آخر الأخبار

سوريا: الانتخابات البلدية بين تهديدات تركيا ورفض الولايات المتحدة

شارك الخبر

بهدوء مر الحادي عشر من يونيو / حزيران الذي كان مقررا لإجراء الانتخابات البلدية في شمال شرقي سوريا، إذ قررت الإدارة الذاتية (الجناح المدني لقوات سوريا الديمقراطية)، تأجيل هذه الانتخابات إلى أغسطس/آب المقبل، بعد تهديد أنقرة بشن هجوم عسكري جديد على المنطقة وعدم صدور أي موقف مشجع من واشنطن الداعمة الرئيسية لقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد من جهة أخرى.

لكن المفوضية العليا للانتخابات في شمال شرقي سوريا قالت في بيان صادر عنها : "إن قرار التأجيل جاء استجابة لمطالب تحالفات سياسية مشاركة في العملية الانتخابية، وحرصاً على تنفيذ العملية الانتخابية بشكل ديمقراطي".

وأُجِّلت هذه الانتخابات مرتين، إذ كانت مقررة في نهاية شهر مايو الماضي قبل أن تؤجل إلى 11 يونيو الجاري ثم جرى تأجيلها مرة أخرى إلى أغسطس المقبل.

وازدادت مخاوف أنقرة إلى درجة أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، هدد بهجوم عسكري إذا مضت الإدارة قدماً في إجراء الانتخابات.

ومنذ هزيمة تنظيم ما يسمى بالدولة الإسلامية التي كانت تسيطر على مساحات شاسعة في شمال شرقي البلاد، وطردها من آخر معاقلها في قرية الباغوز بدير الزور في عام 2019، باتت الإدارة الذاتية، التي تضم أكرادا وعربا وسريانا وغيرهم من قوميات، تسيطر على ما يقرب من ثلث الأراضي السورية، وتدير شؤون سكانها المحلية.

أنقرة غاضبة وواشنطن غير مشجعة

كان أردوغان قد أكد في نهاية الشهر الماضي، أن بلاده "لن تسمح أبداً لأي منظمة انفصالية بإقامة كيان إرهابي في شمال سوريا والعراق" مضيفاً "لقد فعلنا ما يجب القيام به من قبل في مواجهة الأمر الواقع، ولن نتردد في اتخاذ إجراءات إذا واجهنا الوضع نفسه"، في إشارة إلى الهجمات العسكرية التركية ضد المقاتلين الأكراد في سوريا والعراق.

وتقول روكان ملا ابراهيم، الرئيسة المشتركة للمفوضية العليا للانتخابات في مناطق الإدارة الذاتية (شمال سوريا وشرقها) ، لبي بي سي: "إن إجراء الانتخابات البلدية حق من حقوق سكان مناطق الإدارة الذاتية لاختيار ممثليهم بغية العمل على تحسين الخدمات وتحقيق الديمقراطية المحلية".

لكن واشنطن، الداعمة الرئيسية لقوات سوريا الديمقراطية، لم تشجع الإدارة الذاتية على المضي قدماً في هذه الانتخابات.

ودعت قبل أسابيع من حلول موعد الانتخابات، سلطات الإدارة الذاتية إلى التراجع.

وقال المكتب الإعلامي للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية، رداً على سؤال بي بي سي عن سبب عدم دعمها لحليفها الوحيد في سوريا: "إن أي انتخابات تجرى في سوريا يجب أن تكون حرة ونزيهة وشفافة وشاملة كما دعا قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، ولا نعتقد أن الظروف حاليا مواتية لإجراء مثل هذه الانتخابات في شمال شرق سوريا في الوقت الحالي".

وأضاف المكتب: "لقد نقلنا ذلك إلى مجموعة من الجهات الفاعلة في شمال شرق سوريا، بما في ذلك الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا(DAANES)، لحثهم على عدم المضي قدماً في الانتخابات في الوقت الحالي".

موقف أمريكي غير مفهوم

إيمي أوستن هولمز، أستاذة باحثة في الشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن تقول لبي بي سي: "لقد مرت أكثر من خمس سنوات منذ هزيمة داعش، وبدلاً من تأجيل الانتخابات في شمال شرق سوريا إلى أجل غير مسمى، من الضروري وضع جدول زمني واضح لإجراء الانتخابات البلدية في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر".

وتضيف : "إذا كانت إدارة بايدن ملتزمة حقاً بفكرة أن الديمقراطية تؤتي ثمارها، على النحو المبين في استراتيجية الأمن القومي، فيجب أن ينطبق هذا على شمال شرقي سوريا أيضاً كما هو الحال في أي مكان آخر حول العالم".

وتتابع هولمز: "يمكن لوزارة الخارجية، بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية، تقديم المساعدة الفنية للبلديات التي تجري الانتخابات، وتقديم المشورة للنساء اللاتي يسعين للترشح لمناصب، وإرسال مراقبين للإشراف على العملية الانتخابية للتأكد من أنها حرة ونزيهة".

وتعليقاً على تصريح النائب الرئيسي للمتحدث باسم وزارة الخارجية، فيدانت باتيل، الذي نشره على منصة إكس، وحث فيه الإدارة على عدم المضي قدماً في الانتخابات، تقول هولمز: "هذا يثير سؤالاً حول المدة التي يجب أن ينتظرها السوريون في شمال شرق البلاد قبل أن يتمكنوا من إجراء الانتخابات. لقد مرت أكثر من خمس سنوات على هزيمة داعش، هذا يتناقض مع الأهداف المحددة في استراتيجية الأمن القومي الأمريكي لعام 2022. إذ ذكرت إدارة بايدن أنها ستعمل على تعزيز الديمقراطية في جميع أنحاء العالم لأن الحكم الديمقراطي يتفوق باستمرار على الاستبداد في حماية الكرامة الإنسانية، ويؤدي إلى مجتمعات أكثر ازدهاراً ومرونة، ويخلق شركاء اقتصاديين وأمنيين أقوى وأكثر موثوقية للولايات المتحدة، ويشجع نظام عالمي سلمي. فلماذا حثت وزارة الخارجية المسؤولين في شمال شرق سوريا على عدم المضي قدماً؟ هل هناك مشكلة في إجراءات الانتخابات أم أن وزارة الخارجية رضخت للتهديدات التركية؟".

وفي حديثها إلى بي بي سي، قالت روكان ملا ابراهيم: "إن عدم دعم واشنطن لإجراء الانتخابات، أمر غير مفهوم، لأن إجراءها سيعزز من الاستقرار بشكل أكبر، وبالتالي سيؤثر بشكل إيجابي على الوضع الاجتماعي والاقتصادي لجميع سكان المنطقة".

لكن الباحث في العلاقات السياسية التركية، فراس رضوان أوغلو يقول لبي بي سي: "لا أعتقد أن الانتخابات المحلية في شمال سوريا مسألة تخص تنظيم شؤون السكان، بل خطوة نحو تعميق الانفصال أو الفيدرالية التي ترفضها كل من دمشق وأنقرة على الرغم من الخلافات بينهما".

ويضيف رضوان أوغلو: "إن ترسيخ فكرة الانفصال أو الفيدرالية أمر خطير جداً ولها عواقب على البلدين. وتركيا تخشى الانفصال لأنها تفكر بأن أي عملية انفصال في العراق أو سوريا أو إيران، ستكون تركيا هي المقصودة بها، وبالتالي سيطالب الأكراد في المدن ذات الغالبية الكردية في تركيا بنفس الخطوة، أي الانفصال أو الفيدرالية، وهذا تخوف استراتيجي كبير لدى تركيا لا يمكن إخفاؤه".

وتقول هولمز: "إن تهديد أردوغان بشن هجوم عسكري آخر على سوريا سيأتي بنتائج عكسية على هدفه المعلن المتمثل في تشجيع اللاجئين السوريين في تركيا على العودة إلى سوريا. وليس واضحاً بالنسبة لي لماذا لا يدرك أردوغان هذا الأمر".

أما الكاتب والباحث السياسي الكردي السوري، حسين عمر، فيقول لبي بي سي: "إن تهديدات أردوغان لم تتوقف يوماً منذ ظهور الأكراد كقوة عسكرية وسياسية مؤثرة على الساحة وتحرير المناطق ال ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك الخبر

إقرأ أيضا