الجزائر تتحول إلى قاطرة نمو “ستيلانتس” في إفريقيا والشرق الأوسط
الجزائرالٱن _ سجّلت الجزائر إنجازًا استثنائيًا بعد أن قادت مبيعات مجموعة ستيلانتس (Stellantis) متعددة الجنسيات خلال الربع الثالث من سنة 2025، في وقت واصلت فيه الشركة تحقيق نمو قوي عالميًا بعد سلسلة من التراجعات استمرت لأكثر من عام ونصف.
وأكدت بيانات المجموعة أن الأسواق الجزائرية كانت المحرك الأبرز لنمو منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 21%، بفضل توسّع إنتاج “فيات” محليًا، لتصبح الجزائر نقطة تحول في استراتيجية الشركة العالمية.
الجزائر القلب النابض لستيلانتس في المنطقة
أوضحت ستيلانتس أن الفضل في القفزة الإقليمية يعود أساسًا إلى النتائج الاستثنائية المسجلة في الجزائر، حيث يشهد مصنع “فيات” في طفراوي (وهران) توسعًا غير مسبوق منذ تدشينه في ديسمبر 2023.
فقد تخطى المصنع في 25 سبتمبر 2025 إنتاج 50 ألف سيارة، مقارنة بـ17 ألفًا فقط خلال سنة 2024، مع توقعات برفع الإنتاج إلى 60 ألف وحدة بنهاية 2025 و90 ألفًا في 2026.
وفي 10 أكتوبر 2025، أعلنت الشركة عن إنجاز تاريخي تمثل في إنتاج أول سيارة “غراند باندا” داخل المصنع الجزائري، واصفة الخطوة بأنها “رمز للتحول والكفاءة والفخر الوطني”، مؤكدة التزامها بجعل الجزائر قاعدة صناعية رئيسية في شمال إفريقيا ومدخلاً للأسواق الإقليمية.
نمو عالمي بقيادة الجزائر وأميركا الشمالية
خلال الربع الثالث من 2025، ارتفعت مبيعات “ستيلانتس” بنسبة 13% على أساس سنوي لتصل إلى 1.3 مليون سيارة، في أداء يُعدّ الأفضل منذ أواخر 2023.
وتصدرت أمريكا الشمالية قائمة الأسواق بنمو بلغ 35%، مدعومًا بإطلاق شاحنة “رام 1500” ذات محرك “هيمي V8”، وعودة المخزون إلى مستوياته الطبيعية بعد اضطرابات الإنتاج العام الماضي.
أما منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فجاءت ثانية بنسبة نمو بلغت 21%، حيث لعبت الجزائر الدور الحاسم في هذه القفزة، تلتها أوروبا بنسبة 8% بفضل طرح أربعة طرازات جديدة، من بينها “فيات غراند باندا” المنتجة في الجزائر.
في المقابل، شهدت أمريكا الجنوبية تراجعًا بـ7%، ما يبرز التحول في مركز الثقل التجاري نحو إفريقيا والشرق الأوسط.
إدارة جديدة وخطط توسعية طموحة
منذ توليه القيادة في جوان 2025، يقود أنطونيو فيلوسا “ستيلانتس” نحو مرحلة إعادة هيكلة كبرى تهدف إلى استعادة الزخم في الأسواق العالمية.
فإلى جانب رفع الإنتاج في الجزائر واستثمار 10 مليارات دولار في السوق الأمريكية، أعلن فيلوسا عن خطة لإعادة طرح طرازات “جيب شيروكي” و”رام 1500”، مع التركيز على تحسين الكفاءة التشغيلية وتوسيع الانتشار الإقليمي.
لكن التغييرات الجذرية في الهيكل الإداري، خاصة في أوروبا، أثارت قلق النقابات الفرنسية التي تخشى تراجع الدور الصناعي لفرنسا في ظل تصاعد نفوذ مصانع الجزائر وتركيا وإيطاليا.
ورغم الجدل، تؤكد الإدارة أن التحول الجاري “ضروري” للحفاظ على تنافسية الشركة في مواجهة التحديات العالمية والمنافسة الحادة من الشركات الأمريكية والصينية.
الجزائر ترسخ موقعها كمركز صناعي إقليمي
يرى مراقبون أن التحولات الجارية داخل “ستيلانتس” تؤشر إلى تحول الجزائر إلى ركيزة استراتيجية في خريطة الصناعة العالمية، بعد أن كانت مجرد سوق استهلاكية.
إذ بات مصنع طفراوي، خلال أقل من عامين، أحد أسرع المشاريع الصناعية نموًا في إفريقيا، بما يساهم في رفع الصادرات وتنويع الاقتصاد الوطني وتقليص فاتورة الاستيراد.
ويؤكد مسؤولو الشركة أن المرحلة المقبلة ستشهد إدماج الموردين المحليين في سلاسل التوريد، ما سيفتح الباب أمام تطوير صناعة سيارات جزائرية الهوية.
مستقبل مشرق للجزائر.. وتحديات عالمية لستيلانتس
في ظل الركود الأوروبي والتقلبات الأمريكية، تبدو الجزائر نقطة الضوء في استراتيجية ستيلانتس، ومصدر توازن مالي وإنتاجي يعوّض التراجع في أسواق أخرى.
لكن الشركة لا تزال تواجه تحديات مرتبطة بالرسوم الجمركية الأمريكية، وتقلبات أسعار الصرف، ومخاطر التباطؤ الاقتصادي في أوروبا.
ورغم ذلك، تُجمع التقارير على أن الجزائر مرشحة لتكون المركز الصناعي الأول لستيلانتس في إفريقيا بحلول 2026، في وقت تسعى فيه المجموعة إلى تثبيت موقعها كواحدة من أكبر أربع قوى في صناعة السيارات عالميًا.