الانتخابات البريطانية وحرب غزة: ما حجم تأثير أصوت المسلمين والعرب على نتائج الاقتراع؟


مصدر الصورة

كتب السياسي البريطاني البارز، ونستون تشرشل، رسالة في عشرينيات القرن الماضي أشار فيها إلى أن الإمبراطورية البريطانية تضم أكبر عدد من المسلمين في العالم.

والآن، وبعد مرور أكثر من مئة عام على حديث تشرشل، تثير توجهات مسلمي بريطانيا اهتمام مراقبين يسعون لمعرفة حجم تأثير تلك الفئة من الناخبين على نتائج الانتخابات العامة المحددة يوم 4 يوليو/تموز.

ويأتي الاستحقاق الانتخابي في وقت تدور فيه رحى حرب في منطقة بعيدة كانت خاضعة لسيطرة لندن، عندما كان تشرشل يتباهى باتساع رقعة الإمبراطورية البريطانية.

فالحملة الإسرائيلية الحاليّة في غزة قسمت الرأي العام البريطاني، وهو ما تجسد في المظاهرات التي طافت شوارع البلاد والاحتجاجات في عدد من الجامعات.

لكن هل سيكون لحرب غزة تأثير حقيقي على نتائج الانتخابات؟ وهل يمكن لمسلمي بريطانيا والمواطنين ذوي الأصول العربية أن يحدثوا فارقاً أم أن أصواتهم لن تحدث تغييرا يذكر؟

تبدو الإجابات عن هذه الأسئلة متقاطعة، إذ إن قضية حرب غزة تشغل بال الكثير من المسلمين البريطانيين والمواطنين ذوي الأصول العربية، كما هو الحال مع بريطانيين من خلفيات دينية وعرقية مختلفة.

عمال ومحافظون

تظهر كلمة "حلال" على كثير من لوحات محلات البقالة والمطاعم في لندن؛ فكثيرة هي المطاعم التي تقدم الوجبات التي تراعي قواعد الشريعة الإسلامية، وهو الأمر الذي يبدو منطقياً، فالعاصمة البريطانية تستقبل الكثير من السياح والزوار القادمين من دول إسلامية.

لكن مطاعم "الحلال" ليست قاصرة على المناطق السياحية، بل أنها موجودة في أحياء بلندن ومدن أخرى لا تجتذب الكثير من السياح، فالمسلمون صاروا من مكونات المجتمع البريطاني الذي صار التنوع من أبرز صفاته في عدة مناطق بالبلاد

وبحسب البيانات الرسمية، فإن عدد المسلمين في عموم البلاد يقترب من أربعة ملايين نسمة أي ما يبلغ 6.5 بالمئة من إجمالي عدد السكان، لكن هذه النسبة مرشحة للزيادة خاصة مع صغر متوسط أعمار المسلمين في البلاد.

في حي توتينغ، جنوبي لندن، تبرز الأعلام الفلسطينية على واجهات العديد من المطاعم الباكستانية والبنغالية.

داخل أحد تلك المطعام كان شاكر (فضّل عدم ذكر اسمه كاملا)، المهاجر الباكستاني الأصل، يتناول العشاء بينما كان يتحدّث بنبرة انفعالية عن حرب غزة، مشدداً على أنها أثبتت أن "جميع الأحزاب البريطانية منحازة إلى إسرائيل"، على حد قوله.

شاكر، الذي يدير شركة تنظيف منازل، قال إنه يعتزم أن يصوت لأي مرشح مستقل يتعاطف مع أهل غزة.

ويبدو أن هذا ليس رأي شاكر وحده.

فمنذ الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وما تبعه من حرب إسرائيلية في قطاع غزة، ووسائل الإعلام البريطانية تتحدّث عن حالة من الامتعاض في أواسط المسلمين البريطانيين حيال ردود فعل الساسة البريطانيين، وخاصة قادة حزب العمال، الذي تشير بعض استطلاعات الرأي – منها استطلاع نشرته مجلة الإيكونوميست وآخر نشرته صحيفة فايننشال تايمز – إلى تقدمه على حزب المحافظين الحاكم.

فالحزب المعارض عادة ما يُعتبر الحزب المفضل لدي الكثير من المسلمين البريطانيين وهو ما تجلى في استطلاع الرأي، الذي أجرته مؤسسة سرفيشين، بناء على طلب من رابطة المسلمين في حزب العمال، والذي أشار إلى أن 86 من المسلمين قالوا أنهم صوتوا لصالح حزب العمال في الانتخابات العامة عام 2019.

لكن وبعد أربع سنوات، وجه قطاع من البريطانيين المسلمين سهام النقد لمواقف زعيم حزب العمال، كير ستارمر، في بداية الحرب، وحديثه عن "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بكل السبل الممكنة".

كما دعا الزعيم العمالي نواب حزبه إلى الامتناع عن التصويت على مقترح في مجلس العموم يدعو إلى وقف إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قبل أن يعود بعد أشهر ويدعو إلى وقف إطلاق نار ودعم انطلاق عملية تسوية سلمية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

لكن هل يعني هذا أن الكثير من الناخبين المسلمين بصدد التخلي عن دعم العمال في الانتخابات المقبلة؟

يبدو المشهد الانتخابي في بريطانيا معقداً بصورة تجعل من الصعب تقديم إجابة حاسمة لهذا السؤال، كما تشرح منى أيمن، المصرية الأصل، وهي التي اعتادت التصويت لحزب العمال منذ حصولها على الجنسية البريطانية.

تقول: "في بداية الحرب قرّرت ألا أصوت لحزب العمال وأن أدعم أي مرشح يتوافق برنامجه الانتخابي مع معتقداتي التي ترفض الحرب في غزة من منظور إنساني. لكنني الآن عدلت من موقفي وسأصوت للعمال لأن التصويت لغيرهم قد يعود بالفائدة على حزب المحافظين الذي لا أتفق مع مواقفه في العديد من القضايا".

"الصوت المسلم"

وكان استطلاعان للرأي أجرتهما مؤسسة سافنتا، في نهاية مايو/أيار الماضي وأوائل يونيو حزيران الجاري، بالتعاون مع منصة هايفين الإلكترونية المختصة بقضايا المسلمين في بريطانيا، ومؤسسة سارفيشين، بالتعاون مع شبكة المسلمين في حزب العمال في فبراير شباط الماضي، قد أشارا إلى أن عدد المسلمين الذي يعتزمون التصويت لصالح حزب العمال يدور في فلك 60 بالمئة، بينما لم تتجاوز نسبة المسلمين الذين يعتزمون التصويت لصالح حزب المحافظين 12 بالمئة.

ويوجد حاليا 3 نواب مسلمين في مجلس العموم يمثلون حزب المحافظين. ولعل من أبرز الساسة المحافظين من ذوي الأصول المسلمة ناظم الزهاوي العراقي الأصل والذي تقلد عدة مناصب حكومية في حكومات المحافظين المتعاقبة من بينها وزير التعليم.

كما يوجد تجمع للأعضاء المسلمين في حزب المحافظين يسعى إلى تشجيع المسلمين للمشاركة الفعالة في الحياة السياسية.

الناشطة سوزان أحمد تسعى هي الأخر إلى دعم مشاركة المسلمين في الحياة السياسية البريطانية لكن ليس لصالح حزب المحافظين ولا للعمال.

سوزان عضوة في جمعية "الصوت المسلم" التي تهدف إلى "حشد أصوات المسلمين وراء قضية نبيلة كالقضية الفلسطينية"، إذ تعمل الجمعية على دارسة برامج المرشحين لتوعية الناخبين بمواقف المرشحين من قضية حرب غزة. وتعرف الجمعية نفسها على أنها "مؤسسة سياسية وليست دينية تضم أطيافا مختلفة من المسلمين في بريطانيا".

تقول سوزان: "كنا (كمسلمين) نعطي أصواتنا لحزب العمال من دون مقابل. الآن علينا أن نراجع هذه السياسة. علينا محاسبة حزب العمال رغم أننا نعلم أنه بصدد تحقيق أغلبية مريحة. نحن ندعو أنصارنا إلى التصويت لمرشحين مستقلين حتى لو أدى هذا إلى تحقيق حزب المحافظين لبعض النجاحات".

لكن عمر سعد، العضو في حزب العمال، يرى أن عدد المسل ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي

إقرأ أيضا