آخر الأخبار

"حصان طروادة" الإماراتي.. كيف خدمت أبوظبي مخطط اسرائيل للتمدد في القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر  

شارك

الوكيل الوظيفي للمشروع الصهيوني
مع صدور قرار الاعتراف من تل أبيب، انفضحت بشكل غير مسبوق ملامح الانخراط الإماراتي العميق والممنهج في المشروع الصهيوني الرامي لتحقيق هيمنة إسرائيلية كاملة على أهم الممرات الملاحية في المنطقة، ونحن نتحدث هنا عن "مربع القوة" المتمثل في البحر الأحمر، البحر العربي، مضيق باب المندب، وخليج عدن.

هذا المشروع، الذي ظلت إسرائيل عاجزة عن المضي فيه أو حتى المكاشفة به لعقود من الزمن نتيجة الرفض الإقليمي الشامل وانعدام ثقة دول المنطقة في التحركات والأطماع الإسرائيلية، وجد ضالته في نظام أبوظبي، حيث قدمت الإمارات نفسها كجسر عبور أمني وسياسي، مستغلة إمكانياتها المالية وعلاقاتها المشبوهة لتنفيذ ما لم تكن تل أبيب تجرؤ على الحلم به، وهو الحصول على موطئ قدم رسمي وعسكري على الضفة الأفريقية المقابلة لليمن.

"الوكلاء المحليون".. التفتيت لتمكين المحتل

خلال العقد الماضي، لم تكن التحركات الإماراتية في المنطقة عشوائية، بل كانت تسير وفق استراتيجية "عسكرة الجغرافيا" عبر الوكلاء، فلم يقتصر الأمر على بناء القواعد العسكرية المباشرة، بل اعتمدت أبوظبي سياسة خلق وتمويل "كيانات مليشاوية انفصالية" تقوم بأدوار وظيفية تدميرية تهدف إلى إضعاف الدول المركزية وتهيئة الأرضية للنفوذ الصهيوني.

وتبرز ملامح هذا المخطط من خلال هؤلاء الوكلاء الذين يتشاركون في التمويل الإماراتي والهدف التفتيتي، ففي اليمن: عبر دعم "المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يسيطر على عدن وعدد من المحافظات الجنوبية للبلاد بالإضافة إلى جزر أرخبيل سقطرى، وقوات "طارق صالح" المرابطة في الساحل الغربي، حيث سعت الإمارات بواسطة هؤلاء الوكلاء للسيطرة على الضفة الشرقية لمضيق باب المندب، وتحويل الجزر اليمنية الاستراتيجية (مثل ميون وسقطرى وعبد الكوري) إلى نقاط رصد واستخبارات تخدم الأجندة المشتركة مع الكيان الصهيوني.
وفي الصومال، مثلت إدارة "أرض الصومال" في هرجيسا الحليف الأبرز لأبوظبي، حيث تم تسليم ميناء بربرة لشركة "موانئ دبي"، وهو الميناء الذي يُنظر إليه اليوم كقاعدة انطلاق مستقبلية للبحرية الإسرائيلية تحت غطاء الاستثمار الإماراتي، أما في السودان، فقد جاء دعم "قوات الدعم السريع" بقيادة حميدتي كجزء من محاولة السيطرة على الساحل السوداني الطويل على البحر الأحمر، لضمان عدم وجود أي سلطة وطنية قوية تعيق طموحات الهيمنة الصهيو-إماراتية.
ومن خلال استقرائهم للواقع الجيوسياسي والعسكري الذي نتج عن إنشاء هذه الكيانات الموالية لأبوظبي، يؤكد المحللون أن هذه الكيانات الانفصالية ليست إلا أدوات لتنفيذ مشروع "تمكين" صهيوني، يهدف إلى عزل القوى الوطنية المقاومة للهيمنة، وفتح الأبواب الموصدة أمام الوجود الاستخباري والعسكري الإسرائيلي.

تحقق التحذيرات من الأدوار المشبوهة
إن المتابع لتحركات النظام الإماراتي يدرك تماماً أنها تفوق بكثير ثقله الديموغرافي وقدرته العسكرية الذاتية. إن إقامة القواعد العسكرية في مواقع استراتيجية مثل "عصب" في إريتريا (سابقاً) و"بربرة" في أرض الصومال و"ميون" في اليمن، ليست مجرد رغبة في التوسع الإقليمي، بل هي تنفيذ لأجندة قوى الهيمنة العالمية.
ويشير المحللون إلى أن الاعتراف الإسرائيلي الأخير بما يسمى "أرض الصومال" جاء ليؤكد الحقائق التي كانت صنعاء وكثير من القوى والشخصيات القومية تحذر منها، والتي ظلت تؤكد أن الإمارات هي "الواجهة" التي تخفي خلفها الأطماع الصهيونية والأمريكية، وإن كل رصاصة أُطلقت لتفتيت وحدة الصومال، وكل درهم أُنفق لتسليح المليشيات الانفصالية في جنوب اليمن، كانت تصب في نهاية المطاف في مصلحة الأطماع الإسرائيلية في مياهنا العربية.

التداعيات على أمن المنطقة
وبناءً على هذه المعطيات، ينتقل البحر الأحمر من كونه ممرًا تجاريًا عالميًا إلى "ساحة اشتباك مفتوحة"، حيث أن أي وجود إسرائيلي في أي من المواقع التي تسيطر عليها الإمارات عبر مصالحها والكيانات الموالية لها، سواء في الصومال أو السودان أو اليمن أو غيرها، يمثل تهديدا حقيقيا ومباشرا لأمن وسيادة الدول المطلة على البحرين الأحمر والعربي وباب المندب وخليج عدن، في إطار مخطط تحويل خليج عدن وباب المندب إلى مناطق نفوذ صهيو-إماراتي، مما يسحب البساط أيضا من تحت أقدام القوى التقليدية مثل مصر والسعودية، ويضع أمن قناة السويس في قبضة الابتزاز الإسرائيلي.

وليس خافيا أن من بين أهداف التمدد الإسرائيلي في القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر، بات ينطوي على محاولة للالتفاف على الحصار البحري الذي تفرضه القوات المسلحة في صنعاء على السفن الإسرائيلية، من خلال إيجاد مسارات بديلة وقواعد حماية قريبة.

وفي المقابل، تقف صنعاء اليوم في خندق المواجهة الأول، معتبرة أن هذا التمدد الصهيوني عبر البوابة الإماراتية هو تهديد وجودي لا يمكن السكوت عنه، حيث أن الموقف الذي تتبناه صنعاء برفض مشاريع الهيمنة لم يعد مجرد خطاب سياسي، بل بات مرشحا للتحول إلى استراتيجية دفاعية تجعل من أي قاعدة عسكرية أو وجود صهيوني (سواء كان مباشراً أو عبر الوكيل الإماراتي) في القرن الأفريقي هدفاً مشروعاً لضرباتها.

المعركة القادمة
وجاء اعتراف الكيان الصهيوني بـ "أرض الصومال" في هذا التوقيت ليؤكد الدور الإماراتي الداعم لمخططات الهيمنة الإسرائيلية الأمريكية في المنطقة، كما كشف أن المنطقة أمام "تحالف عضوي" يهدف إلى إعادة استعمارها بمسميات جديدة، حيث يؤكد المحللون أن المعركة القادمة في البحر الأحمر لن تكون معركة بين دول وجماعات فحسب، بل هي معركة استعادة وتأمين الممرات الملاحية لتكون السيادة عليها فقط للدول المالكة والمطلة على هذه الممرات
ويضف المحللون أن كل المؤشرات تؤكد أن مشروع "التمكين للصهيونية" الذي تديره الإمارات هو الخطر الأكبر الذي يهدد استقرار القارة الأفريقية والجزيرة العربية على حد سواء، مما يستدعي يقظة شاملة وتحالفاً عريضاً من كافة القوى الحية في المنطقة لوأد هذا المخطط في مهده.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا