آخر الأخبار

اكتشاف جديد يتحدى المعتقدات القديمة حول الأهرامات المصرية

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

اكتشاف جديد يتحدى المعتقدات القديمة حول الأهرامات المصريةصورة من: KHALED DESOUKI/AFP/Getty Images

لطالما اعتُبرت الأهرامات المصرية العظيمة رمزًا للسلطة والهيبة، حيث ساد الاعتقاد بأن هذه الصروح شُيّدت لتكون المدافن الحصرية للفراعنة وكبار النخبة السياسية والاجتماعية في مصر القديمة. غير أن دراسة حديثة نُشرت في مجلة علم الآثار الأنثروبولوجي Journal of Anthropological Archaeology كشفت عن حقائق مغايرة قد تعيد كتابة التاريخ، بعد أن توصّل فريق من علماء الآثار الهولنديين والأميركيين إلى أدلة تشير إلى أن هذه المقابر لم تكن مخصصة للملوك والنبلاء فقط، بل شملت أيضًا أفرادًا من الطبقات الدنيا الذين كرّسوا حياتهم للعمل الشاق.

اكتشاف مدينة غامضة تحت البحر يرجح أن عمرها أقدم من أهرامات مصر

بقايا عظام تكشف الحقيقة

ووفقًا لما أعلنه الباحثون، فقد عُثر داخل بعض الهياكل الهرمية على هياكل عظمية تحمل علامات واضحة للإجهاد البدني، مثل تآكل مناطق ارتباط العضلات والأوتار بالعظام ، وهي مؤشرات تدل على أن أصحابها مارسوا أعمالًا يدوية شاقة على مدى حياتهم. هذه النتائج دفعت العلماء إلى الاعتقاد بأن المدفونين لم يكونوا جميعًا من علية القوم، بل شملوا عمّالًا وحرفيين خدموا المجتمع وربما ساهموا في تشييد هذه الصروح.

وقال فريق البحث في تقريره: "إن مقابر الأهرامات، والتي كان يُعتقد أنها مثوى خاص للنخبة، قد احتضنت أيضًا أشخاصًا من طبقات متواضعة، ممن مارسوا أعمالًا مضنية في خدمة الدولة والمجتمع." وأضافوا أن هذا الاكتشاف يتحدى إحدى أقدم الفرضيات الراسخة في علم المصريات.

كيف تبدو روائح المومياء الفرعونية؟.. باحثون يجيبون!

رؤية جديدة للمجتمع المصري القديم

من خلال تحليل العظام، توصّل الباحثون إلى وجود فوارق بين من عاشوا حياة يسودها النشاط البدني الشديد ومن عاشوا في ظروف أقل مشقة. المدهش في الأمر أن بعض هؤلاء الكادحين وُجدوا مدفونين جنبًا إلى جنب مع أشخاص من ذوي المناصب الرفيعة، ما يشير إلى أن المجتمع لم يكن مقسمًا بشكل صارم كما كان يُعتقد سابقًا.

ويؤكد الباحثون أنهم لا يزعمون أن العمال البسطاء كانوا وراء بناء الأهرامات بقدراتهم الذاتية، بل إن المشروع كان بتمويل ورعاية من شخصيات رفيعة المستوى مثل القادة والنبلاء. غير أن وجود هؤلاء العاملين إلى جانبهم في المدافن يوحي بأن العلاقات الاجتماعية قد تكون اتسمت بدرجة من التوازن والاعتراف بجهود الطبقات الدنيا.

مجتمع "تومبوس": نموذج للتعايش؟

ويوضح التقرير أن الهياكل العظمية التي خضعت للدراسة وُجدت في منطقة كانت تُعرف قديمًا باسم "تومبوس" (Tombos)، وهي مستوطنة يُعتقد أنها اتسمت بالسلام النسبي وربما تبنّت بعض القيم المساواتية. ورغم أن العلماء لا يستطيعون الجزم بالسبب الذي دفع النبلاء لدفن العمال إلى جوارهم، إلا أن الاحتمال الأرجح هو أن طريقة الحياة في تلك المنطقة كانت أكثر انفتاحًا وتقديرًا لمختلف شرائح المجتمع مقارنة بما كان شائعًا في مناطق أخرى من مصر القديمة.

ويقول الباحثون: "إذا كان هؤلاء الأفراد من ذوي المكانة المتواضعة فعلًا، فإن ذلك يغيّر الرواية التقليدية التي حصرت المدافن الضخمة في النخبة فقط."

إعادة كتابة التاريخ

إن هذه الاكتشافات الحديثة لا تعني فقط إعادة النظر في الغاية من بناء الأهرامات ، بل تفتح بابًا لفهم أعمق حول طبيعة المجتمع المصري القديم، بما في ذلك العلاقة بين الطبقات الاجتماعية المختلفة. فبينما اعتقد المؤرخون لعقود أن الأهرامات تجسّد الفجوة بين الحاكم والمحكوم، ربما تكشف هذه الدراسة أن الواقع كان أكثر تعقيدًا، وأن المصريين القدماء قد مارسوا أشكالًا من التقدير والاحترام المتبادل بين الفئات، ولو في حدود معينة.

ويخلص الخبراء إلى أن هذا البحث يشكل خطوة مهمة نحو إعادة تقييم الصورة النمطية عن الحضارة المصرية، ويطرح تساؤلات جديدة حول طبيعة السلطة، والعدالة الاجتماعية، ودور العمال الذين ساهموا في بناء واحدة من أعظم عجائب العالم القديم.

DW المصدر: DW
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار