هل يحتاج المجتمع العربي إلى قائمة انتخابية واحدة؟
بقلم: محمد دراوشة
مع اقتراب الانتخابات للكنيست القادمة، يعود إلى الواجهة سؤال جوهري: هل يحتاج المجتمع العربي داخل إسرائيل إلى قائمة واحدة تمثله سياسياً؟ هذا السؤال لا يتعلق فقط بالتكتيك الانتخابي، بل يعكس أزمة ثقة أعمق بين المواطن العربي ومؤسساته التمثيلية، ويطرح تحديات تتجاوز صناديق الاقتراع.
من جهة، قد يشجع توحيد القوائم على زيادة التمثيل البرلماني، ويقلل من حيرة الناخب بين خيارات متعددة لا تختلف كثيراً في الجوهر. كما أن وجود قائمة واحدة قد يخلق جواً من التوافق المجتمعي، ويحفز المشاركة في العملية الديمقراطية، خاصة في ظل تراجع نسبة التصويت في السنوات الأخيرة إلى مستويات مقلقة.
لكن من جهة أخرى، قد يؤدي غياب التنافسية إلى تراخي في الأداء السياسي، ويزيد من شعور الإحباط العام الذي يسيطر على المجتمع العربي، نتيجة عدم إيجاد حلول جذرية لقضايا مزمنة مثل العنف والجريمة، التمييز في أماكن العمل والجامعات، تقليص ميزانيات السلطات المحلية، والاعتداءات المتكررة على المواطنين العرب. هذا بالإضافة إلى غياب الأفق السياسي في المسار الفلسطيني، وتعميق قضم أوصال الضفة الغربية، والدمار المتواصل في غزة.
زيادة عدد المقاعد من 10 إلى 15 ليست هدفاً بحد ذاته، بل السؤال الأهم هو: كيف تُستخدم هذه المقاعد؟ هل ستكون جزءاً من كتلة مانعة كما حدث في حكومة رابين، التي أتاحت للأحزاب العربية التأثير على السياسات الداخلية ومسيرة السلام؟ أم ستكون جزءاً من ائتلاف حكومي كما حدث مع الموحدة في حكومة بينيت-لابيد، التي أظهرت تقدماً في ملفات المساواة، رغم أن عمرها القصير حال دون استكمال الإنجازات؟
المواطن العربي اليوم لا يبحث فقط عن تمثيل رقمي، بل عن تمثيل فعّال، مؤثر، وشريك في صناعة القرار. لكن هذا المواطن يواجه أحزاباً تحتكر العمل السياسي، وتحارب كل مبادرة جديدة، وتعيش انقسامات داخلية حول طريقة التأثير: بين من يريد الدخول في ائتلاف حكومي، ومن يخوّن من يفكر بذلك.
يبقى السؤال الأهم: هل هناك ائتلاف حكومي مستعد للالتفات إلى الأحزاب العربية، ودعوتها إلى شراكة سياسية حقيقية؟ وهل تستطيع هذه الأحزاب تجاوز خلافاتها، وتقديم خطاب موحد يضع مصالح المجتمع العربي فوق الحسابات الحزبية الضيقة؟
الجواب لا يكمن فقط في صناديق الاقتراع، بل في قدرة المجتمع العربي على فرض نفسه كلاعب سياسي ناضج، يطالب بحقوقه، ويشارك في صياغة مستقبل الدولة التي يعيش فيها.