آخر الأخبار

كيف تحولت "غوغل" من حصن للمعلومات الدقيقة إلى منبر لحرية التعبير؟

شارك

تحول موقف " غوغل " من المعلومات الموجودة في منصاتها المختلفة خلال السنوات الماضية، وبعد أن كانت تضع دقة المعلومات وصدقها قبل أي معيار آخر، أصبحت الآن تفضل حرية التعبير في تغير واضح لسياسات الشركة، وذلك وفق تقرير مطول نشرته "سي إن بي سي".

وعبرت الرسالة التي أرسلها محامي "غوغل" دانيال دونوفان إلى الكونغرس عن هذا التغير بكل وضوح، إذ أشار فيها إلى نية الشركة إعادة تفعيل الحسابات التي كانت تنشر معلومات خاطئة بخصوص فيروس " كورونا " عام 2020.

وتمثل رسالة دونوفان الخطوة الأحدث من جانب الشركة في التراجع عن موقفها السابق من دقة المعلومات، وذلك بعد أن كانت تعتبر نفسها في السابق حصنا للمعلومات الدقيقة.

ولا تعد "غوغل" وحدها من غيرت سياستها تجاه دقة المعلومات وحرية التعبير، إذ قامت " ميتا " بذلك مطلع هذا العام عندما تخلت عن خوارزميات تدقيق المعلومات وفرق مراجعة المحتوى، وانتقلت إلى منظومة ملاحظات المجتمع المستخدمة في منصة " إكس " منذ فترة كبيرة، وفق ما جاء في التقرير.

ويتزامن هذا التراجع مع موجة من القضايا ضد شركة "ألفابيت" تدور غالبيتها حول احتكار الشركة لقطاع البحث عبر الإنترنت والاعلانات المتعلقة به، فضلا عن قضية ترامب ضد " يوتيوب " بعد إيقافهم لحسابه عام 2021 عقب المظاهرات التي اجتاحت العاصمة الأميركية.

رحلة "غوغل" مع دقة المعلومات

حسنت "غوغل" آلية التحقق من المعلومات الخاصة بها للمرة الأولى قبل الانتخابات الأميركية عام 2016، إذ واجهت الشركة آنذاك انتقادات واسعة بسبب المعلومات الخاطئة والكاذبة الموجودة في محرك البحث الخاص بها وتحديدا منصة "غوغل نيوز".

ولذلك أضافت الشركة فئة جديدة في "غوغل نيوز" بحلول أكتوبر/تشرين الأول من ذاك العام، وتضم هذه الفئة المعلومات والأخبار التي تم التحقق من مصدرها، كما يذكر تقرير "سي إن بي سي".

وكانت تعتمد على برنامج "كلايم ريفيو" (Claim Review) ومنصات التحقق من المعلومات المعتمدة مثل "بوليتي فاكت" (Politifact) و"سنوبس" (Snopes).

إعلان

وأوضحت الشركة آنذاك أنها تريد "مساعدة القراء في العثور على التحقق من المعلومات في القصص الإخبارية الرئيسية" واستمرت في التوسع بهذه الميزة عالميا حتى اعتمدت على الجهات الخارجية مثل الشبكة الدولية للتحقق من المعلومات ومن الهيئات المماثلة.

مصدر الصورة سوندار بيتشاي المدير التنفيذي لشركة "غوغل" يرى أن سياسة الشركة كانت تحمي المستخدمين في "كوفيد-19" (الفرنسية)

وبدأت الشركة تعرض تنبيها حول مدى دقة المعلومات الموجودة في نتائج البحث المختلفة، فضلا عن الجهة التي قامت بتدقيق المعلومات والجهة التي نشرت الخبر للمرة الأولى.

ثم توسع البرنامج عام 2018 ليشمل منصة "يوتيوب". وعام 2020 أخذت الشركة مهمة تدقيق المعلومات على محمل الجد تزامنا مع انتشار وباء "كوفيد-19" وبدأت تعرض معلومات من منظمة الصحة العالمية والهيئات الصحية المحلية في أي مقطع يتحدث عن الوباء.

وكانت "غوغل" تقدس مهمتها في نشر المعلومات الصحيحة والمدققة بشكل كبير، إذ كتب سوندار بيتشاي آنذاك في تدوينة عبر المدونة الرسمية موضحا بأن الشركة تحمي المستخدمين من المعلومات المغلوطة.

وقال أيضا "لقد عمل فريق الثقة والأمان لدينا على مدار الساعة وفي جميع أنحاء العالم لحماية مستخدمينا من التصيد الاحتيالي ونظريات المؤامرة والبرامج الضارة والمعلومات المضللة، ونحن نبحث باستمرار عن التهديدات الجديدة".

ووصل اهتمام "غوغل" بدقة المعلومات إلى حظر حساب شبكة "ون أميركان" (One American) الشهيرة بموالاتها لليمين الأميركي بعد نشرها مقطع فيديو يحمل معلومات مغلوطة عن فيروس كورونا، ولاحقا في العام ذاته حظرت حساب ترامب.

انعكاس الموقف تماما

ولكن عام 2023 شهد تغير موقف "غوغل" تماما، وبدأت الشركة في تخفيف حدتها مع المعلومات المغلوطة المنتشرة بمنصاتها المختلفة، وفق ما جاء في التقرير.

وظهر هذا الأمر عندما قررت "غوغل" التوقف عن إزالة مقاطع الفيديو التي تتحدث عن تزوير انتخابات عام 2020، واتخذت هذا القرار في يونيو/حزيران 2023.

وبررت الشركة هذا الأمر بأنها تسعى للوصول إلى توازن بين حماية المستخدمين من المعلومات المغلوطة وترك مساحة لحرية التعبير.

ثم أعادت فتح حساب "يوتيوب" الخاص بترامب مما أتاح له نشر مقاطع الفيديو مجددا في حسابه، وبحلول 2024 تخلت الشركة عن عدد كبير من موظفي فرق تدقيق المعلومات أسوة ببقية شركات التقنية مثل "ميتا" و"أمازون" و"إكس".

ومع مطلع هذا العام، توسعت جهود الشركة لتقويض آليات تدقيق المعلومات، إذ وضح كينت ووكر رئيس الشؤون العالمية في غوغل لنائب مدير المفوضية الأوروبية بأن الشركة ستزيل جميع آليات تدقيق المعلومات من خوارزمياتها قبل خضوعها لقانون الخدمات الرقمية بالاتحاد الأوروبي، وذلك وفق تقرير نشرته "أكسيوس" في يناير/كانون الثاني.

مصدر الصورة حساب شبكة "ون أميركا نيوز" عاد إلى منصة "يوتيوب" بعد حظره عام 2020 (شترستوك)

وكتبت عن هذا الأمر كلارا جيمينيز كروز الرئيسة التنفيذية لمؤسسة التحقق من الحقائق ورئيسة الشبكة الأوروبية لمعايير التحقق من المعلومات أن "غوغل" لم تخبرهم بنهاية التعاون الذي استمر 10 أعوام حتى الآن، وأضافت "ناهيك عن التشاور معنا بشأن قرار التوقف عن استخدام عمليات التحقق من المعلومات التي قدمناها مجانا".

إعلان

وفي أغسطس/آب الماضي، اتفقت منصة "يوتيوب" مع شبكة "ون أميركان" التي قامت بحظرها سابقا عام 2020 من أجل إنتاج برنامج تلفزيوني مستمر لعدة أعوام.

ويعكس هذا موقف الشركة الجديد الذي تبنته في رسالتها إلى الكونغرس، وهي الرسالة ذاتها التي أعاد الكونغرس نشرها مع بيان صحفي خاص به يؤكد أن "غوغل" تعاونت مع إدارة بايدن لتطبيق رقابة صارمة على الإنترنت ومنع حرية التعبير.

ويذكر تقرير "سي إن بي سي" أن "غوغل" قامت أيضا بإعادة مجموعة من الحسابات المرتبطة بإدارة ترامب الحالية ومن بينها حسابات مرتبطة بـ"دان بونجينو" نائب مدير مكتب التحقيقات الفدرالي، وستيف بانون كبير الإستراتيجيين السابق لترامب، ووزير الصحة والخدمات الإنسانية روبرت ف. كينيدي جونيور.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار