آخر الأخبار

علماء "يروضون" فيروس الهربس لمحاربة أحد أخطر أنواع السرطان

شارك

في تطور علمي مثير، يبرز فيروس الهربس البسيط من النوع الأول (HSV-1) المسبب لقرحات البرد كسلاح غير متوقع في المعركة ضد السرطان.

Gettyimages.ru

وبدلا من التركيز على علاج الأعراض المزعجة للفيروس، عمل فريق من الباحثين في جامعة جنوب كاليفورنيا على إعادة هندسته وراثيا لتحويله من عدو إلى حليف في المعركة ضد أحد أخطر أنواع الأورام: الميلانوما المتقدمة المقاومة للعلاج.

وتقود جامعة جنوب كاليفورنيا هذا التحول الثوري عبر تطوير علاج تجريبي يحمل الاسم الرمزي RP1، وهو نسخة معدلة وراثيا من فيروس الهربس تم تصميمه خصيصا لمهاجمة الخلايا السرطانية. وما يجعل هذا العلاج فريدا هو آلية عمله المزدوجة: فهو لا يكتفي بغزو الخلايا السرطانية وتدميرها من الداخل فحسب، بل يعمل أيضا على تنشيط الجهاز المناعي للمريض ليكتشف الأورام ويقضي عليها بشكل أكثر فعالية.

وتشير النتائج الأولية إلى أن هذا النهج الجديد يحقق نتائج مبهرة. ففي تجربة سريرية شملت 140 مريضا يعانون من حالات متقدمة من الميلانوما لم تستجب للعلاجات التقليدية، لاحظ الباحثون أن نحو ثلث المشاركين شهدوا انكماشا واضحا في الأورام بنسبة 30% على الأقل، بينما اختفت الأورام تماما لدى 16% من المرضى.

والأكثر إثارة هو أن هذه الاستجابة شملت حتى الأورام التي لم يتم حقنها مباشرة بالعلاج، ما يشير إلى قدرته على تحفيز استجابة مناعية شاملة في الجسم.

ويقف وراء هذا الإنجاز العلمي سنوات من البحث الدؤوب. ففكرة استخدام الفيروسات لمحاربة السرطان ليست جديدة، إذ يعود أول ذكر لها إلى أوائل القرن العشرين. لكن التقدم الحقيقي لم يتحقق إلا مؤخرا بفضل الثورة في تقنيات الهندسة الوراثية التي سمحت للعلماء بتعديل الفيروسات بدقة لتصبح أكثر أمانا وفعالية.

وتم اختيار فيروس الهربس تحديدا لعدة أسباب تجعله المرشح المثالي لهذا الدور. فهو كبير الحجم نسبيا ما يسهل تعديله وراثيا، ولا يندمج حمضه النووي مع خلايا الجسم المضيف ما يقلل خطر التسبب بطفرة جينية، كما أن العدوى به عادة ما تكون غير خطيرة ويمكن السيطرة عليها بالأدوية المضادة للفيروسات إذا لزم الأمر.

ويمثل هذا العلاج الجديد الذي طورته شركة ريبلمايون للتكنولوجيا الحيوية، الجيل الثاني من العلاجات الفيروسية للسرطان. فهو ليس مجرد نسخة مخففة من الفيروس الأصلي، بل خضع لسلسلة من التعديلات الجينية الدقيقة التي تزيد من قدرته على استهداف الخلايا السرطانية تحديدا، مع تنشيط الجهاز المناعي في نفس الوقت. وهذه التعديلات تجعله أكثر أمانا وأكثر فاعلية من الفيروس الطبيعي بأضعاف مضاعفة.

أما عن آلية العمل، فإن العلاج يعطى للمريض عبر حقنه مباشرة في الأورام السطحية، بينما يمكن حقنه في الأورام العميقة باستخدام التصوير الإرشادي.

ويتلقى المرضى العلاج كل أسبوعين لمدة أربعة أشهر بالاشتراك مع عقار "نيفولوماب" المناعي. وأةلئك المرضى الذين يستجيبون للعلاج يستمرون في تناول "نيفولوماب" وحده لمدة تصل إلى عامين.

وما يبعث على التفاؤل هو أن الآثار الجانبية للعلاج كانت في الغالب خفيفة، تقتصر على أعراض تشبه الإنفلونزا أو تعب عام، وهي آثار يمكن التحكم فيها بسهولة مقارنة بالعلاجات الكيماوية التقليدية.

ويؤكد الدكتور جينو إن، الأستاذ بكلية كيك للطب في جامعة جنوب كاليفورنيا، أن هذا العلاج يمثل أملا جديدا للمرضى الذين استنفذوا جميع الخيارات العلاجية المتاحة. فحوالي نصف مرضى الميلانوما المتقدمة لا يستجيبون للعلاجات المناعية الحالية، ومتوسط بقائهم على قيد الحياة لا يتجاوز بضع سنوات في الحالات المقاومة للعلاج.

ولا تقتصر آمال الباحثين على علاج الميلانوما فحسب، بل يتم حاليا اختبار العلاج على أنواع أخرى من السرطانات، حيث أطلق الدكتور إن وفريقه تجربة سريرية من المرحلة الثالثة لدراسة تأثير هذا العلاج على أكثر من 400 مريض بالسرطان.

وإذا أثبتت التجارب السريرية الجارية نجاحها، فقد نكون على أعتاب عصر جديد في علاج الأورام، حيث تتحول بعض أكثر الفيروسات إزعاجا للإنسان إلى أقوى حلفائه في معركته ضد المرض.

نشرت نتائج التجربة يوم الثلاثاء في مجلة Journal of Clinical Oncology، كما عرضت مؤخرا في الاجتماع السنوي للجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري.

المصدر: نيويورك بوست

شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار