغلبة؟

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على الرابط أعلاه للمشاهدة على الموقع الرسمي

مقدمة الترجمة:

يتبنى أندرو كرِبينيفيتش، الباحث في معهد هَدْسون ومركز الأمن الأميركي الجديد، وجهة النظر العسكرية الأميركية في هذه المقالة المنشورة في مجلة فورين أفيرز الأميركية. ويحاول فيها أن يتنبأ بالإستراتيجيات الحربية التي من المُمكن أن ينتهجها الأميركيون عند دخول حرب طويلة مع الصين خلال السنوات القليلة القادمة.

 

نص الترجمة:

على مدى العقد الماضي، تحول احتمال شن عدوان عسكري صيني في منطقة المحيطين الهندي والهادئ من كونه مجرد فكرة افتراضية إلى موضوع يخضع الآن للنقاش والتحليل بجدية داخل غرف التخطيط العسكري للولايات المتحدة. لقد تمكَّن الزعيم الصيني شي جين بينغ من تسريع وتيرة بناء القدرات العسكرية لبلاده في العقود الثلاثة الأخيرة، وهو ما أدى إلى تصاعد التوترات التي تعود جزئيا إلى إصرار الصين على التوغل في المياه البحرية لدول حليفة للولايات المتحدة وشركاء أمنيين رئيسيين لها في المنطقة مثل اليابان والفلبين وتايوان. وقد أكدَّ شي جين بينغ مرارا وتكرارا ما يراوده من توقٍ لإعادة توحيد تايوان مع الصين رافضا التخلي عن استخدام القوة لتحقيق مآربه. ومع انشغال الولايات المتحدة بالحروب الكبرى في أوروبا والشرق الأوسط، يظل هناك هاجس يهدد صفاء سريرة بعض المسؤولين في واشنطن، وهو احتمال استغلال الصين فرصة انشغال الولايات المتحدة لتحقيق بعض طموحاتها بشن عملية عسكرية قبل أن يتمكن الغرب من الرد.

ونظرا إلى أن تايوان هي نقطة الاشتعال التي تؤجج الصراع بين القوتين، قدَّم الإستراتيجيون الأميركيون عدة نظريات حول كيفية حدوث مثل هذا الهجوم وما ستؤول إليه الأمور. ويشير السيناريو الأول إلى احتمال أن تشن الصين غزوا لتايوان وتجعله "أمرا واقعا"، وذلك بشن الجيش الصيني غارات جوية وهجمات صاروخية على القوات التايوانية والقوات الأميركية القريبة، في حين يلجأ (الجيش الصيني) إلى طرق للتشويش على الإشارات والاتصالات واستخدام الهجمات السيبرانية لتعطيل القدرة على التنسيق والرد السريع من القوات المدافعة عن الجزيرة. إذا نجحت هذه العمليات وغيرها من الإجراءات الداعمة، فقد تمكِّن القوات الصينية من السيطرة بسرعة على تايوان.


مصدر الصورة
(الجزيرة)

أما السيناريو الثاني فيفترض أن الولايات المتحدة ستقود تحالفا لصد الهجوم الصيني على تايوان باستخدام الألغام البحرية والصواريخ المضادة للسفن والغواصات والغواصات المُسيَّرة تحت الماء لمنع الجيش الصيني من السيطرة على المياه المحيطة التي تحتاج إليها الصين لتنفيذ غزو ناجح. ومن جهة أخرى، ستحاول قوات الدفاع الجوي التابعة للتحالف منع الصين من توفير الغطاء الجوي الضروري لدعم جيشها، في حين تُعطِّل الحرب الإلكترونية والسيبرانية جهود الصين في التحكم بالاتصالات داخل ساحة المعركة وما حولها. وفي أفضل الأحوال، ستتمكن هذه الدفاعات القوية من دفع الصين إلى وقف هجومها والسعي إلى السلام.

ولكن القلق المتزايد الذي يقض مضاجع معظم الإستراتيجيين ينبع في الأساس من الاحتمال الثالث والأكثر كارثية، وهو اندلاع حرب مباشرة بين الولايات المتحدة والصين، اللتيْن تمتلك كل منهما أسلحة نووية. في سيناريو كهذا، يتصور بعض المختصين أن الحرب المباشرة بين القوتين العظميين قد تؤدي إلى تصعيد جامح يخرج عن نطاق السيطرة. فعندما يبدأ الهجوم الأول أو يندلع نزاع مسلح، سيسعى أحد الطرفين أو كلاهما إلى تحقيق ميزة حاسمة أو منع حدوث انتكاسة شديدة باستخدام القوة المُفرطة. وحتى لو تمَّ هذا الاستخدام للقوة بطرق تقليدية، فإنه قد يثير غضب الخصم ويستفزه ليدفعه في النهاية إلى استخدام الأسلحة النووية، مُطلِقا العنان لحرب كارثية. ولأن جميع هذه السيناريوهات منطقية ومحتمل حدوثها، يجدر بصناع القرار في الولايات المتحدة أن يأخذوها على محمل الجد ويفكروا في كيفية التعامل معها.

ومع ذلك، ثمة احتمال مختلف تماما وأقرب إلى الواقع، وهو اندلاع حرب تقليدية طويلة الأمد بين الصين وتحالف بقيادة الولايات المتحدة. ورغم أن صراعا كهذا ستكون نتائجه أقل تدميرا من الحرب النووية، فإنه مع ذلك سيفرض تكاليف باهظة على الطرفين قد تمتد إلى مساحات جغرافية شاسعة ويتضمن أنواعا من الحروب لا يتمتع فيها أي منهما بالخبرة الكافية. بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها وشركائها الديمقراطيين، فإن حربا طويلة مع الصين قد تمثل الاختبار الأهم والأكثر تحديا في عصرنا الحالي.

 

معارك بلا أسلحة

توجد أسباب وجيهة للاعتقاد بأن الحرب بين الولايات المتحدة والصين لن تؤول إلى تصعيد نووي (رويترز)

إن الصراع العسكري بين الصين والولايات المتحدة سيكون أول حرب بين القوى العظمى منذ الحرب العالمية الثانية، وأول حرب بين قوتين نوويتين عظميين على الإطلاق. ونظرا إلى أن المنطقة المعنية بالصراع، وهي شرق آسيا، تضم ثلاث دول متقدمة تكنولوجيا وديمقراطيا واقتصاديا، وهي اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، وتُعتبر جميعها من حلفاء أو شركاء الولايات المتحدة، فإن مثل هذه الحرب ستخلِّف وراءها أخطارًا جسيمة. فبمجرد بدء القتال، سيغدو من الصعب للغاية على أي من الجانبين التراجع، وليس واضحا ما إذا كان الصراع سيؤدي إلى تصعيد نووي.

وكما كان الحال مع الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة في أواخر القرن العشرين، تستطيع كلّ من الصين والولايات المتحدة حاليا تدمير الأخرى في غضون ساعات باستخدام الأسلحة النووية، لكنهما لا تفعلان ذلك لما ينطوي عليه الأمر من أخطار عالية قد تؤدي إلى تدميرهما ذاتيا. فقرار كهذا قد يستفز الخصم لشن هجوم نووي مضاد، أو ما يُعرف بـ"الضربة الثانية" أو "التدمير المتبادل المؤكد" (MAD). فمثلا خلال الحرب الباردة، كان الخوف من تأجيج تبادل نووي يمثل حافزا قويا لموسكو وواشنطن كي تتجنَّبا أي مواجهة عسكرية مباشرة.

وبطبيعة الحال، يظهر الفرق الواضح بين توازن القوى النووية بين بكين وواشنطن، والتوازن السابق بين موسكو وواشنطن أثناء الحرب الباردة، إذ حققت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي توازنا نوويا تقريبيا على مستوى القوات آنذاك. أما الآن، فإن حجم الترسانة النووية الصينية يُعَد جزءا صغيرا مقارنة بحجم ترسانة الولايات المتحدة، إلا أن بكين تسعى إلى التوسع فيها بشكل كبير من أجل الوصول إلى مستوى ترسانة الأسلحة النووية الإستراتيجية الأميركية في العقد المقبل. ولكن حجم ترسانة الأسلحة النووية الصينية كافٍ لتنفيذ ضربة انتقامية للولايات المتحدة إذا هاجمت الصين، وهو ما سيؤدي بالتأكيد إلى تدمير متبادل.

في حالة نشوب صراع مسلح بين الصين والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، سيكون لدى الجانبين مصلحة قوية في تجنب التصعيد الجامح والبحث عن طرق أخرى للقتال. (غيتي)

ومع ذلك، توجد أسباب وجيهة للاعتقاد بأن الحرب بين الولايات المتحدة والصين لن تؤول إلى تصعيد نووي. فعلى مدى أكثر من سبعة عقود من الصراعات منذ الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك العديد من الصراعات التي شملت قوة نووية واحدة على الأقل، كانت الأسلحة النووية غائبة غيابا ملحوظا عن المشهد. ففي أثناء الحرب الباردة، انخرطت القوتان النوويتان (أميركا والاتحاد السوفييتي) في حروب بالوكالة (وهي حروب تستخدم فيها القوى المتحاربة أطرافا أخرى للقتال بدلا عنها)*، ووقعت الصراعات في أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، وأخذت الحروب طابعا تقليديا رغم التكاليف البشرية والعسكرية الباهظة التي تكبدها من شارك فيها. وحتى في الحروب التي كان فيها طرف واحد هو الذي يمتلك أسلحة نووية، فقد امتنع هذا الطرف عن استغلال تفوقه. فمثلا خاضت الولايات المتحدة حروبا دامية وطويلة الأمد في كوريا وفيتنام، لكنها امتنعت عن استخدام ورقتها النووية الرابحة. والأمر ذاته ينطبق على روسيا التي لم تلجأ إلى قوتها النووية في حربها مع أوكرانيا رغم أن الصراع جاوز عامه الثاني وكبَّد روسيا بالفعل خسائر فادحة من الدماء والمال.

في السياق ذاته، لا ينبغي أن يكون ضبط النفس في استخدام الأسلحة النووية مُفاجئا. فخلال الحرب الباردة، أدّى احتمال نشوب صراع طويل بدون أسلحة نووية دورا هاما في التخطيط الإستراتيجي لكلا الجانبين. وهكذا، لم يتناول الفكر الأميركي والسوفيتي التهديد بالتصعيد النووي فحسب، بل تناول أيضا احتمال نشوب حرب تقليدية طويلة الأمد. ومن أجل الاستعداد لمثل هذا النوع من الحروب وإثناء الطرف الآخر عن اعتقاد أنه قادر على الفوز في مثل هذا الصراع، عملت كل من القوتين العظميين على تخزين كميات كبيرة من المعدات العسكرية الفائضة والمواد الخام الأساسية، إذ دشَّنت الولايات المتحدة أسطولا من الطائرات بقاعدة "ديفيس مونثان" الجوية بولاية أريزونا جنوب غربي الولايات المتحدة، وهي بمثابة مخزن مترامي الأطراف للطائرات العسكرية، كما دشَّنت أيضا "أسطولا بحريا في وضع التجميد"، وجميعها كانت احتياطيات كبيرة من الطائرات والسفن المتقاعدة التي خرجت من الخدمة إلا أنه كان بإمكانهم تعبئتها واستخدامها حسب الحاجة.

على الجانب الآخر، جمع السوفييت كميات هائلة من الذخائر الاحتياطية، إلى جانب الآلاف من الدبابات والطائرات وأنظمة الدفاع الجوي، وغيرها من الأسلحة لدعم العمليات القتالية المستمرة. وكانت الاستعدادات التي تجري لحالة الحرب بين الجانبين تعتمد على فرضية أن الحرب قد تستمر مدة طويلة دون أن تؤدي بالضرورة إلى حرب نو ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي

إقرأ أيضا

أخبار عالميّة

RT Arabic