آخر الأخبار

تحالف اللوبيات الثلاثة: حملة تصعيدية منسقة ضد الجزائر 

شارك
بواسطة محمد قادري
صحفي جزائري مختص في الشأن السياسي الوطني و الدولي .
مصدر الصورة
الكاتب: محمد قادري

* تحالف اللوبيات الثلاثة: حملة تصعيدية منسقة ضد الجزائر
* اليمين المتطرف والمغرب وإسرائيل يتحدون في استهداف المواقف الجزائرية

الجزائر الآن _ تشهد العلاقات الجزائرية-الفرنسية موجة جديدة من التوتر المتصاعد، حيث تواجه الجزائر هجمة شرسة جديدة يقودها تحالف ثلاثي يضم اليمين المتطرف الفرنسي واللوبيات المغربية والصهيونية، وفقاً لما كشفه موقع “ tsa ” الناطق بالفرنسية “

. هذا التصعيد، الذي يتسم بشراسة غير مسبوقة، يستهدف إضعاف الجزائر إقليمياً ودولياً، مستغلاً التوترات الداخلية في فرنسا والأوضاع الجيوسياسية المعقدة .


* اليمين المتطرف الفرنسي: استغلال الملف الجزائري لمكاسب انتخابية

يقود اليمين المتطرف الفرنسي الهجمة ضد الجزائر، مستغلاً ملفات الهجرة والقضايا الثقافية لتحقيق مكاسب سياسية داخلية.

و في هذا الصدد ،يشير الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي العيد زغلامي في حديثه للصحيفة الإلكترونية “الجزائر الآن” إلى أن “الحملات الإعلامية ضد الجزائر لم تتوقف يومًا، وربما تقلصت أحيانًا بسبب انشغال فرنسا بأزماتها ذات الأوجه الدستورية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكن مجموعة بولوري الإعلامية لم تتوقف واستمرت في بث سمومها ضد الجزائر “.

مصدر الصورة

من جانبه، يؤكد المتخصص في تاريخ العلاقات الدولية والديبلوماسية، البروفيسور الجيلالي شقرون أن “وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو عمل على إسقاط كل الاتفاقيات الواضحة بين الجزائر وفرنسا، بهدف التضييق على الجزائر وعلى المهاجرين، خاصة أولئك الذين يعيشون ظروفا غير مستقرة في فرنسا ولا يملكون وثائق قانونية لإقامتهم هناك . “


* تعيين برونو روتايّو: نقطة تحول في التصعيد
مصدر الصورة

التصعيد ضد الجزائر لا يمكن فصله عن قرار تعيين اليميني المتطرف برونو روتايو في سبتمبر 2024 على رأس وزارة الداخلية الفرنسية، فقد كان هذا التعيين نقطة تحول حاسمة، حيث استخدم (روتايو) الملف الجزائري لتعزيز مكانته السياسية في إطار طموحاته الرئاسية. وفي ظل تراجع شعبية الرئيس إيمانويل ماكرون والأزمة الاقتصادية والسياسية، استغل روتايو تلك الظروف ليستحوذ على الكثير من صلاحيات وزير الخارجية، ويتخذ مهاجمة الجزائر وسيلة سهلة لكسب دعم المتطرفين الفرنسيين، وهذا تحضيرا للانتخابات الرئاسية القادمة، التي يأمل أن يفوز بها.


* اللوبي المغربي: استهداف مواقف الجزائر من الصحراء الغربية

يستغل اللوبي المغربي في فرنسا موقف الجزائر الثابت من قضية الصحراء الغربية لشن هجمات منسقة. ويوضح الأستاذ زغلامي أن “موقف فرنسا، الذي أعلنه الرئيس ماكرون شهر جويلية من العام الماضي، كان منحازاً إلى المغرب، وذلك حفاظًا على المصالح الفرنسية هناك، وعلى العلاقات المتميزة بين فرنسا والمخزن”، مشيرا إلى أنّ “العقود الاقتصادية المشتركة “، كان لها دورا في الموقف الفرنسي الجديد.

ويشدد الأستاذ شقرون على أن “المخزن وبعض اللوبيات الصهيونية بالمغرب” تسعى لزعزعة استقرار الجزائر، مضيفاً أن “فرنسا تتعامل بتناقض شديد، فمرة تقول إنها تدعم الشرعية الدولية وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، ومرة تنحاز للمغرب، وهو ما يوضح ضعف استقرارها في اتخاذ القرارات السياسية”

ويتفق الأستاذان زغلامي وشقرون على أنّ موقف الجزائر الداعم للشعب الصحراوي يرعب اللوبي المغربي، ما يجعله يعمل بكل قواه على إضعاف الجزائر من خلال حملاته الإعلامية التي لا تتوقف.


* قضية بوعلام صنصال: سلاح في المعركة الإعلامية

تستغل هذه اللوبيات قضية الكاتب بوعلام صنصال لتشويه صورة الجزائر، حيث يلاحظ زغلامي أن “الكثير من وسائل الإعلام المحسوبة على اليمين المتطرف لم تتقبل الموقف السيادي للجزائر، وموقف العدالة الجزائرية في قضية بوعلام صنصال، ولذلك تحاول تضليل الرأي العام والإساءة لصورة الجزائر.

ولكن موقف الجزائر واضح وثابت”

ويرى شقرون أنّ ملف بوعلام صنصال “يدخل في نطاق أمور تمس سيادة الجزائر، وهو ما يجعل الجزائر غير متسامحة معه”، مشيرا إلى أنّ اليمين المتطرف ” يسعى لزعزعة استقرار الجزائر” وهي نفس غاية المخزن وبعض اللوبيات الصهيونية بالمغرب، مؤكدا أنّ “الجزائر دولة قوية ولن تتأثر بهذه المحاولات، فهي دائمًا تسعى لتحقيق السلم في العالم دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول.”


* اللوبي الصهيوني: استهداف الموقف الجزائري من فلسطين

يشكل اللوبي الصهيوني الطرف الثالث في هذا التحالف، مستهدفاً الموقف الجزائري الثابت من القضية الفلسطينية. ويؤكد زغلامي أن “موقف الجزائر كان دائماً واضحاً ومؤيداً للقضية الفلسطينية”، مشيراً إلى التدخل الأخير لممثل الجزائر عمار بن جامع في مجلس الأمن، حيث “تحدث بإسهاب ومدعوما بالأدلة عن همجية الاحتلال الصهيوني ضد المدنيين والصحافيين وسط تعتيم إعلامي واضح، ووجه عتاباً للمجتمع الدولي وممثل الكيان الصهيوني “.

من جهته، يشدد شقرون على أن “الجزائر تظل داعمة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة”، معتبرة ذلك “خطا أحمر” ، بالمقابل، هناك عدم ثبات في موقفي فرنسا والمغرب، خاصة هذه الأخيرة التي تحتضن اليهود، والنتيجة أنهم أصبحوا يطردون المغاربة من أرضهم وديارهم وهو نفس ما يقومون به في فلسطين”

و تعكس هذه الحملات محاولات لإضعاف الجزائر على المستوى الإقليمي وإرسال رسائل ضمنية للدول الأخرى التي تدعم القضية الفلسطينية ، على غرار جنوب إفريقيا.

مجموعة بولوري: المنصة الإعلامية للهجوم

تلعب مجموعة “بولوري” الإعلامية دوراً محورياً في هذه الحملة، حيث تمنح منصة للناشطين المناهضين للجزائر، بما في ذلك بعض الفرنسيين الجزائريين المعارضين. ويلاحظ زغلامي أن هذه المجموعة “استمرت في بث سمومها ضد الجزائر”، مستشهداً بما حدث خلال لقاء جمع قبل يومين، بعض الصحافيين بالوزير الأول فرانسوا بايرو، حيث كانت صحفية من قناة سي نيوز الوحيدة التي تناولت قضية ما يُعرف إعلامياً بقضية بوعلام صنصال ، وحاولت إثارتها من جديد بعدما اقتنع المدافعون عن الكاتب الفرانكو جزائري أنّ الجزائر لن تتخلى عن موقفها في هذه القضية.


* الجزائر: قوة صاعدة في وجه التحديات

رغم هذا التصعيد، يؤكد الخبيران أن الجزائر تواجه هذه التحديات بقوة وثبات. يقول شقرون: “الجزائر دولة قوية ولن تتأثر بهذه المحاولات، فهي دائماً تسعى لتحقيق السلم في العالم دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول “.

ويضيف: “احتلت الجزائر مكانة دولية بفضل دورها الفعال في حل العديد من النزاعات الدولية، والدفاع عن حقوق الشعوب في العيش بسلام، بدءاً بالقضية الفلسطينية، مرورًا بالأزمة الأوكرانية، وانتهاءً بما يحدث في ليبيا وغيرها من دول ما يسمى بالربيع العربي.”، ويضيف أنّ الجزائر “أصبحت منبراً مهماً ودولة محورية، وكلمتها مسموعة على المستوى الدولي”، ويؤكد الأستاذان الجامعيان أنّ الدور الذي تلعبه الجزائر إقليميا ودوليا جعل “الولايات المتحدة تسارع لكسب ودها “.


* فرنسا في أزمة: خريف سياسي صعب

مصدر الصورة

في المقابل، تواجه فرنسا أزمات داخلية عميقة، حيث يشير الأستاذ شقرون إلى أن “فرنسا ينتظرها خريف سياسي صعب، وهي مقبلة على هزة كبيرة يوم 10 سبتمبر الحالي”، خاصة أنّ “الشعب الفرنسي قرر أن يوقف كل شيء في ذاك التاريخ”، بسبب الأزمات الداخلية الكبيرة، تشمل بالأساس مشاكل الضواحي الباريسية، والتراجع الحاد في القدرة الشرائية للمواطن الفرنسي”.


* تنويع الشراكات: سياسة اقتصادية ناجحة

في وجه هذا التصعيد، وسعي باريس لفرض حصارا اقتصاديا على الجزائر لاعتقادها أنّها الشريك الأهم والذي لا يمكن الاستغناء عنه، تتجه الجزائر نحو تنويع شراكاتها الدولية. يؤكد الأستاذ شقرون في حديثه لـ “ الجزائر الآن” أن “الجزائر اليوم دولة مستقلة وذات سيادة، ولها شركاء متعددون، مثل إيطاليا، التي وجدت أمامها فضاء اقتصاديا مفتوحا”، بالإضافة إلى توجهها نحو الصين “لتعزيز التبادلات الاقتصادية “.


* الجزائر في قلب المعركة الجيوسياسية

يخلص التحليل إلى أن الجزائر أصبحت محوراً لتقاطع مصالح متعددة: الانتقام من التاريخ الاستعماري، وحسابات انتخابية داخلية في فرنسا، وتحالفات جيوسياسية تشمل المغرب والكيان الصهيوني. لكن هذا التصعيد يبرز أيضاً أهمية الجزائر على الصعيد الدولي، كونها لاعباً رئيسياً في قضايا الشرق الأوسط وإفريقيا والمغرب العربي .

كما يوضح زغلامي في نهاية تصريحاته لـ”الجزائر الآن”، فإن “هذه المواقف الجزائرية الثابتة لا ترضي الجهات المعادية للسلام وحماية حقوق الشعوب”، فيما يؤكد شقرون أن “الجزائر تبقى حامية لمصالحها، وكل من يتعرض لها سينال جزاءه“.

شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا