آخر الأخبار

الهروب إلى الأمام .. هل أوقعت الإمارات ، السعودية في "مستنقع" جديد جنوب اليمن ؟

شارك

تطورات دراماتيكية في المشهد شرق اليمن شهدها أمس الثلاثاء، بعد تصاعد صراع السيطرة على هذه المحافظات بين الرياض وأبوظبي، وبروزه للعلن، حيث بدأ ذلك التصاعد في ساعة مبكرة من فجر الثلاثاء باستهداف الطيران السعودي تعزيزات عسكرية إماراتية في ميناء المكلا، وأعقب ذلك خروج العليمي ببيان أعلن فيه إنهاء الشراكة مع الإمارات وطالبها فيه بمغادرة الأراضي اليمنية خلال 24 ساعة، غير أن الخارجية السعودية في فتئت أن أصدرت بيانا تتهم فيه الإمارات باستهداف أمنها القومي في حدودها الجنوبية بالضغط على الانتقالي للقيام بأعمال عسكرية تمثل تهديدا لأمن المملكة، كما هددت بأنها ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لموجهة أي تحرك يستهدف أمنها.

وأعلنت وزارة الدفاع الإماراتية سحب آخر قواتها، والتي قالت إنها فرق مختصة بمكافحة الإرهاب من اليمن. وبالرغم من الصياغة الدبلوماسية للبيان التي تتحدث عن "إكمال المهام"، إلا أن التوقيت والسياق يشيران إلى مناورة "براغماتية" تهدف إلى رفع يد أبوظبي عن أي مسؤولية قانونية أو عسكرية مباشرة، في وقت تترك فيه حليفتها الكبرى، المملكة العربية السعودية، وحيدة في مواجهة "مستنقع" معقد من الوكلاء المحليين والانهيارات السياسية.

ويرى مراقبون أن الإعلان الإماراتي ليس انسحاباً بالمعنى العسكري بقدر ما هو "إعادة تموضع" للعمل من الظل، فخلال السنوات العشر الماضية، نجحت الإمارات في بناء منظومة عسكرية خارج نطاق السلطة الموالية للتحالف، تتمثل في "المجلس الانتقالي الجنوبي" وقوات "طارق صالح". وبإعلان انسحابها الرسمي اليوم، تمنح أبوظبي نفسها هامشاً أوسع للحركة؛ فهي من جهة تتنصل من ضغوط الرياض والمجتمع الدولي، ومن جهة أخرى تترك "أذرعها" المحلية تفرض سيطرة الأمر الواقع على الأرض في حضرموت والمهرة والمنافذ الاستراتيجية.

هذا التكتيك، الذي يذكرنا بالنموذج الإماراتي في السودان، يسعى إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية (السيطرة على الموانئ والممرات الملاحية) دون تحمل كلفة الوجود أو تبعات الفشل السياسي لـ"مجلس القيادة الرئاسي" الذي بات يوصف بأنه "جثة هامدة".

السعودية في مواجهة "المستنقع"

يضع هذا الانسحاب الرياض في مأزق أمني وجيوسياسي غير مسبوق، فالمملكة، التي استنزفت مليارات الدولارات الصراع باليمن، منذ مارس 2015، تجد نفسها الآن أمام مواجهة مفتوحة بين "أدواتها" المحلية (قوات درع الوطن وحلف قبائل حضرموت) وبين "وكلاء الإمارات" الذين يرفضون الانصياع لسلطة الرياض.

وتتكشف سياسة "إغراق السعودية" التي ينتهجها الجانب الإماراتي في ترك الفوضى تتمدد في المحافظات الشرقية (حضرموت والمهرة)، وهي مناطق تعتبرها السعودية ضمن حصتها في السيطرة على محافظات جنوب وشرق اليمن، وتصرح بأنها تعتبر "خطاً أحمر" للأمن القومي السعودي، ففي حال انزلقت الأوضاع إلى مواجهة مسلحة مفتوحة، قد تضطر السعودية للتدخل المباشر في هذه المواجهة، مما يعني استنزافاً طويلاً للأمد في معركة ضد "حلفاء الأمس القريب".

وفقاً للمعطيات، فإن السيناريوهات المحتملة خلال المرحلة المقبلة قد تتضمن حربا مفتوحة بين الوكلاء المحليين لكل من الرياض وأبوظبي، يتحول معها الجنوب اليمني إلى ساحة تصفية حسابات بين التشكيلات المدعومة من أبوظبي وتلك الموالية للرياض، يسعى خلاله الوكلاء للسيطرة على منابع النفط والموانئ، فيما يواصل الوضع الإنساني حالة التدهور، وتتسع دائرة الانتهاكات والتصفيات في هذه المحافظات، كما تتمدد التنظيمات الإرهابية التي سيتسابق طرفا الصراع على استخدامها وتوظيفها، الأمر الذي يجعل السعودية هي التي تتحمل كل تلك التبعات.

ويؤكد المحللون أنه إذا ما تحقق هذا السيناريو فإن الإمارات تكون قد قرأت المشهد مبكراً وقررت القفز من السفينة قبل غرقها، محملة الرياض فاتورة "الترميم" الثقيلة، وبهذا ستجد السعودية نفسها عالقة في مأزق خطير، حيث النفوذ الإماراتي يدير المشهد من الخلف، بينما تدفع المملكة الثمن من أمنها القومي واستقرارها الإقليمي.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا