آخر الأخبار

بيان يثير العاصفة.. ماذا وراء لهجة إثيوبيا التصعيدية ضد مصر؟

شارك
أرشيفية لسد النهضة في إثيوبيا

لاقى البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الإثيوبية، بشأن موقفها التفاوضي مع مصر، انتقادات مصرية واسعة، بعدما حمل لهجة تصعيدية غير مسبوقة تجاه القاهرة، واتهم المسؤولين المصريين بـ"العقلية الاستعمارية" وبالسعي إلى "احتكار مياه النيل".

وشكل البيان حلقة جديدة في سلسلة التوترات المتصاعدة بين البلدين على خلفية الخلاف بشأن إدارة مياه النيل و سد النهضة.

ورفض بيان الخارجية الإثيوبية التصريحات المصرية المتكررة بشأن حقوق مصر في مياه النيل، وزعم البيان أن "التصريحات المتكررة للمسؤولين المصريين، الرافضة للحوار رفضا قاطعا، والتي تحمل تهديدات مبطنة حينا وصريحة أحيانا، هي مظاهر فشل الحكومة المصرية في استيعاب حقائق القرن الحادي والعشرين".

وزعم البيان أن "السلطات المصرية تشن حملة لزعزعة الاستقرار في القرن الإفريقي، للنيل من إثيوبيا" من خلال استخدام "دول تابعة مطيعة وضعيفة ومنقسمة".

انتقادات مصرية لـ"اللهجة الإثيوبية"

في المقابل، أثارت اللهجة التي استخدمها البيان الإثيوبي انتقادات في الأوساط المصرية، حيث اعتبر محللون وخبراء أن "أديس أبابا تلجأ إلى خطاب حاد وتكرر الاتهامات القديمة في محاولة لصرف الأنظار عن السلوك الأحادي في إدارة سد النهضة".

ويرى أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، أن البيان الإثيوبي الأخير يعكس انزعاجا واضحا من الدور المصري المتنامي في منطقة القرن الإفريقي، وهو ما بدا "طاغيًا على لغة ومضمون البيان"، على حد قوله.

وأوضح شراقي في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "تكرار الادعاء بأن مصر ترفض الحوار يفتقر إلى الدقة"، مشددا على أن القاهرة "تمسكت بالمسار التفاوضي منذ عام 2011، سواء عبر المفاوضات المباشرة بين مصر والسودان وإثيوبيا وحتى عام 2019، أو من خلال المسار الذي رعته الولايات المتحدة والبنك الدولي بين نوفمبر 2019 وفبراير 2020، والذي انتهى بتغيب إثيوبيا عن حضور جلسة التوقيع، بينما وقعت مصر على مسودة الاتفاق إثباتًا لحُسن النية".

وأشار إلى أن "مصر شاركت لاحقا في جولات تفاوضية متتابعة برعاية الاتحاد الإفريقي، كان آخرها المسار الذي انطلق عقب قمة دول جوار السودان في القاهرة عام 2023، وامتد لخمسة أشهر قبل انتهائه دون اتفاق بسبب التعنت الإثيوبي".

وأكد شراقي أن اتهام مصر برفض الحوار "يتعارض مع الواقع"، لافتًا إلى أن جميع التصريحات المصرية الرسمية، خارجيًا وداخليًا، تدعو باستمرار إلى اتفاق قانوني ملزم يحفظ حقوق الدول الثلاث.

وفيما يتعلق بالاتهامات الإثيوبية بشأن "التهديدات المصرية"، شدد شراقي على أن "الخطاب المصري ظل دبلوماسيًا ومحكومًا بقواعد القانون الدولي"، معتبرًا أن "العلاقات العسكرية المصرية مع السودان، وتواجد القوات المصرية في بعثات حفظ السلام بالصومال، وتعاونها مع دول القرن الإفريقي، تأتي في إطار ترتيبات أمنية دولية أو ثنائية معلنة، ولا يمكن تفسيرها كتهديد لإثيوبيا".

كما وصف شراقي الاتهامات الإثيوبية لمصر بأنها "غارقة في الحقبة الاستعمارية" بأنها بلا أساس، موضحًا أن "الاتفاقيات التاريخية الخاصة بمياه النيل أُقرت دوليًا، بما فيها الاتفاقيات الموقعة مع إثيوبيا ذاتها، والتي لم تكن خاضعة للاستعمار عند توقيعها".

وأشار أيضًا إلى أن الادعاء بأن مصر "تحتكر مياه النيل" يتناقض مع الحقائق العلمية، متسائلًا: "كيف يمكن لدولة مصب تقع في أدنى حوض النهر أن تحتكر المياه المتدفقة من دول المنابع؟"، مؤكدًا أن "القدرة على التحكم المائي هي بطبيعتها لدى دول أعالي النيل وليس المصب".

وشدد شراقي على أن تلك الاتهامات "تساهم في زيادة التوتر القائم بالفعل، في ظل غياب أي محاولات جادة لاستئناف المفاوضات منذ إعلان فشلها في ديسمبر 2023، باستثناء بيانات متبادلة بين الحين والآخر، لا تقدم جديدًا ولا تغير من واقع الجمود الراهن".

وعلى هذا المنوال، مضى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، قائلا إن البيان الإثيوبي "يكرر المواقف ذاتها التي اعتادت أديس أبابا طرحها في السنوات الأخيرة، دون أن يقدم إضافة تُذكر أو يغير من جوهر الأزمة".

وأضاف هريدي في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "البيان تضمن افتراءات ومزايدات على الموقف المصري، والادعاء بأن القاهرة ترفض الحوار غير صحيح على الإطلاق".

وأوضح أن مصر لم ترفض الحوار يومًا، بل كانت ولا تزال منفتحة على التوصل إلى اتفاق مع إثيوبيا لا يمس السيادة الإثيوبية، ويضمن في الوقت ذاته الحقوق والمصالح المائية للدول المشاطئة كافة.

وتابع: "الجانب الإثيوبي هو من يتهرب باستمرار من أي التزام يخص الأسلوب الأمثل لإدارة سد النهضة بما يحقق الاستخدام الرشيد والمنظم للنيل الأزرق، وفق القواعد الدولية المتعارف عليها".

وأكد مساعد وزير الخارجية الأسبق أن تبادل التصريحات والبيانات المضادة بين القاهرة وأديس أبابا لن يقود إلى أي تقدم، بل يزيد المشهد تعقيدا، ويبتعد بالأطراف عن مسار الحل، مشددا على أن "المصلحة المشتركة تقتضي التهدئة والعودة إلى قنوات الدبلوماسية والعمل على اتفاق عادل ومتوازن".

وتمثل إدارة سد النهضة الإثيوبية نقطة خلاف كبيرة بين القاهرة وأديس أبابا، ففي حين تقول القاهرة إن مصر والسودان كدولتي مصب لنهر النيل تتأثران بالسياسات الإثيوبية على مجرى النهر، وتدعو للتعاون والتنسيق في إدارته وفقا للقانون الدولي باعتباره نهرا دوليا مشتركا، فيما ترى أديس أبابا في المقابل أن السد على أراضيها وأن النهر يخضع لسيادتها.

وسبق أن أعلنت مصر انتهاء مسار التفاوض بشأن السد، متهمة إثيوبيا بالتعنت وإفشال المفاوضات، مؤكدة أنها تحتفظ بحقها في الحفاظ على مصالحها الوجودية وفقا للقانون الدولي، باعتبار نهر النيل مصدر الحياة في البلاد ومصدرها الوحيد للمياه.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا