آخر الأخبار

مواقف دبلوماسية واضحة تعيد قضية الصحراء الغربية إلى مسارها الطبيعي

شارك
بواسطة محمد بلقور
مصدر الصورة
الكاتب: محمد بلقور

● الجزائر.. موقف ثابت يحمي الشرعية ويدعم حق الصحراويين في تقرير المصير

● غوتيريش يرحّب بالمقترح الصحراوي الموسّع وغالي يجدد جاهزية البوليساريو للتفاوض المباشر مع المغرب

● تصريحات مسعد بولس كانت واضحة وصريحة بشأن قبول المغرب بمبدأ حق تقرير الشعب الصحراوي

الجزئرالآن _ يشهد ملف الصحراء الغربية منذ أسابيع حراكاً دبلوماسياً لافتاً يعيد القضية إلى واجهة الاهتمام الدولي، بعد سنوات من الجمود ومحاولات الالتفاف على جوهر النزاع.

فقد حملت الرسالة التي بعث بها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى رئيس الجمهورية الصحراوية والأمين العام لجبهة البوليساريو إبراهيم غالي مؤشرات واضحة على رغبة أممية في إعادة إحياء المسار السياسي وفق المرجعية الدولية، مع التأكيد على استلام المقترح الصحراوي الموسّع الداعي إلى حل يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.

مصدر الصورة

ويقرأ مراقبون هذه الرسالة باعتبارها منعطفاً دقيقاً في مسار التسوية، إذ تعكس التزاماً دولياً أكثر وضوحاً تجاه ضرورة العودة إلى الحلول السياسية المتفق عليها، بعيداً عن محاولات فرض وقائع جديدة أو حصر النقاش في مبادرة واحدة .

وتراه أوساط دبلوماسية رسالة اعتراف ضمني بضرورة توسيع فضاء التفاوض وعدم الإبقاء على أي مقترح وحيد كمرجعية نهائية.

● الجزائر.. ثقل استراتيجي يعيد التوازن إلى المسار الأممي

وسط هذا الحراك، أعادت تصريحات وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج سيد أحمد عطاف التأكيد على الثابت الجزائري المبدئي: دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وفق الشرعية الدولية.

فقد شدّد عطاف، في حوار مع قناة الجزائر 24 الدولية، على أن القرار الأخير لمجلس الأمن وضع الأمور في نصابها، وحدّد بوضوح أطراف النزاع—المغرب وجبهة البوليساريو—ممهداً لمسار قانوني واضح يعيد العملية السياسية إلى أساسها الأصلي.

ويشير خبراء العلاقات الدولية إلى أن هذا التحديد مهمّ بقدر أهميته الرمزية. فحصر النزاع بين طرفيه الحقيقيين ينزع الغطاء عن محاولات تمييع الملف وتوسيع دائرة “الأطراف” لإضعاف المفاوضات.

كما أنّ إقرار القرار الأممي لبدائل سياسية متعددة يتقاطع مع الرؤية الجزائرية التي تدعو منذ سنوات إلى إجراء تسوية واقعية، عادلة، ومتوازنة.

مصدر الصورة

وتتقاطع هذه المقاربة مع ما عبّر عنه مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مسعد بولس، الذي ثمّن الدور الجزائري في الحفاظ على التوازن المطلوب داخل مجلس الأمن، ودعم الحلول الواقعية التي تتماشى مع القانون الدولي، بعدما قال بصراحة بأن المغرب قد قبل بمناقشة حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره.

ويعكس هذا الموقف إدراكاً متزايداً لدى دوائر دولية لنفوذ الجزائر المتنامي وقدرتها على حماية المسار الأممي من الانحراف بعدما وقفت بالمرصاد للإنحراف الذي كان مبرمج.

● المقترح الصحراوي الموسع يعود إلى الواجهة: قراءة في الدلالات

تؤكد الرسالة السابقة التي وجّهها الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي إلى الأمين العام الأممي، خلال استعداد مجلس الأمن لتجديد ولاية بعثة المينورسو، تمسك البوليساريو بالمقترح الصحراوي الموسّع المقدم سنة 2007، والذي أُدرج منذ ذلك الوقت في القرار 1754 والقرارات اللاحقة.

ويتمحور هذا المقترح حول تنظيم استفتاء حر ونزيه يعبّر من خلاله الشعب الصحراوي عن خياره بشكل مباشر، تحت إشراف الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي. ويقدم، في الوقت نفسه، رؤية متقدمة نحو بناء علاقات استراتيجية مستقبلية مع المغرب على أساس المنفعة المتبادلة واحترام الحدود وحقوق الشعوب.

● لماذا عاد المقترح الصحراوي الآن؟

مصدر الصورة

يذهب محللون إلى أن إعادة تفعيل المقترح الصحراوي في هذا التوقيت ليست مجرد حركة إعلامية، بل خطوة محسوبة تعيد النقاش إلى جوهره القانوني بعد سنوات من محاولات فرض حلول أحادية.

كما أن التذكير بالمبادرة يؤكد أن جبهة البوليساريو، رغم القيود والضغوط، تظل الطرف الأكثر التزاماً بالمرجعية الأممية، مقارنة بمقاربات تقوم على فرض الأمر الواقع أو القفز على القانون الدولي.

وبحسب متابعين، فإن إعادة طرح المقترح الموسّع يعكس أيضاً تقاطعاً ضمنياً مع المقاربة الدبلوماسية الجزائرية التي تدعو إلى حل شامل يضمن حق الشعب الصحراوي، بعيداً عن المشاريع التي تحاول تجاوز الاستفتاء أو اختزال النزاع في حلول إدارية.

● غالي: لا حل يقوم على فرض الأمر الواقع

وفي هذا السياق، جدّد الرئيس الصحراوي إبراهيم غالي استعداد جبهة البوليساريو للدخول في مفاوضات مباشرة مع المغرب، شريطة توفر الإرادة السياسية الحقيقية من الطرف الآخر، مؤكداً أن أي محاولة لفرض حلول أحادية أو الإبقاء على الوضع القائم لن تؤدي إلا إلى تعميق التوتر وتهديد الأمن الإقليمي.

وتكشف هذه اللغة السياسية الصريحة إدراك البوليساريو لطبيعة المرحلة المقبلة التي تتطلب من الأطراف العودة إلى طاولة المفاوضات، ولكن على أساس اعتراف متبادل وليس في إطار شروط مسبقة أو ضغوط خارجية.

● دي ميستورا: لا نتائج مسبقة والمفاوضات مفتوحة على كل المبادرات

من جانبه، أكد المبعوث الشخصي للأمين العام، ستيفان دي ميستورا، أن القرار الأممي الأخير لا يفرض نتائج جاهزة، بل يرسم إطاراً عاماً لمفاوضات تشمل مقترحات الطرفين بما فيها المبادرة الصحراوية والمقترح المغربي.

ويشير خبراء الشؤون الأممية إلى أن هذا التصريح يمهد لعودة النقاش حول جوهر النزاع ألا وهو حق تقرير مصير الشعب الصحراوي .

الجزائر كضامن للتوازن الإقليمي والاستقرار

تكشف التحولات الأخيرة أن الجزائر تواصل لعب دور الضامن الإقليمي للاستقرار، ليس فقط في ملف الصحراء الغربية، بل في شمال إفريقيا عموماً.

فقد حافظت الجزائر على موقف ثابت يقوم على احترام القانون الدولي ودعم جهود الأمم المتحدة دون انحياز، ما جعلها أحد الأعمدة الأساسية في حماية السلم الإقليمي.

مصدر الصورة

ويرى محللون أن هذا الموقف ليس نابعاً من اعتبارات سياسية ظرفية، بل من رؤية استراتيجية أوسع تعتبر أن أي حل خارج إطار الشرعية الدولية سيعيد المنطقة إلى موجات عدم استقرار جديدة، بما يفتح الباب أمام صراعات يمكن تجنبها.

تشكل رسالة غوتيريش وردّ جبهة البوليساريو وتفاعلات الجزائر مع القرار الأممي الأخير مشهداً دبلوماسياً جديداً يعيد القضية الصحراوية إلى مسارها الطبيعي: مسار الشرعية الدولية.

فعودة المقترح الصحراوي الموسّع إلى الواجهة، وتأكيد الأمم المتحدة على حيادها وعدم فرض نتائج مسبقة، يفتحان نافذة جدية لإحياء العملية السياسية على أساس الحق في تقرير المصير.

وفي هذا السياق، تبدو الجزائر الفاعل الأكثر ثباتاً وقدرة على حماية هذا المسار، بما تمتلكه من وزن إقليمي ودبلوماسي، وبما تؤكده من التزام مبدئي تجاه حق الشعوب في تقرير مصيرها.

ومع اقتراب مرحلة جديدة من التقييم الأممي لبعثة المينورسو، يصبح الدور الجزائري، إلى جانب صمود الطرف الصحراوي، عاملاً حاسماً في إعادة بناء مسار تسوية قائم على القانون الدولي، وقادر على تحقيق سلام حقيقي ودائم في شمال إفريقيا.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا