استعادت الجزائر خلال سبتمبر 2025 موقعها الريادي في سوق الغاز الإسبانية، بعد أن تصدّرت مجددًا قائمة المورّدين بنسبة 37.2% من إجمالي الواردات، أي ما يعادل 10.24 تيراواط/ساعة من الغاز الطبيعي المسال، وفق بيانات الشركة الإسبانية المشغلة لشبكة الغاز “إيناغاز” (Enagás).

ويأتي هذا الارتفاع الطفيف مقارنة بشهر أوت الماضي (10.09 تيراواط/ساعة) ليؤكد استمرار الجزائر في تعزيز حضورها الطاقوي داخل شبه الجزيرة الإيبيرية.

استقرار الطلب الإسباني وميل نحو الغاز المسال

أظهرت الأرقام أن واردات إسبانيا الإجمالية من الغاز (المسال والعبر الأنابيب) بلغت 27.56 تيراواط/ساعة خلال سبتمبر، مقابل 27.75 تيراواط/ساعة في أوت، و25.89 تيراواط/ساعة في الشهر نفسه من العام 2024.

ورغم هذا الاستقرار النسبي، يلاحظ الخبراء تزايد الاعتماد الإسباني على الغاز المسال، ما يمنح للجزائر مساحة أوسع لتوسيع صادراتها بفضل بنيتها التحتية القوية في سكيكدة وأرزيو.

موثوقية الجزائر في زمن تقلبات الطاقة

تُزوّد الجزائر السوق الإسبانية عبر مسارين أساسيين: أنبوب “ميدغاز” الذي يصل مباشرة إلى مدينة ألميرية، وشحنات الغاز الطبيعي المسال عبر البحر.

هذا الانتظام في الإمدادات جعل من الجزائر أكثر الموردين استقرارًا وسط تقلبات الأسواق الأوروبية وتراجع بعض الإمدادات من الدول المنافسة.

ويرى محللون أن هذه الثقة لم تكن لتتحقق لولا التزام “سوناطراك” بالعقود طويلة الأمد وسياستها التعاقدية المرنة، التي توازن بين استقرار الأسعار وتلبية الطلب المتزايد على الطاقة.

علاقات اقتصادية متينة رغم التوتر السياسي

ورغم ما شهدته العلاقات الجزائرية الإسبانية من توترات سياسية خلال السنوات الأخيرة، إلا أن التعاون الطاقوي ظلّ صامدًا ومثمرا.

ويؤكد خبراء أن استمرار الجزائر في تصدر قائمة موردي الغاز إلى إسبانيا يعكس عمق المصالح المتبادلة واستقلالية العلاقات الاقتصادية عن التجاذبات السياسية.

الجزائر.. ركيزة في أمن الطاقة الأوروبي

تُجمع التقارير على أن الجزائر أصبحت المصدر الأكثر استقرارًا لإمدادات الغاز نحو أوروبا الغربية، خاصة بعد الأزمة الطاقوية العالمية التي دفعت العديد من الدول إلى البحث عن بدائل موثوقة.

فبفضل توسعة مشاريع النقل عبر الأنابيب وزيادة قدراتها في تصدير الغاز الطبيعي المسال، باتت الجزائر رقمًا أساسيًا في معادلة الطاقة الإقليمية، من إسبانيا إلى إيطاليا وفرنسا.

رؤية استراتيجية لتعزيز الحضور الإقليمي

يرى محللون أن الارتفاع المسجل في صادرات الغاز الجزائرية لا يعكس فقط الأداء التجاري، بل يعبّر عن رؤية استراتيجية متكاملة تهدف إلى:

رفع القدرة الإنتاجية الوطنية.

توسيع الحضور في الأسواق الأوروبية.

ضمان الأمن الطاقوي الوطني والدولي.

وبذلك، تؤكد الجزائر مكانتها كـ “قوة طاقوية مسؤولة”، تجمع بين الوفاء بالتزاماتها الدولية والتخطيط لمستقبل طاقوي مستدام، بما يرسخ دورها كشريك استراتيجي لا يمكن الاستغناء عنه في أمن الطاقة الأوروبي.