كان لظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي أثر إيجابي مهول على شركة " إنفيديا " العاملة في قطاع تصميم وتطوير الشرائح متعددة الاستخدامات، وبفضله قفزت قيمة الشركة إلى 5 تريليونات دولار لتصبح من أغنى الشركات في العالم.
ويمكن القول إن "إنفيديا" أكثر شركة استفادت من ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي والسباق المحموم لتطويرها، وهي استفادة تفوق تلك التي حققتها الشركات العاملة في تطوير هذه التقنية وتدريبها.
وبينما يرى جنيسن هوانغ الرئيس التنفيذي للشركة أن فقاعة الذكاء الاصطناعي لن تنفجر، فإن الحقيقة حتى بعد انفجارها ستظل "إنفيديا" من الشركات التي تحقق أرباحا بغض النظر عن عملائها من الشركات الأخرى.
ولكن كيف تمكنت "إنفيديا" من التسلق إلى قمة الهرم في عالم الذكاء الاصطناعي؟ وهل تدوم سطوتها على هذا القطاع؟
تمكنت "إنفيديا" من تقديم مجموعة من الشرائح والمعالجات المخصصة للذكاء الاصطناعي، وتملك الشركة حاليا جيل "بلاك ويل" (BlackWell) الذي يعد أحدث أجيال الذكاء الاصطناعي للشركة.
وتوفر "إنفيديا" وحدات معالجة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها في أكثر من نموذج، الأول على شكل بطاقات منفردة والثاني وحدات حوسبة كبيرة تضم أكثر من بطاقة.
وينطبق هذا على كافة الأجيال التي تقدمها "إنفيديا" من شرائح الذكاء الاصطناعي، وتمتاز شرائح "إنفيديا" بقدرتها على العمل معا كأنها وحدة واحدة.
ولذلك، تجد أجهزة وشرائح مثل شريحة "جي بي 200" (GB200) تجمع بين 3 شرائح حوسبة من جيل "بلاك ويل" و"هوبر" المختلفين.
وتجعلها آلية العمل الفريدة هذه مثالية للمهام التي تتطلب قوة حوسبة مهولة وسريعة للغاية، مثل مهام الذكاء الاصطناعي المختلفة سواء في التدريب أو الإنتاج.
تعتمد الإجابة على أكثر من جانب واحد، فمن ناحية توجد جودة المنتجات التي تقدمها "إنفيديا" وتجعلها الأفضل في قطاع الذكاء الاصطناعي، ومن ناحية أخرى استفادت الشركة من غياب المنافسة في قطاع الشرائح حتى تمكنت من فرض سيطرتها عليه.
وتجدر الإشارة إلى أن "إنفيديا" كشركة تعمل في قطاع شرائح الحوسبة مختلفة الاستخدامات منذ عام 1993، ولكنها كانت تعمل في قطاع البطاقات الرسومية وشرائح المعالجات الرسومية.
وهي شرائح مختصة بتوليد الصور والمشاهد الرسومية في مختلف المنتجات سواء كانت ألعاب فيديو أو برمجيات مونتاج، وغيرها من هذه الأمور.
ولذلك فإن "إنفيديا" تملك خبرة واسعة في صناعة الشرائح المخصصة التي تعمل بالتوازي مع شرائح المعالج المركزي في الحواسيب المعتادة، وهي الخبرة التي استغلتها في صناعة شرائح الذكاء الاصطناعي.
وتقدم "إنفيديا" باستمرار قفزات متتالية في الأداء والكفاءة مع شرائحها الجديدة، فمع شرائح "بلاك ويل" تقدم الشركة أداء أفضل بأكثر من ضعفي الجيل السابق "هوبر".
وهذا يجعلها مرغوبة من كافة الشركات العاملة في قطاع الذكاء الاصطناعي والتي تسعى لامتلاك أفضل الشرائح وأقواها بشكل عام.
يظن البعض أن "إنفيديا" تجلس وحيدة في قطاع الشرائح بشكل عام، ولكن هناك العديد من المنافسين الذين يحاولون مواجهة الشركة وانتزاع عرشها.
وربما تعد "إيه إم دي" و"إنتل" من أبرز الشركات القديمة المنافسة لشركة "إنفيديا" في قطاع الشرائح بما فيها شرائح الذكاء الاصطناعي وبطاقات الألعاب الرسومية.
ولكن حتى اليوم، لم تتمكن كلتا الشركتين من تقديم منتج يستطيع انتزاع العرض من "إنفيديا" وهذا ما جعلها تسيطر على 90% من إجمالي سوق البطاقات المخصصة للذكاء الاصطناعي وفق تقرير من "بلومبيرغ".
كما يوجد بعض اللاعبين الجدد في قطاع شرائح الذكاء الاصطناعي ومن بينهم " أوبن إيه آي " نفسها، ولكنها حتى الآن لم تنتج شرائح فعلية، وحتى عندما تنتج الأجيال الأولى من شرائحها فهي لن تكون بقدرة "إنفيديا" التي تنتج الشرائح منذ عدة سنوات.
ويمكن القول إن التهديد الحقيقي الأكبر على عرش "إنفيديا" يأتي من الصين والشركات التابعة، وتحديدا " هواوي " التي قاربت على تقديم منتجات تنافسها، وهو تهديد مدعوم بدوافع سياسية ونفوذ الحكومة الصينية التي تجبر شركاتها على استخدام شرائح "هواوي".
تواجه "إنفيديا" خطرا كبيرا نابعا من التوترات السياسية بين الولايات المتحدة والصين، وهو تهديد يتجاوز ذلك الذي تمثله الشركات التقنية المنافسة لها.
ولذلك عندما أزال الرئيس الأميركي دونالد ترامب القيود على تصدير بعض الشرائح إلى الصين، قفزت قيمة "إنفيديا" السوقية بشكل كبير واستمرت في الازدياد مع ارتفاع الطلب الصيني على شرائحها.
وعندما أعلنت الحكومة الصينية تشجيع الشركات على استخدام شرائح "هواوي" تأثرت أسهم "إنفيديا" كثيرا وكادت تخسر سطوتها.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة