تبحث الشرطة الفرنسية عن 4 لصوص سرقوا، أمس الأحد، حلي “لا يقدّر بثمن” من متحف اللوفر في باريس.
ووقعت السرقة التي تحمل بصمة جماعات الجريمة المنظمة، في وضح النهار في أكبر متحف في العالم، والذي يستقبل سنويا نحو 9 ملايين زائر، ويضم 35 ألف عمل فني على مساحة 73 ألف متر مربع.
ولقيت هذه العملية اهتماما واسعا عالميا، وأثارت جدلا سياسيا في فرنسا، وأعادت فتح النقاش في أمن المتاحف حيث يعاني “ضعفا كبيرا”، بحسب ما قال وزير الداخلية لوران نونيز.
ويتابع القضية نحو 60 محققا من فرقة مكافحة الجريمة التابعة للشرطة القضائية في باريس، والمكتب المركزي لمكافحة الاتجار بالممتلكات الثقافية.
ووقعت السرقة صباح الأحد بين (7:30 و7:40 بتوقيت غرينتش)، بواسطة شاحنة مجهزة برافعة ركنت إلى جهة رصيف نهر السين.
وقد صعد اللصوص بواسطة الرافعة إلى مستوى نافذة الطابق الأول وحطموها بجهاز قص محمول. ودخلوا إلى قاعة أبولون التي تضم مجوهرات التاج الفرنسي وهشموا واجهتين تحظيان بحماية عالية كانت الحلى فيهما.
وأوضحت وزارة الثقافة الفرنسية، أن اللصوص سرقوا 8 قطع حلي “لا تقدر بثمن على الصعيد التراثي”، مشيرة إلى أن القطعة 9، هي تاج الإمبراطورة أوجيني، زوجة نابوليون الثالث، سقطت من اللصوص أثناء فرارهم.
وقالت المدعية العامة للجمهورية الفرنسية في باريس لور بيكو، إن الرجال الأربعة كانوا “ملثمين” وفروا على درجات نارية والبحث جار عنهم.
وقطع الحلي 8 المسروقة كلها من القرن التاسع عشر، عقد من الياقوت للملكة ماري-إميلي زوجة الملك لوي-فيليب الأول. والعقد مؤلف من 8 أحجار ياقوت و631 ماسة بحسب موقع اللوفر الإلكتروني.
وسرق اللصوص أيضا عقدا من الزمرد من طقم للزوجة الثالثة لنابوليون الأول، ماري لويز المؤلف من 32 حجر زمرد و1138 ماسة. أما تاج الإمبراطورة أوجيني فيحمل نحو 2000 ماسة.
وقال نونيز، إن عملية السرقة استمرت “سبع دقائق”، وأن منفذيها لصوص “متمرّسون” قد يكونون “أجانب” و”ربما” عرف عنهم ارتكابهم وقائع مشابهة.
وأشارت وزارة الثقافة إلى أن سرعة تدخل موظفي المتحف دفعت اللصوص “إلى الفرار تاركين معداتهم خلفهم”.
ونظرا لأنه من شبه المستحيل بيع الحلي المسروقة كما هي، رجحت المدعية العامة بيكو فرضيتين، إحداهما أن يكون اللصوص تصرفوا “لصالح جهة معينة”، أو أرادوا سرقة أحجار كريمة “للقيام بعمليات غسل الأموال”.
وأعادت العملية، وهي السرقة الأولى في اللوفر منذ العام 1998، فتح النقاش في فرنسا بشأن أمن المتاحف التي أصبحت هدفا للمجموعات الإجرامية لما تحويه من كنوز، ولكونها تحظى بإجراءات حماية أقل من مؤسسات أخرى مثل المصارف.
وقد تعرضت متاحف فرنسية في الآونة الأخيرة لعمليات سرقة وسطو، ما يسلط الضوء على عيوب محتملة في أنظمة الحماية والمراقبة.
وفي منتصف سبتمبر الماضي سُرقت عينات من الذهب من المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس الذي قدّر قيمتها بنحو 600 ألف يورو.
وفي ذات الشهر أيضا، تعرض متحف في ليموج بوسط فرنسا، للسرقة، وقدرت الخسارة بنحو 6.5 ملايين يورو.
وعندما سُئل وزير الداخلية عن خلل محتمل في نظام المراقبة في اللوفر، أشار إلى أن أمن المتاحف هشّ.
وقال نونيز “نعلم جيدا أن هناك ضعفا كبيرا في المتاحف الفرنسية”، مذكرا أن “خطة أمنية” أطلقتها أخيرا وزارة الثقافة “لم تستثن” اللوفر.
وقد تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في جانفي بترميم متحف اللوفر وتوسيعه، بعدما أعربت مديرته عن قلقها إزاء تردي وضعه.
وأثارت السرقة ردود فعل في فرنسا التي تواجه أزمة سياسية منذ أشهر.
وأوضحت وزارة الثقافة أن أجهزة الإنذار على النافذة الخارجية لقاعة أبولون فضلا عن الواجهتين اللتين تحظيان بحماية عالية انطلقت تزامنا مع وقوع العملية.
وقال رئيس حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف جوردان بارديلا “هذه إهانة لا تحتمل. إلى متى سيستمر انهيار الدولة”؟
وقال زعيم مجموعة حزب الجمهوريين اليميني في الجمعية الوطنية لوران فوكييه “فرنسا نُهبت. علينا حماية أثمن ما لدينا: تاريخنا”.
وتعهد ماكرون الأحد أن السلطات ستعثر “على المسروقات وسيحال الفعلة على القضاء”.