آخر الأخبار

لماذا أظهر نتنياهو هذا القدر من القلق تجاه قوات صنعاء ؟

شارك

أن يقول نتنياهو إن "الحوثيين يشكلون تهديداً جديداً" وإنهم "يطوّرون صواريخهم باستقلالية"، ليس تعبيراً عن موقف سياسي، بل عن خوف حقيقي بدأ يتغلغل داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، التي تجد نفسها اليوم عاجزة عن التعامل مع خصم بعيد جغرافياً لكنه قادر على خنق إيلات وشلّ خطوط الملاحة الدولية أمام السفن المتجهة إلى إسرائيل، بل ووقف الملاحة الجوية باستهدافه الدائم لمطارات إسرائيلية استراتيجية.

حين يصرّح نتنياهو بأن إسرائيل "لن تسمح ببقاء هذا التهديد"، فهو يدرك قبل غيره أن هذا التهديد ليس مؤقتاً ولا سطحياً؛ فما حدث خلال العامين الماضيين لم يكن مناوشات عابرة، بل تغيير جذري في قواعد اللعبة على البحر الأحمر، وبالتالي فإن المخاوف التي عبّر عنها نتنياهو ليست مجرد مواقف سياسية ظرفية، بل تعكس قراءة استراتيجية أكثر عمقاً للمتغيرات التي يشهدها الإقليم. فقد استطاعت قوة يمنية تحكمها ظروف اقتصادية صعبة، أن تتحول إلى عنصر مؤثر في أمن البحر الأحمر وفي الحسابات العسكرية الإسرائيلية، كون هذه القوة اليمنية تتمتع بقرار مستقل وقدرات متنامية.

هذه ليست إزعاجات يمكن احتواؤها، بل ضربة استراتيجية تهزّ مكانة إسرائيل التجارية والعسكرية معاً، فلطالما اعتقدت إسرائيل أنها قادرة على احتواء كل من يرفع ضدها شعاراً أو موقفاً، سواء عبر الدبلوماسية أو الردع العسكري.

لكن ما يقلق تل أبيب اليوم ليس الصواريخ فقط، بل البيئة الشعبية والسياسية التي تقف خلفها. فاليمنيون الذين يعلنون موقفهم من فلسطين بلا مواربة، يفعلون ذلك انطلاقاً من قناعة راسخة لا تتزحزح مهما كانت كلفة الحرب عليهم.

وفي وقت تراهن إسرائيل عادة على تغيّر المزاج الشعبي لدى خصومها تحت ضغط الأزمات، تجد نفسها اليوم أمام شعب لم يتراجع رغم الحرب والحصار والأزمات، بل ازداد قناعة بأن موقفه الأخلاقي والإنساني والديني جزء من هويته السياسية والاجتماعية أمام ما يرى أنه ظلم تاريخي يقع على الشعب الفلسطيني.

وهذا الثبات الشعبي يدل على ترسّخ القناعة بعدالة الموقف تجاه فلسطين، وإدراك يرى في الصراع مع إسرائيل امتداداً لمعركة سياسية وأخلاقية أوسع في المنطقة، وبالتالي استعداد جماعي لتحمل التضحيات رغم الظروف الصعبة.

بالنظر إلى هذه المعطيات، يبدو أن إسرائيل تدخل مرحلة قلق استراتيجي طويل المدى، وأن التصعيد في البحر الأحمر لم يكن سوى بداية فصل جديد، قد يكون أشد حساسية مما واجهته تل أبيب في العقود الماضية.

وبين تصاعد القلق في تل أبيب وثبات الموقف في صنعاء، يبدو أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة قد تعيد تشكيل التوازنات الإقليمية، في ظل استمرار ارتباط الساحة اليمنية بالقضية الفلسطينية وبالصراع الأوسع في الشرق الأوسط.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا