أثار مقترح برلماني في مصر لتعديل مواعيد العمل الرسمية لتبدأ من الخامسة فجرا حتى الثانية عشرة ظهرا، جدلا واسعا، وسط تأكيدات بصعوبة تطبيقه وتعميمه على المستويين العام والخاص.
المقترح البرلماني كشفت عنه عضو مجلس النواب آمال عبدالحميد، والموجّه إلى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي.
وبحسب النائبة، فإن تعديل مواعيد العمل المبكرة يندرج ضمن رؤية إصلاحية شاملة تهدف إلى رفع معدلات الإنتاجية وتحقيق التوازن بين الحياة العملية والأسرية، مستشهدةً بتجارب ناجحة في بعض الدول الآسيوية، التي اعتمدت ثقافة العمل المبكر وشهدت بفضلها طفرة اقتصادية ملحوظة.
وقالت إن مصر بحاجة "لتغيير الكثير من القواعد والمفاهيم التي اعتدنا عليها في الأنظمة والحكومات المتعاقبة، ومنها توقيت مواعيد العمل الرسمية في مصر والتي تبدأ من الساعة الثامنة صباحًا إلى الثانية ظهرًا وأحيانًا تمتد إلى الرابعة عصرًا".
واعتبرت أن إعادة النظر في مواعيد العمل الرسمية لتصبح من الخامسة فجرًا إلى الثانية عشرة ظهرًا، سينعكس إيجابًا على إنتاجية العامل المصري، ولا سيما في القطاعات الإنتاجية، الأمر الذي سينعكس بدوره على الاقتصاد الوطني.
وأضافت أنها استندت إلى "دراسات علمية أثبتت أهمية الاستيقاظ والعمل مبكرًا"، مؤكدة أن تعديل مواعيد العمل الرسمية "سيحقق الاستقرار الأسري، ويقلل التكدس المروري، ويرفع كفاءة الأداء والإنتاجية، فضلا عن الاستفادة من ساعات الصباح التي تتميز بالنشاط والحيوية".
وشددت على أن تبني نظام مبكر لمواعيد الدوام قد يشكّل أحد الحلول العملية لمواجهة الكسل الوظيفي وتحسين الإنتاجية داخل مؤسسات الدولة.
اعتراضات واسعة
المقترح قوبل بموجة اعتراضات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الأوساط النقابية والاقتصادية، إذ اعتبر كثيرون أن بدء العمل في الخامسة فجرًا "أمر غير واقعي" في ظل طبيعة الحياة الاجتماعية بمصر، إضافة إلى التحديات اللوجستية المرتبطة بانتقال الموظفين في هذه الساعة المبكرة، كما أن "الواقع المصري مختلف عن التجارب الآسيوية".
وقال نائب رئيس اتحاد نقابات عمال مصر، مجدي البدوي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن المقترح "غير واقعي" لعدة أسباب، في مقدمتها اختلاف طبيعة الحياة الاجتماعية في مصر عن دول أخرى.
وأوضح البدوي أنه: "على سبيل المثال، لدينا أعداد كبيرة من النساء العاملات اللاتي يضطررن لإيصال أطفالهن إلى الحضانات قبل الذهاب إلى العمل، فلن يكون من المنطقي أن تُفتح الحضانات في الثالثة أو الرابعة فجراً، وهذا يضر بمصلحة الطفل والأسرة على حد سواء".
وأشار إلى أن "بدء العمل في الخامسة صباحًا يعني أن الموظف سيضطر للاستيقاظ في الثانية والنصف بعد منتصف الليل، وهو أمر غير صحي ولا يتوافق مع طبيعة الإنسان أو عادات المصريين، وبالتالي فهذا النظام قد يضر بالصحة العامة للعمال بدلاً من تحسين إنتاجيتهم".
وأبرز أن الحديث عن رفع معدلات الإنتاجية من خلال تعديل مواعيد العمل "لا يستند إلى منطق عملي"، موضحًا أن زيادة الإنتاج مرتبطة ببيئة عمل مناسبة وتطوير مهارات العاملين، وليس بتحميلهم أعباء غير واقعية، مضيفا أنه "لو كان هذا التوقيت في مصلحة العمل لكان أصحاب الأعمال طالبوا بتطبيقه منذ زمن بعيد، لكن الواقع يؤكد أنه لا يحقق أي مكاسب إنتاجية".
ووصف نائب رئيس اتحاد العمال هذا المقترح بأنه "دعائي أكثر منه واقعي للتطبيق".
كما امتد الجدل إلى الوسط الفني، حيث انتقدت الفنانة عبير صبري المقترح، متسائلة عن جدوى إرهاق الموظفين بالاستيقاظ فجراً دون نوم كافٍ، معتبرة أن الفكرة "غير منطقية وتبحث عن الترند أكثر من واقعيتها".
تعديلات قانونية
بدوره، قال خبير الإدارة المحلية حمدي عرفة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن تطبيق المقترح الخاص ببدء العمل من بعد الفجر وحتى الثانية عشرة ظهرًا "يحتاج في المقام الأول إلى تعديل تشريعي"، موضحًا أن قانون الخدمة المدنية هو المنظم لعمل الجهاز الإداري للدولة، الذي يضم نحو 4.8 مليون موظف، وبالتالي فإن أي تغيير في مواعيد العمل يتطلب تعديل بعض مواد القانون، فضلًا عن صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء.
وأوضح أن تطبيق هذا المقترح يتعلق بخصوصية لـ"الواقع المصري التي تفرض أن يكون تطبيق الفكرة تدريجيًا"، لافتا إلى أن المسؤولين سبق أن تلقوا توجيهات بضرورة التواجد في مكاتبهم منذ السادسة صباحًا، ما يثبت أن التنفيذ ممكن لكنه يتطلب توافر وسائل نقل مناسبة، خاصة وأن غالبية الموظفين لا يمتلكون سيارات خاصة.
وأشار إلى أن أي تطبيق لمقترحات جديدة بمواعيد العمل ترتبط بتسريع وتيرة التحول الرقمي وتعميم استخدام التكنولوجيا في الوزارات.