لا نكون من المفترين على رئيس سلطة رام الله محمود عباس بأنه يعمل ضد إرادة شعبه خاصة على الصعيد الإسرائيلي. فهو في موقفه مما يجري في غزة يلتقي مع الموقف الإسرائيلي كليا: الصحفي الإسرائيلي أوهاد حمو، مراسل القناة 12 العبرية، علق على خطاب محمود عباس الأخير، قوله "إن خطاب عباس يعكس تطابقًا واضحًا بين موقفه وموقف الحكومة الإسرائيلية من حركة حماس". وقال حمو ان "الخطاب لم يكن الأول من نوعه، لكن اللافت هذه المرة هو اللغة الهجومية الحادة التي استخدمها."
وكان محمود عباس خلال افتتاح جلسة المجلس المركزي الفلسطيني في مدينة رام الله قد خاطب حركة حماس بقوله: "يا أولاد الكلب سلموا الرهائن وخلصونا من الشغلة وسدوا ذرائع الاحتلال" مما أثار جدلا واسعا. لا أدري من أية طينة هذا العباس ولا أستطيع أن أستوعب كيف أن رئيسا عمل في السابق مُديرًا لشؤون المُوظّفين في وزارة التّربية والتّعليم في قطر، يستخدم مثل هذه الألفاظ النابية التي لا يستعملها سوى الأشخاص الذين لم ينشأوا على التربية والأخلاق وليس شخصاً كان مسؤولاً في وزارة تربية.
مرة ثانية يعود عباس لشن هجوم على حركة حماس. فخلال لقائه الرئيس الروسي في موسكو، اتهم عباس حركة حماس بأنها «تتفاوض مع إسرائيل حول إنشاء دولة في غزة وحكم ذاتي في الضفة من دون القدس أو حل عادل لقضية اللاجئين." وفي حوار مطول مع وكالة «سبوتنيك» الروسية، تحدث عن وجود "مشروع إسرائيلي نسميه الدولة ذات الحدود المؤقتة، وحماس، مع الأسف الشديد، تتحاور حوله مع إسرائيل" وقال " أن هذا، إن حدث، سينهي المشروع الوطني الفسطيني"
لا أدري عن أي مشروع وطني يتحدث أبو مازن وهو الذي بممارساته ومواقفه السياسية من إسرائيل قد قضى على كل شيء وطني. فكيف يمكن لرئيس يؤمن بالتنسيق الأمني مع إسرائيل أن يكون وطنياً؟ علاوة على ذلك فإن كل شيء يدور في سلطة رام الله التي يرأسها عباس يسير سياسيا وأمنيا حسب الأجندة الإسرائيلية. فماذا تبقى من الوطنية؟ حتى كلمة وطنية تم شطبها من اسم السلطة ولم تعد السلطة الوطنية الفلسطينية بل السلطة الفلسطينية فقط.
الأمر المضحك أن عباس ادعى في المقابلة أن جماهير غزة معه، كما يرى. ويتوقع أن يخرج ألاف المواطنين لاستقباله إن ذهب إلى القطاع، قائلاً: «لدي أدلة على أن الشعب الفلسطيني في غزة معنا" علماً بأنه لم يزر غزة منذ عام 2007. كان بودي لو أن عباس ذكر دليلاً واحدا لإثبات ادعائه.