في جولتنا لعرض الصحف نلقي الضوء على ما قد يترتب على اعتراف بريطانيا بدولة فلسطينية، كما نتناول تصريحات ترامب المثيرة للجدل بشأن الهجرة غير الشرعية، إضافة إلى مقال يتناول رغبة بعض زعماء العالم في "الخلود".
من المتوقع أن تعلن المملكة المتحدة خلال الأيام القليلة المقبلة اعترافها الرسمي بدولة فلسطينية، وذلك بعد أن غيّرت موقفها من هذا الملف في شهر يوليو/ تموز الماضي.
في هذا الصدد كتب محرر الشؤون الدبلوماسية في الغارديان، باتريك وينتور، مقالاً بعنوان "ما الذي يعنيه اعتراف المملكة المتحدة بدولة فلسطينية" قال فيه إن "هذا التحول البريطاني جاء مباشرة بعد إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن فرنسا ستتخذ خطوة مماثلة، وتصدر إعلاناً رسمياً بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الاثنين المقبل".
وتحمل هذه الخطوة "دلالات سياسية وإنسانية عميقة"، وتأتي في إطار سعي المملكة المتحدة إلى دعم حل الدولتين وإنهاء الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي، بحسب الكاتب.
كما يأتي هذا الإعلان في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تصعيداً غير مسبوق، ويعكس تحوّلاً في الموقف البريطاني الذي طالما اتسم بالحذر تجاه الاعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية.
وتؤكد الحكومة البريطانية أن هذه الخطوة لا تهدف إلى تقويض المفاوضات، بل إلى تعزيز فرص السلام عبر منح الفلسطينيين شرعية دولية أوسع.
الاعتراف البريطاني، وإن كان رمزياً من الناحية القانونية، يحمل وزناً سياسياً كبيراً، كما يقول كاتب المقال، إذ يرسل رسالة واضحة بأن المجتمع الدولي لم يعد يقبل استمرار الاحتلال دون أفق سياسي.
كما يمنح الفلسطينيين دفعة معنوية في المحافل الدولية، ويعزز موقفهم التفاوضي في مواجهة الجمود الذي يطبع العملية السلمية منذ سنوات.
مع ذلك، "هذا الاعتراف لا يُغيّر الوضع القانوني على الأرض، ولا يُلزم بريطانيا باتخاذ إجراءات تنفيذية مثل فرض عقوبات أو تعديل العلاقات التجارية مع إسرائيل"، وفقاً للكاتب.
وجاءت ردود الأفعال تجاه هذا الإعلان متباينة. فالسلطة الفلسطينية رحّبت بالقرار، معتبرةً أنه خطوة نحو العدالة التاريخية، بينما انتقدته إسرائيل بشدة، واعتبرته غير بنّاء ويُضعف فرص التفاوض المباشر.
أما الولايات المتحدة، الحليف التقليدي لإسرائيل، فلم تصدر موقفاً رسمياً، لكنها تواصل دعمها لحل الدولتين عبر المفاوضات.
ورغم أهمية الاعتراف، تبقى التحديات قائمة. فالانقسام الفلسطيني الداخلي بين الضفة الغربية وغزة، واستمرار العنف، وغياب مفاوضات جادة، كلها عوامل تُضعف من تأثير هذه الخطوة على الأرض.
وقال وينتور إن "خطوة الاعتراف البريطاني بدولة فلسطينية تواجه انتقادات من جهات مختلفة، أبرزها إسرائيل والولايات المتحدة، حيث تُطرح وجهتا نظر مختلفتان تعكسان مواقف سياسية متشددة".
وأضاف أن الانتقاد الأول هو أن "الاعتراف بدولة فلسطينية يُعد مكافأة لحماس على هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، علاوة على مزاعم إسرائيل فساد السلطة الفلسطينية وقمعها ووعدها الذي لم تف به بعد بإجراء انتخابات".
أما الانتقاد الثاني فيتمثل في أن "حل الدولتين قد تحول إلى ورقة توت أو أغنية من الماضي تعود إلى عام 1993 عندما وُقع اتفاق أوسلو".
ننتقل إلى صحيفة الإندبندنت البريطانية التي نشرت مقالاً لآرتشي ميتشيل، حول تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء زيارته الرسمية لبريطانيا بخصوص تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى المملكة المتحدة.
وأثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جدلاً واسعاً بعد دعوته المملكة المتحدة إلى استخدام الجيش لوقف تدفق المهاجرين غير النظاميين عبر القنال الإنجليزي.
وفي تصريحاته، قال ترامب إن الهجرة غير الشرعية "تدمّر الدول من الداخل"، مضيفاً: "أخبرت رئيس الوزراء أنني سأوقف ذلك، ولا يهم إن استدعيت الجيش أو استخدمت أي وسيلة أخرى".
وجاءت ردود الأفعال البريطانية تجاه هذه التصريحات متباينة.
وعارض القائد السابق للبحرية الملكية الأميرال آلان ويست اقتراح ترامب، واصفاً استدعاء الجيش للتصدي لقوارب الهجرة بأنه "منتهى الحماقة".
في المقابل، رأى الوزير في حكومة حزب العمال بيتر كايل أن البحرية الملكية "يمكن استدعاؤها إذا لزم الأمر"، مشيراً إلى وجود تنسيق فعلي مع قوات حرس الحدود.
لكن ويست عارض ما قاله كايل أيضاً، قائلاً: "ليس لدينا ما يكفي من السفن… كل ما يمكننا فعله هو الحيلولة دون غرق الناس".
وأضاف أن "المشكلة الحقيقية تكمن في عدم وجود اتفاق يسمح بإعادة القوارب إلى فرنسا، مما يجعل أي تدخل بحري غير فعّال عملياً".
لكنّ الكاتب يرى أنّ رئيس وزراء بريطانيا وزعيم حزب العمال كير ستارمر، يواجه ضغوطاً متزايدة للسيطرة على أزمة الهجرة، خاصةً بعد تجاوز عدد المهاجرين الذين عبروا القنال الإنجليزي هذا العام حاجز 30 ألف شخصاً.
وتلتزم حكومة ستارمر باتفاق تجريبي مع فرنسا يقوم على مبدأ "واحد مقابل واحد"، إذ تقبل بريطانيا بعض طالبي اللجوء من فرنسا، مقابل إعادة بعض المهاجرين إليها. وبدأت أولى رحلات الترحيل بالفعل، رغم الطعون القانونية على الاتفاق.
لكن رئيس لجنة الدفاع في البرلمان البريطاني تان ديسي حذّر من تحميل القوات المسلحة مسؤولية عمليات الهجرة، قائلاً إن الجيش "مثقل بالفعل بأعباء كثيرة"، مستشهداً إلى فشل عملية "Isotrope" السابقة التي كلّفت ملايين الجنيهات دون تحقيق نتائج ملموسة.
وذكرت الإندبندنت أن الوزير السابق توبياس إلوود وصف فكرة التدخل العسكري بأنها "تفكير سطحي"، مؤكداً أن الوضع في القنال الإنجليزي يختلف تماماً عن الحدود الأمريكية.
وانتقد زاك بولانسكي، زعيم حزب الخضر، توجه حزب العمال، قائلاً: "إنه ميل إلى القسوة… إذا أراد بيتر كايل وقف القوارب، فعليه أن يضغط لفتح طرق قانونية وآمنة للهجرة".
في ظل هذا الجدل، يبقى ملف الهجرة أحد أكثر القضايا حساسية في السياسة البريطانية، حيث تتداخل فيه الاعتبارات الأمنية والإنسانية والدبلوماسية، وسط تصاعد الخطاب الشعبوي وتراجع الثقة في الحلول التقليدية، وفقاً لكاتب المقال.
في الفايننشال تايمز يتسائل إيفان كراستيف "ما الذي قد يحدث إذا عاش بوتين وشي إلى الأبد؟"
وقال الكاتب: "على هامش العرض العسكري في بكين الذي أُقيم في أوائل سبتمبر/ أيلول الجاري، كان كل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جينبينغ يناقشان قضية الخلود".
ورجح أنهما لم يتطرقا إلى الحرب في أوكرانيا أو غزة، ولا إلى خلافات تجارية أو خلافة سياسية، بل ناقشا تقنيات زراعة الأعضاء، والاكتشافات البيولوجية، التي توحي بإمكانية إطالة العمر إلى ما يشبه الشباب الأبدي.
هذا الحوار، رغم غرابته، قد يكون أكثر تأثيراً في مستقبل السياسة العالمية من التحولات الجيوسياسية التي تشغل المحللين.
فبدلاً من الصورة النمطية التي تقول إن "العالم يُدار من قبل رجال مسنين في عجلة من أمرهم"، ماذا لو كان هؤلاء القادة يعتقدون أن لديهم متسعاً من الوقت؟ كيف سيؤثر هوسهم بالخلود على قراراتهم السياسية؟
وأشار الكاتب إلى أنه عندما ينهي بوتين ولايته الحالية، سيكون قد قضى في الحكم فترة أطول من ستالين وبريجنيف، وسيكون أكبر سناً منهما.
ومع تصاعد الحديث عن إمكانية إطالة العمر، لم يعد السؤال الأهم هو من سيخلفه، بل: هل يمكنه أن يحكم روسيا لربع قرن إضافي؟ وهل سيجعله ذلك أكثر صبراً أم أكثر اندفاعاً؟
وذكر أن المؤرخ كريستوفر كلارك يقول إن "السلطة تُعيد تشكيل الزمن كما تعيد الجاذبية تشكيل الضوء".
فممارسة الحكم ترتكز على تصورات معينة حول العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل. في السياسة الحديثة، يُفترض أن الأفراد فانون بينما الدول خالدة، وفقاً لكراستيف.
في المقابل، يُجسّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحولاً مختلفاً في العلاقة بين الزمن والسلطة.
فبينما ينشغل بوتين وشي بمصير الأمم، يبدو أن ترامب مهتم بخلوده الشخصي فقط، دون اكتراث بكيفية تذكره أو بما سيحدث بعده، وفقاً للمقال.
وكأن التاريخ يجب أن ينتهي عنده. حتى في حديثه عن تايوان، يكرر تعهد شي بعدم غزو الجزيرة طالما هو في السلطة، متجاهلاً ما قد يحدث بعد ذلك، وفقًا للكاتب إيفان كراستيف.