آخر الأخبار

جدعون ليفي: جنود يطلقون النار على المسعفين والجوعى ليسوا أبطالًا بل أدوات قتل

شارك
Photo by Tomer Neuberg/Flash90

في قلب مشاهد الموت اليومية التي تعصف بغزة، تتجلّى مآسي ترفض أن تكون أرقامًا في تقارير إخبارية. وفي هذا السياق قال الصحافي جدعون ليفي من صحيفة "هآرتس": "الجنود الذين يطلقون النار على فرق الإنقاذ وعلى الجوعى ليسوا ضحايا، وبالتأكيد ليسوا أبطالًا".

واضاف: ""عينٌ مغمضة، والأخرى مفتوحة. يد ممدودة لصدّ الجدار المنهار، جسدٌ محاصر، ورأس عالق تحت الركام منذ ساعات الليل. مصباح كهربائي مرمي بجانبها، تمد يدها نحوه في محاولة يائسة للإمساك به، علّه يخلّصها. لكنه يسقط من يدها. ترفع كفّها إلى الأعلى، كأنها تلوّح للحياة، كأنها تقول: "أنا ما زلت هنا". تحاول أن تنطق، تصارع الكلمات بصوت متهدّج: "أنقذوني، أنا متعبة، لا أستطيع". ثم، وبآخر ما تبقّى لها من نفس: "أرجوكم، أرجوكم، أنقذوني". هذه كانت كلماتها الأخيرة. إلى جوارها يقف زوج أختها، أنس، يحاول أن يشجعها على التكلّم: "تكلّمي يا هالة، تكلّمي". لكن لا جواب. تنغلق عيناها. لا أحد يعرف كم من الوقت بقيت على قيد الحياة بعد هذا المشهد المؤلم".

استغاثة تقابل بالصمت والتبرير
وتابع: "في وقت متأخر من صباح الأمس، كتب الصحفي نير حسّون على شبكة X: "اسم هذه السيدة هالة عرفات، وتبلغ من العمر 35 عامًا. منذ الساعة الثانية فجرًا، هي و14 فردًا من عائلتها – معظمهم أطفال – عالقون تحت أنقاض منزلهم في شارع الزرقاء، بحيّ التفاح. تحدّثت مع زوج أختها، وأخبرني أن كل من يحاول الاقتراب لمساعدتهم يتعرّض لهجوم من الطائرات المسيّرة. إذا كان لدى أحد فكرة لإنقاذهم، فهذا هو الوقت". واضاف: "الناطق باسم الجيش الإسرائيلي لم يكلّف نفسه بالرد على نير حسّون طيلة 12 ساعة. وما العجلة؟ لاحقًا، خرج المتحدث بتبرير باهت تحدّث فيه عن "غياب الإحداثيات". هالة قضت مع زوجها وأطفالها الأربعة موتًا بطيئًا لا يُحتمل. أربعة عشر فردًا من العائلة، بينهم سبعة أطفال، قُتلوا في القصف على منزلهم".

وجوه الأطفال المكشوفة تُعرّي الجريمة
وأشار كذلك: "لكن عائلة عرفات لم تكن الوحيدة التي أُبيدت أول أمس ليلًا. عائلة عزّام أُبيدت هي الأخرى: أمير، راتب، كريم، وأربعة رُضّع. صور الأطفال الأربعة مسجّين على ظهورهم، ملفوفين بالأكفان البيضاء ووجوههم مكشوفة، تُعد من أبشع ما يمكن أن يُرى. وجه أحدهم كان مهشّمًا بالكامل. بعض الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تحوّلت إلى دفاتر يومية توثّق مشاهد من مجازر بشرية. على كل إسرائيلي اليوم أن يحدّق في هذه الصور دون أن يشيح ببصره. لتتأذَّ المشاعر، ولتُصدم النفوس الحساسة والرقيقة — لا يجوز إخفاء أي صورة من غزة. هذه ليست صورًا صادمة بغرض الإثارة؛ بل هي الحقيقة. الحقيقة العارية، التي يجب أن تُرى".

جيش بلا شرعية إنسانية
ولفت أيضًا إلى أن: "كلمات هالة الأخيرة، والعجز عن إنقاذها، لا يفارقان الذاكرة. امرأة عالقة تحت أنقاض منزلها كان من المفترض أن توقظ فينا رغبة عارمة لانتشالها وإنقاذ حياتها. لكن في الجيش الإسرائيلي، لم يُثر المشهد سوى قرار بإطلاق طائرات مسيّرة للقتل، تستهدف كل من يحاول التقدّم لمساعدتها، كما حدث أمس في شارع الزرقاء بمدينة غزة. وبحسب التقارير، كل من اقترب من المكان أُطلقت عليه النيران من قِبل الجيش الإسرائيلي. جلست المجندات "الشجاعات" خلف عصيّ التحكّم — أو ربما كانوا جنودًا — ولعبوا لعبة الموت ضد كل من حاول أن يُنقذ. هؤلاء هم جنود الجيش الإسرائيلي، الذين لا تزال الدولة تحتضنهم كما لو كانوا ضحايا هذه الحرب وأبطالها". ونوّه كذلك إلى أن: "لكنهم ليسوا ضحايا، ولا أبطال، عندما يطلقون النار من طائرات مسيّرة على العزّل. هكذا أيضًا يطلقون النار على نقاط توزيع المساعدات. أمس فقط، سُحق عشرون إنسانًا حتى الموت هناك. هذا هو نفس الجيش الذي اعتاد إرسال بعثات إنقاذ إلى أنحاء العالم لإنقاذ مدنيين أجانب — في اليابان، وتايلاند، والبرازيل، وتركيا.

واشار كذلك: "أما اليوم، فلم يَعُد يُنقذ أحدًا. اليوم، هو من يطلق النار على من يحاول إنقاذ امرأة محاصرة بين جدران بيتها". وخلص في القول: "وهل من وحشية أفظع من ذلك؟ وتنضب الكلمات من جديد. في الزلزال القادم — في أي بلد آخر — يجب أن تُطرَد وحدات الإنقاذ الإسرائيلية التي تجرؤ على الظهور بوجوهها في استعراض مصطنع للخير والإنسانية، تُطرَد بعار. هذا الجيش فقد أهليته الأخلاقية. الجيش الذي يطلق النار على المُسعفين والجوعى يفقد الحق الأخلاقي في تقديم المساعدة. كلا، شكرًا — سيقول العالم — لن نقبل مساعدتكم بعد اليوم، بأيدٍ مغموسة في دماء الأبرياء".

بكرا المصدر: بكرا
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا