حذّرت المديرة العامة للجنة العامة لمناهضة التعذيب في إسرائيل، سري باشي، من تداعيات مصادقة الكنيست بالقراءة الأولى على مشروع قانون «المحاكم الخاصة» لمحاكمة المتهمين بالمشاركة في هجوم 7 أكتوبر، والذي يتضمن إمكانية فرض عقوبة الإعدام ضمن مسار قضائي استثنائي.
وقالت باشي إن الكنيست “يندفع نحو تشريع عقوبة الإعدام”، ووصفتها بأنها “عقوبة دراكونية” تلغي الحق في الحياة عمداً، وتتسبب بألم جسدي ومعاناة نفسية، وتمس بصورة خطيرة بحق العيش دون تعذيب، وتضرب الحق في محاكمة عادلة وإجراءات قضائية سليمة. وأضافت أن لا خلاف على ضرورة محاسبة من شاركوا في الاعتداء على المدنيين، لكن ذلك لا يبرر إدخال عقوبة الإعدام إلى المنظومة القانونية، حتى في “الحالة القصوى” المرتبطة بهجوم 7 أكتوبر، مطالبة بإخراج هذا الخيار من النقاش بالكامل.
عن القانون
وفي توضيح لمغزى القانون الذي تشير إليه، فإن مصطلح «الترِيبونالات» في هذا السياق يعني إنشاء «محاكم أو هيئات قضائية خاصة» بموجب قانون استثنائي، تتعامل مع فئة محددة من القضايا خارج المسار الجنائي الاعتيادي. هذا النوع من الأطر يمنح صلاحيات وإجراءات مختلفة عن المحاكم المدنية التقليدية، ويُطرح هنا كآلية لمحاكمة متهمين محددين على خلفية أحداث 7 أكتوبر، مع إمكانية فرض أحكام مشددة تصل إلى السجن المؤبد دون الإفراج أو حتى عقوبة الإعدام.
وتأتي تصريحات باشي في ظل خلافات داخل الائتلاف الحكومي نفسه حول مسار تشريع عقوبة الإعدام. فبحسب ما نُقل عن مسؤول رفيع في الائتلاف، يواجه الوزير إيتمار بن غفير ضغوطاً للتنازل عن “بند النخبة” ضمن مشروع قانون الإعدام الذي تدفع به كتلته، بسبب تقديرات بأن صياغته قد تقود إلى نتيجة عكسية: ليس فقط تعطيل فرض الإعدام، بل فتح الباب أمام ثغرات قانونية قد تؤدي إلى تبرئة عدد من المتهمين. هذا الموقف يكشف حساسية قانونية وسياسية داخل الحكومة، ويعكس صراعاً بين الخطاب العقابي المتشدد وبين مخاوف من انهيار الملفات في المحاكم إذا فُرضت ترتيبات استثنائية قد تُطعن دستورياً أو إجرائياً.
التعديلات، جيدة، لكن ..
وقالت باشي إن الصيغة الجديدة لمشروع قانون «المحاكم الخاصة» تضمّنت “تعديلات مشجعة إلى حد ما”، جاء بعضها نتيجة ضغط جماهيري ومهني “كبير”، لكنها اعتبرت ذلك غير كافٍ. ودعت أعضاء اللجنة، وبصورة خاصة نواب المعارضة الذين دعموا المشروع، إلى “التعقل” وبذل كل ما بوسعهم لصدّ هذا الاقتراح ومشاريع مشابهة.
وبينما تصر جهات في الائتلاف على أن التشريع ضروري لتحقيق “ردع” ومحاسبة من شاركوا في الهجوم، ترى منظمات حقوقية أن إدخال عقوبة الإعدام ضمن إطار قضائي استثنائي سيحوّل محاكمات يفترض أن تستند إلى إجراءات صارمة إلى ساحة سياسية، ويضع العدالة نفسها أمام خطر مضاعف: توسيع العقوبة القصوى من جهة، وتوسيع احتمالات الطعن والإبطال وما قد يترتب عليه من نتائج قضائية معاكسة من جهة ثانية.
المصدر:
بكرا