آخر الأخبار

من الوازعية إلى المقاطرة .. أبعاد ودوافع التحركات العسكرية وعلاقتها بأجندة الإمارات

شارك

وفي تطور لافت على الساحة اليمنية، شهدت مناطق الوازعية والمقاطرة تحركات عسكرية متزامنة ومكثفة، فبينما تقود قوات طارق صالح حملات لتثبيت النفوذ في الوازعية (جنوب تعز) والمحاذاة الساحلية للمخا، تواصل مجاميع من قوات العمالقة بقيادة حمدي شكري الصبيحي حملتها الأمنية في المقاطرة والصبيحة (شمال لحج).

هذا التزامن يشير إلى ما هو أبعد من اللافتة المعلنة والتي تحاول تصوير ما يجري بأنه مجرد استجابة أمنية لحوادث التقطع وتأمين تلك المناطق، وذلك أن طبيعة وحجم هذه التحركات العسكرية، تؤكد أن ما يحدث هو جزء لا يتجزأ من أجندة إماراتية ممنهجة تستهدف السيطرة والتحكم الكامل في الشريط الساحلي اليمني الممتد من المخا إلى عدن، بما في ذلك المرتفعات القريبة المطلة على مضيق باب المندب، لضمان النفوذ الدائم على أهم ممر ملاحي دولي، وتأمين التواجد العسكري الإماراتي في مناطق السواحل والجزر اليمنية.

ومن خلال قراءة تحليلية لدوافع الإمارات لتحريك وكلائها المحليين للسيطرة على مناطق مثل الوازعية، والمقاطرة، والصبيحة، تتكشف حقيقة الأهداف الخفية لهذا التحرك الذي يتضمن أهدافا جيوسياسية، يأتي في مقدمتها التحكم بباب المندب الذي يمثل ركيزة التجارة والأمن البحري العالمي، حيث تسعى الإمارات، من خلال وكلائها المحليين، إلى إنشاء طوق أمني بري وبحري حول المضيق، من خلال السيطرة على السواحل والمرتفعات المجاورة، بما يضمن لها موقعاً مهيمناً على ممرات الملاحة، وفقا لأطماعها التجارية والعسكرية في البحر الأحمر.

وفي ضوء تلك التحركات، يبدو جليا أن الإمارات تسعى لإنشاء "حزام ساحلي" يهدف إلى منع وتقويض أي نفوذ لأطراف منافسة (كالحكومة المعترف بها أو فصائل أخرى كحزب الإصلاح) من هذا الشريط، واحتكار السيطرة عليه عبر قوات موالية بشكل مطلق لأبوظبي، ومن شأن هذا "الحزام الساحلي" أن يؤمن امتداداً جغرافياً استراتيجيا، يؤمن تواجدها العسكري في المنطقة الساحلية الممتدة من المخا إلى عدن، بما في ذلك حماية مواقعها العسكرية وقواعدها على الجزر والموانئ اليمنية التي سعت للاستثمار فيها أو السيطرة عليها بشكل مباشر أو غير مباشر.

وتعمل قوات طارق صالح وقوات العمالقة ضمن استراتيجية توزيع الأدوار لضمان تطويق المنطقة بشكل كامل، ففيما تتركز جهود قوات طارق صالح في السيطرة على المخا والمناطق المحاذية لجنوب تعز، مثل الوازعية، وهو الدور الذي يضمن السيطرة على المنفذ الشمالي الغربي للساحل ويضع حاجزاً بين مناطق نفوذ خصوم الإمارات في تعز والساحل الحيوي، تعمل قوات العمالقة في مناطق الصبيحة ورأس العارة والقبيطة على تحصين العمق الاستراتيجي لتواجد الإمارات في محافظتي لحج عدن، حيث أن السيطرة على هذه المرتفعات القريبة تعني تأمين الطرق الرئيسية إلى المحافظتين، وحماية الخاصرة الغربية الجنوبية من أي اختراق، وهذا التكامل في العمليات يضمن حصاراً فعّالاً لمنطقة باب المندب، وتحقيق السيطرة المزدوجة على طرق الإمداد والتحرك البرية والبحرية.

وكذريعة شرعية ومقبولة شعبياً لتنفيذ عملية توطين عسكري دائمة في المناطق المستهدفة في كل من الوازعية والمقاطرة والصبيحة، عمدت هذه القوات الموالية للإمارات على استخدام الغطاء الأمني المتمثل في محاربة "التقطع وتثبيت الأمن"، وفي حين أن إحلال الأمن هو حاجة ملحة للسكان، فإن النتيجة النهائية لهذه الحملات تتمثل في تحويل التمركز العسكري المؤقت إلى سيطرة إدارية وسياسية دائمة لصالح القوات المدعومة إماراتياً، وتقويض أو إزاحة نفوذ القوى الأخرى، وخاصة تلك الموالية للشرعية (الإصلاح على وجه الخصوص)، من المنطقة الساحلية الحساسة.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا