آخر الأخبار

بشكل مجاني.. دخل العثمانيون حربا أنهت وجودهم

شارك
صورة لجنود عثمانيين

في مطلع القرن العشرين، عانت الدولة العثمانية من مشاكل اقتصادية واجتماعية عديدة تزامنت مع تأخر عسكري وتقني وتكنولوجي مقارنة ببقية القوى الأوروبية. فمنذ منتصف القرن التاسع عشر، لقبت الدولة العثمانية من قبل كثيرين بـ"رجل أوروبا المريض"، ويرجع السبب في ذلك أساسا للخسائر التي تلقاها العثمانيون على يد القوى الأوروبية والتي أفقدتها العديد من أراضيها السابقة.

وقبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى، لم يشهد الوضع العثماني تغييرا كبيرا حيث جاءت المحاولات الألمانية لتحديث الأسطول العثماني متأخرة. وخلال هذه الحرب، قبلت ألمانيا بالتحالف مع العثمانيين أملا في دفعهم لفتح جبهة إضافية ضد الروس وتخفيف العبء المفروض عليها بالجبهة الشرقية.

رفض للتحالف مع العثمانيين

لكن خلال العام 1908، شهدت الدولة العثمانية ما عرف بـ"ثورة تركيا الفتاة" التي أقدم خلالها أفراد "حركة تركيا الفتاة" على قيادة ثورة حدت من سلطة السلطان عبد الحميد الثاني وإجباره على العودة للعمل بدستور 1876. وفي العام التالي، أزيح عبد الحميد الثاني وتم استبداله بمحمد الخامس الذي كان وجوده السياسي صوريا. ومع استلامهم للسلطة، اتجه "الباشاوات الثلاثة"، وعلى رأسهم أنور باشا، لمحاولة إنقاذ ما تبقى من الدولة العثمانية. وفي تلك الأثناء، جاءت حرب البلقان الأولى لتثبت مرة أخرى تآكل الجيش العثماني وضعف قدراته.

صورة لأنور باشا

ومع تزايد حدة التوتر بالقارة الأوروبية، حاول العثمانيون البحث عن حلفاء من القوى العظمى، لحماية أنفسهم واسترجاع عدد من الأراضي التي خسروها بالسابق. وفي بادئ الأمر، اتجه العثمانيون للتقرب من دول "الوفاق الثلاثي" لأسباب تاريخية، حيث تدخل الفرنسيون والبريطانيون بالسابق بأكثر من مناسبة لإنقاذ الدولة العثمانية من الإنهيار.

لكن الفرنسيون والبريطانيون رفضوا التحالف مع العثمانيين بسبب غياب الثقة، خاصة مع وجود استثمارات وتعاون عثماني ألماني، وضعف الدولة العثمانية عسكريا واقتصاديا وعدم استقرارها سياسيا.

صورة للبارجة غيبن

تحالف عثماني ألماني

لاحقا، توجه العثمانيون نحو الألمان. وفي البداية، عارضت ألمانيا الفكرة بشدة بسبب تخلف الجيش العثماني وضعف الدولة العثمانية وعدم قدرتها على تحمل أعباء حرب. وبمرور الوقت، غير الألمان موقفهم بسبب حاجتهم لحليف بالجنوب الشرقي لأوروبا ووصفهم للدولة العثمانية -بسبب موقعها- بالبوابة نحو الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.

وعقب الهزيمة بحرب البلقان، أرسلت ألمانيا سنة 1913 الجنرال أوتو ليمان فون ساندرس (Otto Liman von Sanders)، برفقة العديد من الخبراء والعسكريين الألمان، نحو الدولة العثمانية وكلفته بمهمة تحديث الجيش العثماني. كما لم تتردد ألمانيا في بيع عدد من السفن الحربية والمدافع والرشاشات للعثمانيين لمساعدتهم في تحديث الجيش.

ثم بعد أيام فقط من بداية الحرب العالمية الأولى، وقعت ألمانيا والدولة العثمانية معاهدة تحالف سرية، وعدت من خلالها ألمانيا بحماية الأراضي العثمانية ومواصلة تحديث الجيش العثماني. ولم تلزم هذه المعاهدة العثمانيين بدخول الحرب بشكل مباشر إلى جانب الألمان.

صورة للجنرال ليمان فون ساندرس

دخول الحرب

وفي الأيام القليلة التي تلت هذا الاتفاق، وصلت البارجتان الألمانيتان غيبن (Goeben) وبريسلاو (Breslau) إلى الدردنيل بسبب ملاحقة السفن البريطانية لهما بالمتوسط. وسمح العثمانيون لهاتين السفينتين بالعبور نحو البحر الأسود، وقبلوا بشرائهما وضمهما للأسطول العثماني.

بالتزامن حاول أنور باشا في أكثر من مناسبة إقناع المجلس الوزاري بدخول الحرب إلى جانب الألمان... لكن جميع جهوده تكللت بالفشل.

ولهذا السبب، خطط الأخير مع المسؤولين الألمان للبحث عن طريقة أخرى لدخول الحرب دون المرور بالمجلس الوزاري. فعين أنور باشا الأميرال الألماني فيلهلم سوتشون (Wilhelm Souchon) مسؤولا على البحرية العثمانية ومنحه الضوء الأخضر لشن هجوم مباغت ضد الروس بالبحر الأسود إن سنحت له فرصة ملائمة.

صورة للمدافع الرئيسية للبارجة غيبن

ويوم 29 أكتوبر (تشرين الأول) 1914، شنت السفينتان العثمانيتان غيبن وبريسلاو، اللتين تواجد على متنهما طاقم ألماني، هجوما مباغتا على موانئ روسية، مثل سيفاستوبول وثيودوسيا بالبحر الأسود، متسببتين بتصاعد حالة التوتر بالمنطقة.

ثم رفض العثمانيون لاحقاً مطالب "دول الوفاق" بطرد الألمان من موانئهم. ويوم 31 أكتوبر من العام نفسه، أعلن العثمانيون دخولهم الحرب -بشكل صوري- إلى جانب القوى الوسطى.

وكرد على مهاجمة موانئها، أعلنت روسيا باليوم التالي الحرب بشكل رسمي على العثمانيين. وبعدها بيومين، أعلنت كل من بريطانيا وفرنسا الحرب على الدولة العثمانية.

وخلال هذه الحرب التي دخلوها بشكل مجاني، خسر العثمانيون مئات الآلاف من الجنود وتسببوا في مقتل 1.5 مليون أرميني ضمن إبادة الأرمن، قبل أن تنهار الدولة العثمانية تزامنا مع نهاية الحرب العالمية الأولى.

العربيّة المصدر: العربيّة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار