قانون الإعدام للفلسطينيين: تشريع للتمييز باسم الأمن
بقلم: محمد دراوشة
في مشهد يعكس تدهوراً اضافياً في المنظومة القانونية والسياسية داخل إسرائيل، صادقت لجنة القانون والدستور في الكنيست على مشروع قانون يتيح فرض عقوبة الإعدام على منفذي العمليات الفلسطينيين. ورغم أن المستشارة القانونية للجنة اعتبرت التصويت باطلاً، فإن مجرد طرح القانون بهذا الشكل يكشف عن جوهره الحقيقي: ليس قانوناً جنائياً، بل أداة سياسية لتكريس التمييز العرقي.
القانون لا يتحدث عن عقوبة الإعدام بشكل شامل، بل يحددها حصرياً لمنفذي العمليات من الفلسطينيين. لا يشمل اليهود الذين ارتكبوا جرائم قتل بدوافع قومية، ولا يتطرق إلى حالات مشابهة من العنف السياسي من غير الفلسطينيين. هذا التحديد ليس صدفة، بل هو تعبير صريح عن رؤية ترى في الفلسطينيين تهديداً وجودياً، وفي حياتهم قيمة أقل. إنه قانون يُعامل الفلسطينيين كأعداء دائمين وأبديين، لا كمواطنين ولا كبشر متساويين أمام القانون.
هذا القانون لا يستهدف “الإرهاب” كما يُروّج له، بل يندرج ضمن سياسة ممنهجة لتجريم المقاومة الفلسطينية، وتجريدها من بعدها السياسي والوطني. فرض الإعدام في سياق الاحتلال لا يمكن فصله عن منظومة القمع، ولا عن محاولة نزع الشرعية عن النضال الفلسطيني. إنه تشريع يُختزل فيه الفلسطيني إلى تهديد أمني، لا إلى إنسان له قضية، له حقوق، وله كرامة.
الخطورة لا تكمن فقط في مضمون القانون، بل في السياق الذي يُطرح فيه. في ظل حكومات يمينية في إسرائيل والولايات المتحدة، يتصاعد الخطاب الذي يربط الأمن بالقمع، ويخلط بين المقاومة والإرهاب، وبين النضال والعدوان. القانون يأتي كجزء من منظومة تشريعية تهدف إلى نزع الشرعية عن الرواية الفلسطينية، وتجريم وجودها السياسي والوطني.
لكن الأخطر من ذلك هو أن هذا القانون يُطرح في لحظة ضعف أخلاقي داخل المؤسسة التشريعية نفسها. التصويت تم رغم اعتراض المستشارة القانونية، ورغم غياب الأسس الإجرائية السليمة. هذا يعني أن القانون لا يُفرض فقط على الفلسطينيين، بل يُفرض أيضاً على النظام القانوني الإسرائيلي نفسه، الذي يُجبر على التماهي مع أجندة سياسية متطرفة.
إن الرد على هذا القانون لا يجب أن يكون قانونياً فقط، بل أخلاقياً وسياسياً. يجب فضح طبيعته العنصرية، ورفضه كمحاولة لتكريس نظام فصل عنصري قانوني. يجب أن نقول بوضوح: لا يمكن أن يكون القانون أداة للانتقام، ولا يمكن أن يُستخدم لتحديد من يستحق الحياة ومن لا يستحقها بناءً على هويته القومية.
الفلسطينيون ليسوا تهديداً وجودياً، بل أصحاب قضية عادلة. ومن يسعى لتشريع موتهم، إنما يكشف عن خوائه الأخلاقي، وعن خوفه من الحقيقة التي لا يمكن إعدامها.