في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في الوقت الذي أصبحت فيه الطائرات المسيّرة الرخيصة تهديدا خطيرا للسفن الحربية الباهظة الثمن، عمل باحثون عسكريون في الصين على تطوير نظام دفاعي قوي متعدد الطبقات، والهدف من هذا النظام هو حماية السفن والمواقع الإستراتيجية من هجمات أسراب الطائرات المسيّرة، وذلك من خلال دمج أسلحة مثل الليزر وأشعة الميكروويف والصواريخ فرط الصوتية للتصدي للهجمات واسعة النطاق.
يطلق الباحثون على هذا النظام اسم "سور الصين العظيم الرقمي"، لأنه يعتمد على الأقمار الصناعية وأجهزة استشعار مدعومة بالذكاء الاصطناعي، ما يجعله قادرا على رصد والتصدي لهجمات تضم آلاف الطائرات المسيّرة.
وقد حذّر الباحثون من أن أسرابا ضخمة من الطائرات المسيرة والتي يسهل إنتاجها بكميات هائلة، يمكن أن تلحق أضرارا كبيرة بالسفن الحربية المعقدة والمكلفة، لذلك اقترح البروفيسور غو تشوانفو من أكاديمية داليان البحرية مع فريقه إنشاء هذا النظام الدفاعي ضد أسراب المسيّرات، مؤكدين أنه سيكون له دور أساسي في حروب المستقبل.
ومن الجدير بالذكر أن هجوم يتكون من آلاف الطائرات المسيّرة يمكن أن يغمر أنظمة دفاع السفن الحربية التقليدية، حتى أن هذه الهجمات الواسعة يمكن أن تساعد في تدمير السفن الحربية الشبحية، وقد عرض البروفيسور تشوانفو وفريقه نظامهم الجديد في ورقة بحثية بعنوان "بناء أنظمة بحرية مضادة للأسراب، إطار عمل للحرب المستقبلية" نُشرت في مجلة " علمية محكّمة في أغسطس/آب الماضي.
والإجراءات الدفاعية التي اقترحوها تتماشى مع الأسلحة المضادة للطائرات المسيّرة التي ظهرت لأول مرة في العرض العسكري الكبير بتاريخ 3 سبتمبر/أيلول، مثل أسلحة الميكروويف عالية الطاقة وأسلحة الليزر المثبّتة على السفن من طراز "إل واي-1" (LY-1)، وصواريخ كروز فرط الصوتية "سي جي-1000" (CJ-1000) القادرة على إسقاط طائرة شحن محملة بالطائرات المسيرة من مسافة آلاف الكيلومترات.
ويخطط الباحثون لربط هذه الأنظمة باستخدام الذكاء الاصطناعي للحفاظ على التتبع المستمر للأهداف سريعة الحركة وذات البصمة المنخفضة.
طورت الصين أسلحة الميكروويف عالية الطاقة "إتش بي إم" (HPM)، وهي أسلحة لا تعتمد على القذائف أو الصواريخ التقليدية، بل على دفعات قوية من الطاقة الكهرومغناطيسية القادرة على تعطيل الدارات الإلكترونية وتعطيل الأجهزة الإلكترونية – وهو نهج يعرف باسم "القتل الناعم".
وتتنوع أشكال هذه المنظومات ومقاساتها، وأبرزها هو نظام "هوريكين 3000" (Hurricane 3000) وهو منصة ميكروويف توضع على هيكل متحرك قادرة على إحداث نبضات تصل إلى عشرات الآلاف من الفولتات، مع قدرة كشف تصل إلى عدة كيلومترات ونطاق حماية نصف كروي مخصص لصد هجوم أسراب الطائرات المسيرة.
ومن جانبه برز نظام "إف كي 4000" (FK4000) كسلاح عالي الطاقة قادر على توجيه دفعات من الأمواج الميكروية السريعة لاعتراض الطائرات الصغيرة على مسافات تصل إلى عدة كيلومترات.
وتستخدم أسلحة الميكروويف عالية الطاقة لأغراض عسكرية، إذ يمكن استخدامها كسلاح دفاعي ضد أسراب الطائرات المسيرة وأداة لحروب إلكترونية تستهدف شبكات الاتصالات والأقمار الصناعية، وحتى وسيلة هجومية غير القاتلة في ساحات النزاع المديني، وقد أُشير إلى حالات مزعومة من استخدام نبضات ميكروية لإزعاج قوات أو تسبب في أعراض جسدية غير قاتلة، وهي ادعاءات أثارت نقاشا أخلاقيا وقانونيا واسعا.
ورغم تطور هذه التقنية فإنها لا تخلو من التحديات، مثل الحاجة الهائلة للطاقة وفقدان الفعالية بفعل تشتت الموجات في الغلاف الجوي والطقس وصعوبات تقليص أحجام الأنظمة مع الحفاظ على قدرة عالية ومداها، علاوة على ذلك يبقى مدى جدوى هذه الأنظمة ضد أهداف مصفحة أو محمية إلكترونيا أمرا غير محسوم بعد.
كشفت الصين عن نظام جديد من أسلحة الطاقة الموجّهة يعرف باسم "إل واي – 1" (LY-1)، وهو سلاح ليزر الحالة الصلبة مصمم بشكل أساسي للتعامل مع التهديدات الجوية منخفضة الارتفاع مثل الطائرات المسيرة والطائرات الصغيرة والذخائر الانتحارية وحتى قذائف المدفعية أو قذائف الهاون.
والميزة الأبرز في هذا السلاح تكمن في السرعة والدقة، فالليزر سريع كالضوء، وإذا امتلك طاقة كافية يمكنه تعطيل الهدف أو تدميره في لحظة تقريبا، ويمكن تركيب سلاح "إل واي – 1" على مركبة عسكرية أو البارجات الحربية، ما يمنحه قدرة على الحركة والانتشار في مهام متنوعة، مثل حماية القوافل والدفاع عن البنية التحتية الحيوية ومنع الاقتراب في نطاقات قصيرة.
وتشير التقديرات إلى أن طاقته التشغيلية تقع في نطاق عشرات الكيلوواط، وهو مستوى يسمح باستهداف الطائرات المسيّرة الصغيرة وحتى بعض الأهداف الأكبر إذا كانت ثابتة أو بطيئة، ويعمل الليزر من خلال توجيه طاقة حرارية إلى أجزاء حساسة من الطائرة المسيرة، مثل أجهزة الاستشعار أو الإلكترونيات الداخلية، مما يؤدي إلى تعطيلها أو تدميرها.
ويأتي النظام بوسائل استشعار متقدمة تشمل الرادار والكاميرات الكهروضوئية وأجهزة التتبع بالأشعة تحت الحمراء، لتمكينه من رصد وتتبع الأهداف بدقة عالية، كما يتضمن خوارزميات ذكاء اصطناعي مما يقلل الحاجة لتدخل بشري مباشر.
وأحد أهم تحديات هذه التقنية هي التبريد، وذلك لتجنب ارتفاع الحرارة أثناء إطلاق متكرر، كما أن الليزر يعتمد على خط الرؤية المباشر، ما يقلل فعاليته في ظروف الطقس السيئ مثل المطر الكثيف أو الضباب أو العواصف الرملية.
يّكر أن الأداء الفعلي لهذا السلاح لم يُثبت بعد في بيئات قتالية حقيقية، إذ أن معظم العروض أُجريت في ظروف مثالية ضد أهداف بطيئة أو ثابتة.
كشفت الصين عن صاروخها الفرط صوتي الجديد "سي جي-1000″، والذي يُعد نقطة تحول إستراتيجية في سباق التسلح العالمي، حيث يتميز بمدى يصل إلى 6000 كيلومترا، فهو يعمل بمحرك "سكرامجت" (Scramjet) متطور يُمكّنه من الطيران بسرعة تتجاوز 6 ماخ (أسرع من الصوب بـ 6 مرات) – أي أكثر من 7 آلاف كيلومتر في الساعة، وهذه السرعة الهائلة تجعله من أصعب التحديات على أنظمة الدفاع الجوي التقليدية في رصده أو اعتراضه.
ولا يعد هذا الصاروخ فعالا للتصدي لهجوم الطائرات المسيرة بشكل مباشر، ولكن يمكن استخدامه في استهداف القواعد التي تنطلق منها هذه الطائرات أو مصانع هذه الطائرات أو حتى طائرات الشحن العملاقة المخصصة لنقل الطائرات المسيرة.
وظهور سي جي-1000″ لم يكن مجرد عرض تقني، بل رسالة سياسية واضحة مفادها أن الصين باتت تمتلك سلاحا قد يغيّر ميزان القوى، خاصة في منطقة آسيا-المحيط الهادئ، وهذا يثير قلق الولايات المتحدة وحلفائها الذين سيضطرون لتطوير أنظمة إنذار مبكر ودفاعات مضادة للأسلحة الفرط صوتية.
ورغم غياب الكثير من التفاصيل التقنية، فمن المعروف أن الصاروخ يعتمد على تصميم انسيابي متطور ونظام ملاحة دقيق، ويجمع بين السرعة والمناورة والدقة، ما يجعله كابوسا لأي خصم، بالإضافة إلى ذلك، يمتلك الصاروخ تأثيرا نفسيا، إذ يفرض على الدول الأخرى التفكير مليًا قبل الدخول في مواجهة مباشرة مع الصين، وهو ما يعزز موقع بكين سياسيا وعسكريا.