الانتخابات الأمريكية والشرق الأوسط: تاريخ من الاستثناءات


مصدر الصورة

"إنه الاقتصاد يا غبي" - تلخص تلك العبارة الفظة، التي أطلقها سياسي أمريكي في تسعينيات القرن الماضي، مذهب فريق من خبراء السياسة الذين يرون أن الأوضاع الاقتصادية هي التي تحسم دائماً السباقات الانتخابية في الولايات المتحدة على حساب قضايا أخرى من بينها العلاقات الخارجية.

لكن، وفي ظل ما تشهده الولايات المتحدة من نقاشات حادة وتظاهرات على خلفية حرب غزة قبل الانتخابات الرئاسية، فقد يتبادر إلى الذهن أسئلة عن مدى صحة الحديث عن أولوية الاقتصاد دائما في الاستحقاقات الانتخابية الأمريكية، إلى جانب أسئلة أخرى حول ما إذا كان لقضايا الشرق الأوسط دور رئيسي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي تُنظّم منذ أكثر من 200 عام.

ولا يمكن الإجابة عن هذا السؤال دون تسليط الضوء على بعض الانتخابات الرئاسية الأمريكية السابقة التي تزامنت مع تطوّرات درامية في المنطقة.

ترومان وانتخابات 1948

تُعدُّ الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 1948 إحدى أكثر الانتخابات تشويقاً في تاريخ البلاد؛ إذ جاءت نتائجها مخالفة لكثير من التوقعات.

فالرئيس الديمقراطي، هاري ترومان، الذي كان يسعى لولاية جديدة، واجه تحديات كبيرة في السباق الانتخابي؛ كان عليه أن يتغلب على عدد من المرشحين، أبرزهم مرشح الحزب الجمهوري، توماس ديوي، الذي كان يشغل منصب عمدة ولاية نيويورك، ووزير التجارة السابق، هنري والاس، صاحب التوجهات الليبرالية.

وكانت استطلاعات الرأي تظهر تقدم ديوي على ترومان خلال الحملات الانتخابية والنقاشات المصاحبة لها التي تطرقت إلى العديد من القضايا من بينها الأوضاع الاقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية، وقضية الحقوق المدنية الخاصة بالأمريكيين السود.

وبحسب بعض المؤرخين فإن الشرق الأوسط كان حاضراً بشكل ما في تلك الحملات؛ إذ شهد عام 1948 تأسيس دولة إسرائيل، والحرب العربية-الإسرائيلية الأولى.

ويرى الأكاديمي الإسرائيلي، مايكل كوهين، في كتابه "ترومان وإسرائيل" أن اعتراف إدارة ترومان بإسرائيل بعد 11 دقيقة من إنشائها في مايو/أيار 1948، رغم معارضة مسؤولين بارزين في وزارة الخارجية لهذا القرار، جاء في الأساس تطبيقاً لحسابات انتخابية لجذب أصوات الناخبين اليهود في الانتخابات التي كانت ستجرى بعد أشهر، خاصة في ولاية نيويورك، التي كان الناخبون اليهود يشكلون أكثر من 10 في المئة من سكانها.

في المقابل، يذهب فريق أخر من المؤرخين إلى أن قرار ترومان جاء في الأساس بسبب تعاطفه مع الحركة الصهيونية، كما يقول الكاتب الأمريكي أيه جيه بايمي (AJ Baime) مؤلف كتاب "رئيس عن طريق الخطأ"، الذي يتناول سيرة حياة ترومان.

وبغض النظر عن دوافع ترومان، فإن الانتخابات أسفرت عن فوزه، ما مثل مفاجأة للكثير من المراقبين الذين توقعوا فوز المرشح الجمهوري توماس ديوي، لدرجة أن صحيفة في مدينة شيكاغو تسرعت ونشرت خبراً عن فوزه، ليظهر الرئيس ترومان في اليوم التالي حاملاً نسخة من الصحيفة وهو مبتسم.

ولم يكن حصول ترومان على أغلب أصوات اليهود الأمريكيين حدثاً استثنائياً؛ وكان ذلك يجسد توجهاً بدأ قبل تلك الانتخابات بنحو 25 عاماً، واستمر حتى الانتخابات الرئاسية الأساسية الأخيرة 2020؛ إذ حصل مرشحو الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية على أكبر عدد من أصوات الناخبين من يهود الولايات المتحدة منذ عام 1924، بحسب الأكاديمي الأمريكي، هربرت إف وايزبرغ، في دراسته عن تصويت اليهود في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

سرحان سرحان

بعد 20 عاماً، وتحديدا عام 1968، سيعود الشرق الأوسط إلى الساحة الانتخابية الأمريكية بشكل غير مباشر.

فوزير العدل الأمريكي السابق، روبرت كينيدي، وهو شقيق الرئيس الراحل جون كينيدي، كان من أبرز المتنافسين على ترشيح الحزب الديمقراطي للسباق الرئاسي.

لكن وفي يونيو/حزيران عام 1968 قُتل كيندي بعد إطلاق النار عليه في ولاية كاليفورنيا، وألقت الشرطة القبض على المهاجر، فلسطيني المولد، سرحان سرحان، قبل أن تتم محاكمته ثم إدانته.

وأثناء التحقيق الذي سبق المحاكمة، وما تلاها من مقابلات صحافية، اعترف سرحان بجريمة القتل التي وقعت في الذكرى الأولى لحرب يونيو/حزيران 1967، مُرجعاً الأمر إلى إعلان كينيدي نيته بيع العشرات من الطائرات الحربية إلى إسرائيل.

اعتراف سرحان لم يحل دون انتشار نظريات مؤامرة حول وجود قاتل آخر.

وأصدرت محكمة في ولاية كاليفورنيا حكما بإعدام سرحان، استبدل لاحقاً بعقوبة السجن مدى الحياة بعد إلغاء الولاية أحكام الإعدام.

لكن تطوراً دولياً آخر، بعيداً عن أحداث الشرق الأوسط، كان بمثابة عامل حسم في انتخابات 1968.

كان التورط الأمريكي في حرب فيتنام من بين العوامل التي حسمت السباق الرئاسي لصالح الجمهوري ريتشارد نيكسون على حساب المرشح الديمقراطي هيوبرت همفري.

الخميني وكارتر

كثيراً ما أشار الرئيس الأمريكي جيمي كارتر إلى الوساطة الأمريكية لاتفاق السلام بين مصر وإسرائيل بوصفها إحدى إنجازاته في مجال السياسية الخارجية.

لكن حدثاً ضخماً آخر في منطقة الشرق الأوسط ارتبط لاحقاً بشكل سلبي بسيرة كارتر في البيت الأبيض، خاصة أنه تصادف مع الفترة التي كان يسعى فيها لحشد تأييد الشارع الأمريكي للفوز بولاية ثانية في انتخابات 1980.

ففي عام 1979 اندلعت الثورة الإيرانية لتطيح بحكم الشاه محمد رضا بهلوي، حليف واشنطن المقرب، ولتؤسِّس نظام حكم يتقدمه رجل الدين المعادي لسياسات الولايات المتحدة، آية الله روح الله الخميني.

وعلى مدار الأشهر التالية بات واضحاً أن الصداقة بين واشنطن وطهران حلّ محلها التوتر، بل والعداء.

ففي نوفمبر/تشرين الثاني، وبعدما سمحت واشنطن للشاه المخلوع بدخول الأراضي الأمريكية لتلقي العلاج، اقتحم طلاب إيرانيون مقر السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا العشرات من الموظفين والدبلوماسيين والجنود الأمريكيين.

وعقب فشل المساعي الدبلوماسية لإطلاق سراح الرهائن الأمريكيين، أصدر كارتر أوامر ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي

إقرأ أيضا