آخر الأخبار

من أبوظبي إلى واشنطن.. الانتقالي يحاول تغيير الراعي ويحتفظ بالوظيفة

شارك

المجلس الانتقالي، الذي يزعم تمثيل الجنوب والدفاع عن قضيته، يتحدث اليوم بلسان السمسار لا بلسان الوطني، عارضاً النفط والزراعة والثروة السمكية والسياحة على الشركات الأمريكية وكأنها ممتلكات خاصة أو غنائم حرب. هذه الثروات ليست ملكاً للمجلس ولا لقياداته ولا للدول التي ترعاه، بل هي ملك لكل اليمنيين، وأي جهة تساوم بها مقابل دعم خارجي إنما تضع نفسها صراحة في خانة التفريط والخيانة، مهما حاولت تغليف ذلك بشعارات التنمية والاستثمار.

الأخطر من ذلك أن المجلس لا يخفي معادلته القذرة: افتحوا لنا أبواب واشنطن وسنفتح لكم أرضنا وبحرنا وثرواتنا. هذا ليس تعاوناً ولا شراكة، بل ارتهان كامل للإرادة الأجنبية وتحويل جنوب اليمن إلى قاعدة نفوذ اقتصادي وعسكري تخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، على حساب دماء اليمنيين وحقهم في تقرير مصيرهم بعيداً عن الوصاية.

وحين يعلن ممثل الانتقالي أن الحل السياسي مع صنعاء مستحيل، فهو لا يعبر عن موقف مبدئي بقدر ما يؤكد أن المجلس كيان وظيفي لا يعيش إلا في بيئة الحرب والفوضى. السلام لا يخدم مشروعه، والدولة لا تخدم بقاءه، والاستقرار لا يضمن له النفوذ. لذلك يدعو إلى الحرب، ويغذي الصراع، ويقدّم نفسه كأداة جاهزة للاستخدام في أي مواجهة تريدها واشنطن أو حلفاؤها الإقليميون.

خطاب "مواجهة الحوثيين" الذي يرفعه المجلس ليس إلا غطاءً رخيصاً لتبرير استدعاء التدخل الأجنبي. فالمجلس لا يملك مشروعاً وطنياً لمواجهة خصومه، بل يملك فقط خطاباً أيديولوجياً استهلاكياً موجهاً للخارج: نحن نقاتل من تكرهون، فادعمونا واحمونا ومكّنونا. وهكذا يتحول الصراع إلى سلعة سياسية تُسوّق في الإعلام الأمريكي.

أما الادعاء بأن المجلس جزء من "الإطار الحاكم" ولا يتعارض مع حكومة الشرعية، فهو محاولة تجميل لواقع فاضح. فالمجلس كان ولا يزال أحد أهم أدوات تقويض الشرعية، ووجوده لم يكن يوماً دعماً للوحدة ولا للمؤسسات، بل كان دائماً معول هدم وصراع داخلي يخدم القوى الخارجية فقط.

إن المجلس الانتقالي لم ينشأ لحماية الجنوب ولا لإنصاف قضيته، بل أنشئ لضمان نفوذ الإمارات، واليوم يعرض نفسه على الولايات المتحدة بالطريقة نفسها، مع اختلاف الراعي فقط. من أبوظبي إلى واشنطن، الثابت الوحيد هو أن هذا الكيان لا يرى في اليمن سوى أرض قابلة للتجزئة، وثروة قابلة للبيع، وشعب يمكن التضحية به مقابل اعتراف خارجي ودعم عسكري.

في النهاية، قد يحصل المجلس على صورة مع مسؤول أمريكي أو تصريح دعم عابر، لكنه في المقابل يراكم سجلاً ثقيلاً من الارتهان والتفريط لن يغفره له التاريخ، ولن يمحوه أي خطاب عن "القضية الجنوبية" أو "مكافحة الإرهاب"، لأن الشعوب لا تنسى من باع أرضها وثروتها للغريب.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا