أبرز ما كشف عنه الأدميرال رافهد هو أن اليمنيين أظهروا "قدرات لم يتوقعها كثيرون"، مشيرا إلى تنفيذ "عمليات بحرية معقّدة" شكلت تحديا صعبا للولايات المتحدة ودول التحالف. هذا الوصف يتجاوز الإقرار البسيط ليؤكد على الجودة والتعقيد في التخطيط والتنفيذ العملياتي للقوات اليمنية، والتي نجحت في اختراق منظومات الرصد والحماية المتقدمة لأكبر أساطيل العالم.
الأهم من ذلك، سلط الأدميرال الأمريكي الضوء على الميزة التكتيكية الساحقة التي حققها اليمنيون في معركة الكلفة مقابل الفعالية. حيث أقرّ بأن الهجمات المضادة التي نفذها التحالف الأمريكي وكيان العدو كانت "غير متكافئة من ناحية الكلفة". واستدلّ على ذلك بنجاح الدفاعات اليمنية في إسقاط العديد من طائرات المراقبة والاستطلاع الأمريكية عالية التكلفة من طراز MQ-9(التي تُقدر قيمتها بعشرات الملايين من الدولارات) باستخدام أسلحة مضادة للطيران "رخيصة الثمن عالية الكفاءة".
هذا التباين يشي بأن القوات اليمنية قد تبنت استراتيجية "الإجهاد الاقتصادي" للعدو. فبينما يضطر التحالف إلى استهلاك ذخائر باهظة الثمن أو خسارة أصول جوية وبحرية قيمة جدًا في مواجهة أسلحة بسيطة وفعالة، يتضاعف الضغط المادي والعملياتي عليه. هذا النجاح في فرض استراتيجية استنزاف غير متكافئة هو ما دفع الأدميرال الأمريكي إلى الإقرار الصريح بـ فشل التحالف الأمريكي "حارس الازدهار" الذي أنشأه الرئيس بايدن، مؤكداً نجاح الحظر البحري الذي فرضه اليمنيون.
ـ دعوة للإنذار: ضرورة إعادة تقييم التهديد وعدم الاستهانة:
تضمن حديث الأدميرال رافهد ما يشبه دعوة إنذار صريحة لمراكز القرار في واشنطن وتل أبيب، وهي دعوة مبنية على دروس ميدانية قاسية. فقد أكد الأدميرال أن "التجربة اليمنية تدعو لعدم الاستهانة بقدرات اليمنيين". هذا التحذير يؤكد أن التقييمات الأولية التي سعت لتقزيم القدرات اليمنية واعتبارها مجرد "قوارب صيد" أو "مسيرات بدائية" قد سقطت عملياً في مواجهة حقيقة الميدان.
إن الإقرار بهذه القدرات من قبل قائد أسطول سابق يعني أن اليمن لم يعد يمتلك مجرد أدوات، بل أصبح يمتلك منظومة دفاعية وهجومية متكاملة تتمتع بالمرونة، وقادرة على التكيف والرد بفعالية عالية على أعقد التهديدات. النجاح المتواصل في استهداف الملاحة المرتبطة بالعدو وتوثيق إسقاط الطائرات الأمريكية يؤكد أن اليمن قد دخل مرحلة متقدمة من الردع الاستراتيجي.
وفي سياق هذه الدروس المستفادة، دعا الأدميرال الأمريكي إلى "الاستثمار في منظومات قادرة على الدفاع ضد تهديدات من النوع الذي يمتلكه اليمنيون". هذا المطلب هو اعتراف ضمني بأن المنظومات الدفاعية الحالية للولايات المتحدة وحلفائها - المصممة للتعامل مع "الدول التقليدية" - لم تعد فعالة في مواجهة التهديدات الذكية منخفضة التكلفة والمنسقة التي يطلقها اليمن.
في الختام، يمثل اعتراف الأدميرال رافهد شهادة قوية على أن القوات اليمنية قد نجحت في ترسيخ مكانتها كقوة ردع إقليمية لا يمكن تجاوزها، وأن استراتيجيتها قد أثبتت تفوقاً تكتيكياً وهزيمة استراتيجية للتحالف البحري الأقوى في العالم. إن هذه القدرات، التي وُصفت بأنها "غير متوقعة"، تعزز معادلة النصر والتحدي في مواجهة قوى العدوان.
- نقلا عن عرب جورنال
المصدر:
البوابة الإخبارية اليمنية