آخر الأخبار

 لماذا يصعب هزيمة الحوثيين ؟ باحثة بريطانية تفكك أسرار القوة

شارك

ترى كيندال أن أحد أهم عناصر قوة الحوثيين هو تجذرهم في البيئة الاجتماعية اليمنية، ولا سيما في المناطق الشمالية التي تنحدر منها الحركة تاريخياً. هذا الامتداد المحلي يمنحهم قاعدة اجتماعية يصعب زحزحتها، ويجعلهم جزءاً من النسيج القبلي والديني، لا مجرد فصيل وافد أو مؤقت.

تؤكد كيندال أن الحوثيين اكتسبوا خلال سنوات المواجهة الطويلة خبرة كبيرة جعلتهم أكثر صلابة وقدرة على التكيف. فقد مرّوا بمحطات صراع عديدة منذ مطلع الألفية، مما خلق لديهم مرونة تنظيمية تسمح لهم بإعادة التموضع بسرعة، والاستمرار في القتال رغم الضغوط.

تبرز الباحثة أن الحوثيين يتمتعون بهيكل تنظيمي منسجم يختلف عن كثير من الفصائل اليمنية المنقسمة. هذا الانضباط يساعدهم على تنفيذ خطط موحدة ويقلّل من الانشقاقات، كما يمنح قيادتهم مركزية فعالة تساهم في الثبات السياسي والعسكري.

على الرغم من التحديات، تشير كيندال إلى أن الحوثيين أثبتوا قدرة لافتة على إدارة المناطق التي يسيطرون عليها وتوفير قدر من الخدمات والنظام، وهو ما يخلق شعوراً باستقرار نسبي داخل هذه المناطق. هذه القدرة الإدارية تُعد عنصراً مهماً في ترسيخ شرعيتهم لدى جزء من السكان.

توضح كيندال أن الحوثيين استفادوا من مواقعهم الجغرافية الحيوية، خصوصاً قرب البحر الأحمر، ما مكّنهم من تحويل الجغرافيا إلى ورقة نفوذ. التحكم في مناطق حساسة يمنحهم قدرة على التأثير في ممرات التجارة الدولية، وبالتالي على السياسات الإقليمية والدولية، وهو ما يعزز مكانتهم كلاعب لا يمكن تجاوزه.

وتضيف كيندال بُعداً ثقافياً مهماً لفهم قوة الحوثيين، حيث تؤكد أنهم بارعون في الدعاية ويُنتجون مواد إعلامية "متقنة وذات تناغم ثقافي عالٍ". وتشير إلى أن من بين أبرز أدواتهم الشعر العربي، الذي تصفه بأنه "آسر للقلوب وقوي للغاية"، وله حضور واسع في إنتاجهم الدعائي. وترى أن هذا الاستخدام الذكي للتراث الثقافي اليمني يمكّنهم من كسب القلوب والعقول بفاعلية أكبر من أي خطاب سياسي مباشر. وتنتقد كيندال التركيز الدولي المفرط على الأهداف العسكرية– مثل إسكات منصات الصواريخ أو ضرب البنى التحتية– مقابل تجاهل الأدوات الثقافية التي تسهم في إعادة إنتاج الصراع على المدى الطويل. فالشعر ليس مجرد فن، بل وسيلة لصياغة الرواية، وترسيخ الهوية، واستدامة مشاعر الانتماء أو المظلومية، ما يجعل تأثيره عميقاً وصعب المواجهة بالوسائل التقليدية.

تكشف قراءة كيندال أن قوة الحوثيين لا يمكن اختزالها في السلاح أو الدعم الخارجي؛ بل هي مزيج من جذور اجتماعية عميقة، وانضباط تنظيمي، وقدرة على الحكم، وذكاء في توظيف الجغرافيا، إضافة إلى مهارة ثقافية في إنتاج خطاب دعائي مؤثر يتناغم مع الوجدان اليمني. هذه العناصر مجتمعة تفسّر استمرار الحركة كفاعل رئيسي في المشهد اليمني، وتوضح أن مواجهتها تتطلب فهماً أعمق لأدواتها غير العسكرية قبل أدواتها العسكرية.



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا