في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بعد أكثر من 15 عامًا خلف القضبان، خرج جميل سرور، السجين العربي الذي أُدين عام 2009 بجريمة قتل لم يرتكبها، إلى النور مجددًا، حاملاً في عينيه وجع السنوات الطويلة وظلّ ابتسامة تحمل ما تبقى من أمل.
المحكمة العليا الإسرائيلية أصدرت، صباح الخميس، قرارًا بالإفراج الفوري عن سرور، وأمرت بإعادة محاكمته في ضوء معطيات جديدة أثارت "شكوكًا جدية" حول صحة الإدانة الأصلية. القرار جاء تتويجًا لجهود امتدت على مدى ثماني سنوات قادها طلاب ومحاضرون في "عيادة البراءة" التابعة للجامعة العبرية، بالتعاون مع وحدة "المرافعة العامة"، وبدعم غير مسبوق من النيابة العامة.
"لم أرَ الحياة منذ 16 عامًا"
في أول تصريح له بعد الإفراج، قال جميل سرور لموقع "بكرا": "لم أرَ الحياة منذ 16 عامًا... كنت واثقًا ببراءتي. أحمد الله على إطلاق سراحي، لكن في قلبي غصة لأنني لم أتمكن من وداع والدتي، ولا حتى حضور جنازتها."
كلمات سرور تحمل وجعًا صامتًا لا تصفه محاكم ولا وثائق قضائية. شاب قضى زهرة شبابه خلف الجدران، بعيدًا عن عائلته، وأحلامه، وحتى جنازة والدته.
عدالة متأخرة... لكنها ضرورية
تعود القضية إلى ديسمبر 2009، حين قُتل أنور غيث خلال شجار عائلي في مخيم شعفاط. رغم أن عائلة أبو عصبة — التي اعترفت بمسؤوليتها عن الحادث — وقعت صُلحة مع ذوي الضحية ودفعوا دية، فقد تم اعتقال جميل سرور، الذي لا ينتمي للعائلة المتورطة، وإدانته بالقتل.
منذ لحظة اعتقاله، نفى سرور التهمة، متمسكًا ببراءته طيلة سنوات سجنه، دون أن تلقى أقواله آذانًا صاغية حتى بدأت رحلة إعادة التحقيق.
قرار نادر
قرار المحكمة العليا يُعد من الحالات القليلة التي يُعاد فيها فتح ملف بعد مرور هذا الزمن الطويل، ويشكل خطوة مفصلية في مراجعة قضايا الإدانة الجنائية، خصوصًا في ظل غياب أدلة دامغة وإقرار أحد الأطراف بمسؤولية الجريمة.
"عيادة البراءة" أكدت أن هذا القرار ليس انتصارًا قانونيًا فقط، بل درسًا أخلاقيًا للنظام القضائي في ضرورة المراجعة المستمرة، والاستماع لصوت من يصرّ على براءته.
في الساعات المقبلة، سيغادر سرور أسوار السجن، عائدًا إلى حياة غيّبته عنها سنوات الظلم. سيعود رجلًا نضج في الزنازين، فقد والدته، وخسر سنوات لا تُعوض، لكنه لا يزال يحمل في قلبه شكرًا، وصوتًا يريد أن يُسمع.
قصته ليست فقط عن البراءة، بل عن معنى العدالة حين تأتي متأخرة — وألمها حين تفوت موعد الوداع الأخير.