أثارت تصريحات جديدة لمسؤول في الديوان الوطني لمكافحة المخدرات صدمة واسعة في الجزائر، بعد كشفه عن ظهور أساليب غير مألوفة وخطيرة للتعاطي بين الشباب، من بينها حقن الدم من شخص لآخر بهدف نقل المخدرات داخل الجسم، في ظاهرة وصفها مختصون بأنها تهدد الصحة العامة وتنذر بتفاقم الإصابات بالأمراض المعدية.
وكشف المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها، طارق كور، عن "ارتفاع مخيف" في استهلاك المؤثرات العقلية، بلغت نسبته 100%.
وأوضح، في يوم دراسي بمجلس قضاء قسنطينة (700 كلم شرق العاصمة)، أن الإحصائيات المسجلة خلال الأشهر الستة الأولى من 2025 بيّنت حجز 20 طناً و827 كيلوغراماً من القنب الهندي، إضافة إلى 100 كلغ من الهيروين و32 مليون وحدة من المؤثرات العقلية بمختلف أنواعها.
ووفق كور، فإنّ معهد الإجرام بقيادة الدرك الوطني سجل تحولاً خطيراً في أنماط التعاطي، حيث انتقل المجتمع من استهلاك القنب الهندي إلى استهلاك المؤثرات والمخدرات الصلبة.
كما تحدث عن ارتفاع كبير في الجرعات الزائدة القاتلة، إلى جانب بروز "ظواهر أكثر خطورة"، أبرزها إقدام بعض الشباب على حقن المؤثرات العقلية للآخرين عبر نقل الدم بينهم، ما يتسبب في انتشار العدوى، خاصة داء السيدا الذي تسجل بشأنه "حالات إصابة جماعية"، فضلاً عن أمراض معدية أخرى.
من جانبه، أكد رئيس جمعية "الوفاء" الشبابية المحلية، رزقي بن سماعيل، أن البحث عن "طرق جديدة للتخدير" ليس أمراً مستجداً بين المدمنين، خاصة من لا يملكون القدرة المالية لاقتناء المخدرات.
وقال لـ"العربية.نت": "لطالما بحث الشباب عن بدائل للمخدر عندما يعجزون عن شرائه، وحتى ميسورو الحال قد يستنزفون كل مدخراتهم في طريق الإدمان".
وأضاف أنه، بحكم نشاطه الجمعوي لأكثر من 18 سنة، صادف حالات "كانت تخلط الحشرات بالقنب الهندي أو حتى تدخّن الحشرات فقط" في غياب المخدرات.
ورغم خطورة تلك الممارسات، يوضح بن سماعيل أن حقن شخص لدمه بدم آخر فقط لنقل المخدر هو الأخطر على الإطلاق، بسبب ما ينطوي عليه من مخاطر صحية قاتلة.
وأشار إلى ان "المتعاطي في تلك اللحظة لا يعي ما يفعل، ومهما حاولت إقناعه بالعدول عن ذلك لن يستجيب".
ويرى المتحدث أن الحل يبدأ بـ معالجة جذور الإدمان من خلال تكثيف النشاطات التحسيسية والتوعوية، وخلق فضاءات بديلة للشباب مثل دور الرياضة والفنون، لاستغلال طاقاتهم في ما ينفعهم.
كما أوضح: "هذا ما نحاول القيام به دائماً، عبر مبادرات داخل الأحياء وعلى مستوى الولاية".
وعلى الرغم من هذه الجهود، تبقى الظاهرة في تصاعد رغم التشديد القانوني، إذ يوضح المحامي فريد صابري أن قانون العقوبات في الجزائر يدين جرائم المخدرات بعقوبات صارمة، خصوصاً عندما ترتكب قرب المؤسسات التربوية أو تستهدف القصر وذوي الاحتياجات الخاصة، حيث تتراوح العقوبات بين 20 و30 سنة، وقد تصل إلى الإعدام إذا ارتكبت الجريمة داخل أو قرب مؤسسة تعليمية أو تكوينية.
وأضاف صابري أن القانون رقم 25–03 يشدد هذه العقوبات بشكل أكبر ضد المتورطين في إنتاج أو ترويج المخدرات الاصطناعية الصلبة والمواد الكيميائية المهربة، إذ ترتفع العقوبة إلى الإعدام إذا كانت العقوبة الأصلية السجن المؤبد، وتصل إلى السجن المؤبد لمن سبق الحكم عليه بعقوبات تتراوح بين 20 و30 سنة.
ومع استمرار انتشار أنماط تعاطٍ "مبتكرة" وغير مسبوقة، تبدو السلطات أمام تحدٍّ مضاعف لحماية الشباب ومواجهة ظاهرة تتطور بسرعة تفوق ما اعتادته أجهزة المكافحة، فيما يبقى الرهان الأكبر على الوقاية والتوعية قبل العقاب.
المصدر:
العربيّة