يرى التقرير أن "أرض الصومال" تمثل فرصة نادرة لإسرائيل للاقتراب من مسرح العمليات في اليمن، نظراً لقربها الجغرافي من مناطق سيطرة حكومة صنعاء في الساحل الغربي، وتحديداً ميناء الحديدة، على مسافة 300 إلى 500 كيلومتر فقط.
وبحسب التقرير، يمكن لأرض الصومال أن تتحول إلى قاعدة للمراقبة الاستخباراتية ضد الحوثيين، ومحطة لوجستية لحكومة الشرعية الموالية للتحالف، ومنصة لعمليات هجومية مباشرة، بما في ذلك ضربات بطائرات مسيّرة أو تعطيل تحركات بحرية.
هذا النموذج هو نفسه الذي طورت إسرائيل من خلاله علاقتها مع أذربيجان لمواجهة إيران: قاعدة متقدمة قريبة من الخصم، مع حكومة محلية تبحث عن مكاسب سياسية مقابل توفير الأرض والغطاء.
على الرغم من أن التقرير لا يعطي الإمارات دوراً مركزياً مباشراً، إلا أنه يشير بوضوح إلى أن علاقة أرض الصومال بأبوظبي هي أحد المفاتيح الرئيسية لفتح أبواب هذا الكيان أمام إسرائيل.
الإمارات، التي تدير ميناء بربرة عبر شركة موانئ دبي العالمية، بنت على مدى سنوات شبكة نفوذ عميقة داخل أرض الصومال تشمل: استثمارات في الموانئ والبنى اللوجستية، تعاوناً أمنياً مع قيادات الإقليم، دعم مشاريع سياسية مقابل تسهيلات عسكرية.
ومن هنا، فإن إسرائيل تستفيد عملياً من النفوذ الإماراتي لتثبيت موطئ قدم جيوسياسي قرب باب المندب، لم تكن قادرة على بنائه بمفردها.
وتل أبيب تدرك أن أي وجود أمني أو اقتصادي لها في أرض الصومال سيكون تمريره أسهل عبر بوابة الإمارات التي أصلاً ترعى مشاريع بنى تحتية وعسكرية هناك، وتملك قدرة على "تطبيع" هذا الحضور محلياً.
لا يتوقف التعاون الإماراتي – الإسرائيلي عند حدود القرن الأفريقي، بل يمتد إلى جنوب اليمن وشرقه، حيث تدير أبوظبي فصائل متعددة المسميات يديرها المجلس الانتقالي، ومنها: قوات النخبة، وحدات الأحزمة الأمنية)، وكلها تعمل ضمن منظومة مصالح تتقاطع مع الأهداف الإسرائيلية في البحر الأحمر وباب المندب.
ويظهر هذا التخادم في عدة مسارات، منها السيطرة على الموانئ والسواحل، مثل: عدن، المخا، بلحاف، سقطرى، والتي تشكّل عقداً استراتيجية لنفوذ بحري مشترك. وقد أشارت تقارير عدة سابقاً إلى أن وجوداً إسرائيلياً غير معلن ظهر في سقطرى عبر ترتيبات أمنية وفنية بغطاء إماراتي، ومنها أيضاً جمع المعلومات عن الساحل الغربي وباب المندب، وهو ما يتسق مع الحاجة الإسرائيلية لوجود "عيون" على خطوط الملاحة التي باتت عرضة لهجمات قوات صنعاء منذ الحرب على غزة.
واحدة من أهم النقاط في تقرير المعهد الإسرائيلي هي اعترافه الصريح بأن إسرائيل تسعى إلى تحالفات في البحر الأحمر استعداداً لمواجهة الحوثيين.
وبما أن الاعتراف بأرض الصومال غير ممكن بدون ضوء أخضر أمريكي – خليجي، توصي الدراسة بأن تبقى العلاقة "تحت عتبة الاعتراف الرسمي"، عبر: فتح مكاتب تمثيلية، تنسيق أمني غير معلن، تبادل محدود للخبرات، خطوات رمزية مثل الاعتراف بجوازات السفر.
وهذه الآليات هي نفسها التي اعتمدت عليها الإمارات طيلة سنوات في بناء وجودها في سقطرى والمخا والمكلا، قبل أن تتحول إلى نفوذ شبه كامل.
إن السعي الإسرائيلي لبناء قواعد ونقاط نفوذ في أرض الصومال لا يمكن فصله عن الدور الإماراتي، سواء في القرن الأفريقي أو في جنوب اليمن. فالإمارات توفر لإسرائيل المظلة السياسية، والبنية اللوجستية، وشبكة النفوذ الساحلي، والفصائل المحلية المتحالفة معها.
وفي المقابل، تستفيد أبوظبي من دعم تل أبيب في تثبيت دورها الإقليمي وحماية نفوذها البحري.
هذا التخادم يعيد رسم مشهد البحر الأحمر كمنطقة صراع مفتوح تتداخل فيه خطط تل أبيب والرياض وأبوظبي وواشنطن، بينما تتحول الفصائل اليمنية الجنوبية إلى أدوات ضمن هندسة أكبر تستهدف صنعاء وباب المندب.
المصدر:
البوابة الإخبارية اليمنية